-ما هي اكتشافات النحل في التلوث البيئي؟
-أول بداية مكثفة للنحل في مجال الكشف عن التلوث البيئي كانت في منتصف السبعينات عندما عانت الولايات المتحدة من نقص في مصادر الطاقة وقررتإن تنشئ 30مصنعا لإنتاج الفحم وسط شرق الولايات المتحدة في وقتها لم يكن لديه مفكرة عن الآثار السلبية لهذه المصانع على الكائنات الحية والبيئة فاستعانوا بمتخصصين في علوم الحياة لدراسة هذه الآثار ووجد في حينها إن نحل العسل من أفضلا لكائنات التي قد تقوم بهذه المهمة. وفعلا عندما نفذت الدراسات وجد انه بواسطةالنحل يمكن متابعة الغازات المتصاعدة إلى مسافة 30ميلا في وقت قياسي وبدقة وأناستخدام النحل تعتبر الطريقة الوحيدة التي يمكن بها متابعة تصاعد الغازات كل هذه المسافة الكبيرة، طبعا كانت بداية الدراسة مبسطة تتلخص في أخذ عينات من مما هوموجود داخل الخلايا وخاصة الهواء وتحليله لمعرفة محتوياته.
- وكيف كانت تلك النتائج؟
لفتت انتباه وزارة الدفاع الأمريكية ووكالة حماية البيئة وقررت دعم مشاريع بحثية بملايين الدولارات لمحاولةمعرفة قدرة النحل على اكتشاف أماكن الألغام والأسلحة التي لم تنفجر وبعض الموادالسامة والخطيرة في المناطق التي تشكل خطورة على الإنسان.
- ما المميزات التي ينفرد بها نحل العسل، وتجعله يستطيع الكشف عن أي ملوث بيئي؟- نحل العسل مخلوق يعمل بإستمرار ويقوم بمئات الآلاف منالرحلات يوميا قد تصل إلى 200الف رحلة خارج خلاياه التي يسكنها لجمع الغذاء، ومعظمهذه الزيارات تكون في محيط 3كيلومتر من خلاياه في جميع الإتجاهات ولكن بعضها قد تصلالمسافة التي يبحث فيها إلى 6كيلومترات يبحث في هذه الرحلات في كل ركن وفراغ عنمصدر غذاء ومن اجل ذلك يعمل النحل كمحطات لمصادر عينات مختلفة. والنحل يعمل مثلممسحة الغبار أينما يذهب يلتقط عينات من الكيماويات الجراثيم والروائح الموجودة فيالجو وعينات من التربة وعينات من المياه وعينات من النباتات وخاصة من حبوب اللقاحوالرحيق وصمغ النحل بما تحتويه من ملوثات إن وجد. ولذا جسم النحل يتميز بأنه يحتويعلى شعر متفرع وهذا يختلف عن الحشرات الأخرى، حيث إن التفرع هذا يساعده على غذائهالبروتيني وهي حبوب اللقاح التي يجمعها من الأزهار للعودة بها الى خلاياه وهذهالصفة جعلت من السهولة إن يجمع عينات من كل شيء يقابله أثناء طيرانه وخاصة إن هذاالشعر يولد شحنة كهرباء ساكنة تجذب أي جزيئات تصادفها في الهواء بما في ذلكالملوثات والمواد المستخدمة في الأسلحة البيولوجية والمتفجرات، كذلك النحل يستنشقويستهلك كمية كبيرة من الهواء أثناء طيرانه ويجمع كمية كبيرة من الماء للشرب وتلطيفخلاياه وبهذه الطريقة يجمع عينات من الملوثات الموجود في الهواء والماء.
- ماهي استخدامات النحل الحالية فيما يخص التلوث؟
يستخدم النحل في الوقت الحالي بشكل واسع النطاق في الكشف والتخلص منأهم الملوثات على وجه الأرض حسب ما يصفها ويصنفها بعض العلماء وهي الألغام الأرضية
- كيف يستطيع النحل كشف ألغام زرعت تحت الأرض؟
فقط أريد أن أبين على أن الألغام تعتبر سلاح الفقراء لذا نقرا عنإنتشارها في الدول النامية خاصة آسيا وإفريقيا أكثر من أي دول أخرى وحسب تقديراتالصليب الأحمر يكلف اللغم مع زراعته بين 3- 10دولار ولكن إزالته تكلف 1000دولارللوحدة الواحدة ، ويوجد حوالي 50دولة تنتج هذه الألغام أنتجت حوالي 200مليون لغمخلال ال 25سنة الماضية. وكما هو معروف إن الألغام المضادة للإنسان عادة تحتوي علىمتفجرات بين 5الى 250جراما وتشتعل تحت ضغط بين 5الى 50كيلو جراما، أما الألغام التيتزرع بهدف إصابة السيارات والدبابات فإنها تحتوي من 2الى 9كيلو جرامات متفجراتوتنفجر عند حصول ضغط عليه بوزن بين 100الى 300كيلو جرام.
- ما أهم ما يميز استخدام النحل في الألغام؟
حقيقةأهم ما يميز استخدام النحل انه يوضع خارج حقل الألغام وليس داخله وبحجمه الصغيرالذي لا يتجاز عشرة جرامات لا يستطيع يفجر أي من هذه الألغام. وعن كيفية استخدامالنحل في الكشف عن مكان الألغام وتحديد مكانها بدقة فإن حاسة الشم الحادة التييملكها النحل هي التي مكنته من التميز في هذا المجال. والنحل ليس لديه انف مثل كثيرمن الكائنات الحية الأخرى ولكنه يشم عن طريق شعيرات دقيقة على قرون الإستشعار، حيثكما هو معروف أن النحل لديه زوج من قرون الإستشعار يحتوي على 16000شعرة حسية وحوالي 6000نقرة بيضاوية الشكل مسؤولة عن حاسة الشم . وفي بداية الدراسات كان النحل يُطلقفي حقل أو منطقة معينة وعند عودته الى خلاياه تفحص محتويات المواد التي يحملها مثلحبوب اللقاح والرحيق وصمغ النحل أو يؤخذ النحل كاملا ويغسل وأحيانا يتم هرسه لمعرفةما به من مواد عالقة وكذلك يتم أخذ عينات من الهواء الموجود داخل الخلايا وتحليل مابها من كيماويات ومواد طيارة وروائح وغير ذلك . هذه الطريقة تعطي فكرة وحصرا مبدئياعن الملوثات الكيماوية والحيوية الموجودة في المنطقة حول خلايا النحل ولكن لا تحددبدقة مكان الملوثات.
حاليا تم تدريب النحل خلال 48ساعة على التوجه والبحثوإيجاد مادة معينة بذاتها سواء هذه المادة داخلة في تركيب اللغم أو المتفجر أو فيتركيب مخدرات وعبارة عن إشعاع صادر من مفاعل نووي أو غبار أو رائحة معينة صادرة منمنطقة أو مصنع ما أو رائحة أو مادة موجودة في جثة متعفنة.
القائم بتدريبالنحل يوفر غذاء للنحل بالقرب من الخلية ومضاف على هذا الغذاء عينة من المواد التييُرغب من النحل البحث عنها واكتشاف وجودها، بهذه الطريقة يأخذ النحل فكرة بأن هذهالرائحة تعني غذاء سهل الحصول عليه بعد ذلك بيوم أو يومين يصبح النحل منجذبا لرائحةالمادة المخلوطة مع الغذاء ويزال الغذاء من أمام النحل ثم يترك النحل ليبدأ فيالبحث في المنطقة في محيط عدة كيلو مترات من خلاياه وبهذه الطريقة يجد أي بقعة تصدرالرائحة التي عرضوه لها وهي عبارة عن الكيماويات المنبعثة من المواد المتفجرة التيتنتشر خلال التربة وينشأ عنها رائحة ينجذب لها النحل كما ينجذب للرحيق أو مواد أخرىفي مكان أخر غير التربة.
بالطبع النحل هنا لا يجد غذاء في الحقل وإنما يبحثلساعات وربما أيام يتجمع حول المنطقة التي يصدر منها رائحة تشبه رائحة المادةالمخلوطة مع غذائه.
من السهولة معرفة إذا كان النحل وجد إي ملوث، وذلك حيثيتم ذلك بتقدير عدد النحل الذي يتبع الرائحة بإتجاه وفوق مصدر الرائحة، عدد النحلفوق مصدر الرائحة يُجمع مع مرور الوقت ثم يقارن مع عدد النحل فوق المناطق الأخرىالتي لا تحتوي على مصدر روائح، بمعنى أخر ترسم خرائط لكثافة النحل فوق أي منطقةباستخدام العين المجردة أو الكيمرات أو عداد الليزر.
وجد أن النحل يتعرفعلى مكان الرائحة بالقرب منها بعدة أمتار بعد ذلك يتتبع الرائحة حتى يصل لها مباشرةوأثبت الدراسات ان النحل يستطيع أن يجد روائح المتفجرات على اقل مستوى يوجد فيمناطق الألغام المزروعة.
الطريقة التي يتابع بها النحل فوق المناطق الملوثةتطورت عام 2003م وهي تقنية استشعار عن بعد تسمى الليدر (Light detection and ranging) وهي تشبه الرادار ولكن تستخدم الضوء بدلا من الموجات ترسل إضاءة ليزرخضراء كل 26ثانية فوق منطقة معينة سبق أن وجه النحل ليطير عليها وتعمل هذه التقنيةبأن أشعة الليزر التي تصدم بالنحل تنعكس الى جهاز الإستقبال المرافق لجهاز الليزرالذي بواسطته يمكن تحديد مكان النحل وكما وضحت القياسات أن النحل والغبار والأجزاءالصلبة تعكس أشعة ضوئية اكبر من الموجود في الفضاء المحيط.
ميكانيكية مكان النحل
ميكانيكية تحديد مكان النحلالطائر في حقل مفتوح تتم بواسطة التقاط الليزر لذبذبات حركة الأجنحة الصادرة منالنحلة الطائرة، حيث انه من المعروف أن النحلة الطائرة تحرك جناحها 270مرة فيالثانية.
الوقت بين خروج وميض الليزر ورجوع الإشارة الى جهاز الإستقباليستخدم لقياس المسافة بين النحل وجهاز الليدر ثم ترسل المعلومات الى الكمبيوتر وتعلمالأماكن على الخرائط.
بالنسبة لهذه الطريقة ببساطة تستخدم المقارنة بينكثافة النحل الذي يطير فوق اللغم المدفون وكمية النحل في المناطق المحيطة باللغم.
من الأشياء الأخرى التي استخدم فيها نحل العسل للكشف عن الملوثات كان مشروعدعمته وزارة الدفاع الأمريكية عام 1990م للإستفادة من النحل في الكشف عن وجود 300مادة محتملة بالقرب من قاعدة أمريكية في حينها صمم العلماء جهاز يتم بواسطتهإدخال أنبوب الى خلايا النحل واخذ عينات من الهواء الموجود فيها بما فيها منكيماويات ومواد طيارة وتم الكشف في حينه عن وجود معادن ثقيلة ومواد مشعة وموادطيارة.
كذلك أستخدم النحل في الكشف عن وجود مواد مسرطنة ومخلفات أخرى قرباحد القواعد العسكرية وقد كشف النحل عن وجود هذه المواد وذكر الباحثون في وقتهاأنهم حصلوا على نتائج غير متوقعة وهي أن هناك ملوثات كثيرة صادرة من ورش السياراتالتي ترمي المخلفات حول الورش ومن عوادم السيارات في بعض الطرق المزدحمة وان هذهالملوثات سجلت بشكل كبير في نتائجهم.
استخدم النحل أيضا في مناطق خطرة مثلالمفاعل النووي في واشنطن وفي كرواتيا عندما حصل التسرب من مفاعل تشرنوبل.
- وماهي أخر تطورات هذا المجال؟
منالتطورات التي حدثت في هذا المجال هو صناعة بما يسمى خلية الكترونية أو خلية ذكيةوهي عبارة عن تجميعه من أجهزة حساسة والكترونيات لقياس كل ما يراد قياسه داخلالخلايا وتحتوي هذه الخلايا على تقنية تسمح بسهولة بعد النحل الداخل والخارج منالخلية وتسمح هذه التقنية أيضا بمعرفة إي تصرفات غير طبيعية للنحل ومنها كمية النحلالتي تطلع من الخلايا ولا تعود إليها أو معرفة إي شيء يؤثر على تصرفات النحل أويقتله وهذا مؤشر يستفاد منه حيث أن أي شيء يقتل النحل يؤثر بطريقة أو بأخرى علىالإنسان.، كما تحتوي الخلية الذكية على محطة أرصاد مصغرة لقياس درجات الحرارة ونسبةالرطوبة داخل وخارج الخلايا وسرعة واتجاه الرياح.
تبرمج هذه الخلايا أحيانابحيث تقيس اقل كمية أو أعلى كمية من الملوثات داخل الخلايا وعندما تصل الكمية بهاالى الكمية المحددة فإن الخلايا تأخذ عينات منها وترسل المعلومات الى المعمل ليتمتحليلها.
الخلية الحديثة عبارة عن نظام متكامل عن طريقها يمكن مراقبة منطقةمعينة والكشف عن الملوثات سواء كانت جزيئات أو جراثيم ممرضة مثل الأنثراكس وتعتبرالخلايا الحديثة رخيصة الثمن جدا مقارنة بأي وسيلة أخرى للكشف عن الملوثات وتحديدمواقعها.
بالإضافة الى ذلك فان الخلايا الحديثة قد تفيد في حالة الهجومبسلاح كيماوي بواسطة الميزة التي تملكها وهي معرفة حركة النحل الداخل والخارجومعرفة عندما لا يعود النحل الى خلاياه حيث أن هذا مؤشر الى وجود مشكلة كبيرة عندذلك يؤخذ عينات ليحدد السبب، أيضا يستفاد من هذه الخلايا أنها تستخدم لمصلحة النحلنفسه وذلك لحماية النحل من المبيدات الكيماوية التي تستخدم لمكافحة الآفات الزراعيةوالصحية.
العمل في هذا المجال لا زال يدعم ويطور ومن الأشياء التي بدأمجموعة من الباحثين في تطبيقها هي رش النحل بمادة عاكسة للضوء وعندما تصدم بها أشعةالليزر تعكس الضوء وتلتقط الإشارة ثم ترسل الى الكمبيوتر لتحلل وترسم خرائط لمواقعالملوثات.
أيضا مجموعة أخرى من الباحثين وضعت جهاز إرسال بحجم حبة الرز علىظهر النحلة حيث يقوم هذا الجهاز بإرسال معلومات عن مسار وموقع النحل الى الجهازالمثبت في الخلية. ومن التطبيقات التي تستخدم فيها هذه التقنيات بواسطة الجيشالأمريكي حاليا هي الكشف عن الألغام في أفغانستان والكشف عن بعض الملوثات في العراق