نوجز نقاط الإعجاز العلمي الحديثة عن الصوم في المنهج الإسلامي كالأتي:
1-أن الضبط الذاتي الذي يلتزم به الصائم بيولوجيا ونفسياً وسلوكياً .. إبتداء من الامتناع عن الأكل والشرب والجماع ، وانتهاء بكف الأذى وغض البصر .. يمنحه تدريباً عالياً وقدرة جيدة على التحكم في المدخلات والمثيرات العصبية مع القدرة على خفض المؤثرات الحسية ومنعها من إثارة مراكز الإنفعال لديه بدرجة ترتبط بخفض الإثارة في نشاط التكوين الشبكي في المخ .. وهذه الحالة هي درجة من الحرمان الحسي deprivation Sensory . ولقد ثبت أن تقليل المؤثرات الحسية له تأثيرات إيجابية على النشاط الذهني والقدرة على التفكير المترابط العميق والتأمل والإيحاء .. وإن الضبط الذاتي قد اتبع في أغلب الأديان وبواسطة الأنبياء والحكماء والمفكرين .. وأنه يمنح الإنسان قدرات عالية على الصفاء والحكمة والتوازن النفسي.
2-إن تحمل ألم الجوع والصبر عليه يحسن من مستوى مادة السيروتونين Serotonin وكذلك ما يسمى بمخدرات الألم الطبيعية التي يقوم المخ بإفرازها وهي مجموعتان تعرفان ب : (1) مجموعة الأندورفين Endorphins وتتركب من 31 حمضاً أمينياً Amino Acids مستخلصاً من الغدة النخامية Pituitary Gland ولهذه المواد خواص في التهدئة وتسكين الألم أقوى عشرات المرات من العقاقير المخدرة والمهدئة الصناعية (2) مجموعة الانكفالين Enkephalins وتتركب من عدد 5 أحماض أمينية Amino Acids وتوجد في نهايات الأعصاب . ولكي يستمر إفراز هذه المواد المهدئة والمسكنة والمزيلة لمشاعر الألم والإكتئاب لابد أن يمر الإنسان بخبرات حرمان ونوع من ألم التحمل وأن يمتنع عن تناول المواد والعقاقير التي تثير البهجة وتخدر الألم خاصة الأفيون ومشتقاته وبعض العقاقير المخدرة الحديثة .
3-يحتاج تعلم الصبر والإرادة إلى تدريبات وردت في كثير من دراسات علم النفس الحديثة .. ويمثل الصوم تدريباً يومياً منظماً يساعد الإنسان على تغيير أفكاره واتجاهاته وسلوكه بصورة عملية تطبيقة تشمل ضبط وتنظيم المراكز العصبية المسئولة عن تنظيم الاحتياجات البيولوجية والغرائز من طعام وجنس ، وأيضاً الدوائر العصبية والشبكات الترابطية الأحدث التي تشمل التخيل والتفيكر وتوجية السلوك .
4-يساعد الصوم على حدوث تفكك نوعي في الحيل النفسية Mental Mechanisms وهي حيل وأساليب لا شعورية يلجأ إليها الفرد لتشويه ومسخ الحقيقة التي لا يريد أن يقبلها أو يواجهها بصدق ، وذلك حتى يتخلص من المسئولية ومن حالة التوتر والقلق الناتجة عن رؤية الواقع الذي يهدد أمنه النفسي واحترامه لذاته .. فهي مثل الأكاذيب التي بلغت درجة التصديق والمعايشة على المستوى اللاشعوري .. وهذا الحيل النفسية أنواع متعددة مثل الكبت والإسقاط والإنكار، ولكن أكثرها مقاومة وتشويهاً للواقع ما يسمى بحيلة العقلنة Intellectualization ، حيث يستخدم الفرد الفهم الخبيث غير المسؤول محل الفهم الصادق الذي يحرك الإنسان لعمل الخير والإحسان. ولقد وجدت ضعف أغلب هذه الحيل المعوقة للنمو الإنساني خلال الصوم وأثناء جلسات العلاج النفسي ويحدث هذا الإنهيار للحيل الدفاعية مع الصائم العادي كلما ازداد خشوعه وصدقه.. وقد لاحظت ارتباط ذلك باتساع دائرة الترابط بين التفكير الواعي والعقل الباطن بما يسمى بعملية Information processing أي إعادة تنسيق المعلومات على مستويات المخ المختلفة وهي تماثل إعادة برمجة العقل.
5-يساعد الصوم على ممارسة خلوات علاجية ، وتأمل ، مما يساعد الفرد على الخروج من دوامة الصراعات اليومية والتوتر وإهدار الطاقات النفسية والذهنية ، وإصدار أوامر للعقل بالتسامح والعفو ..
6-يحدث أثناء الصيام تعديل مستمر للحوار الذاتي وما يقوله الفرد لنفسه طوال اليوم من عبارات وجمل تؤثر في أفكاره وإنفعالاته . ويمثل الصوم فرصة لغرس معاني وعبارات إيجابية مع الاستعانة بالأذكار والدعاء وممارسة العبادات بانتظام .. ويحدث ذلك في اطارمبادئ علم النفس الحديثة حيث يتم التعلم من خلال التكرار واتباع قاعدة التعليم المتدرج، التعلم بالمشاركة الفعالة ، وأسلوب توزيع التعلم .. كل ذلك في اطار منظومة متكاملة تسمح بإعادة برمجة حقيقية للجهاز العصبي والسلوكي .. وتعديل التفكير وتغيير العادات .. وحيث يصبح الصوم عبادة وتأمل.. وأيضاً تعديل للنفس البشرية والتخلص من الإنفعالات والاضطرابات النفسية.. وإطلاق لطاقات العقل .