مع مَقدم شهر رمضان ينشغل الباكستانيون أول ما ينشغلون بإجراءات السفر
لعمرة رمضان التي يحرصون عليها حرصًا شديدًا، ولا يمنعهم عنها إلا ضيق ذات
اليد.
أما الذين يبقون في باكستان خلال الشهر؛ فإنهم يحرصون على الصوم والعبادات.
والشعب الباكستاني حريص بصفة عامة على الشعائر التعبدية خاصةً الصلوات
التي تمتد صفوفها إلى خارج المساجد وتُغلَق لها الطرقات وتُعطَّل لها حركة
المرور.
وفي نهاية شهر شعبان، وبعد صلاة العصر، يذهب الناس إلى أماكن مرتفعة يقفون
فوقها لرؤية هلال شهر رمضان المُبارَك، وبعد التأكد من رؤيته يذهبون إلى
الأسواق لشراء لوازم السحور، وبعد تأديتهم لصلاة العشاء يعودون إلى منازلهم
وينامون، وقبل السحور بساعتين يصحو الجميع من نومهم على أصوات قارعي
الطبول ومُردِّدي الأهازيج الدينية؛ وعلى أصوات تشبه الأصوات الحادة التي
تُصدرها سيارات الإسعاف والإطفاء التي تدور خصيصًا لإيقاظ النائمين
وينصرفون إلى تناول السحور.
وبعد تناول الطعام تتم تأدية صلاة الفجر ثم النوم قليلاً، ومن بعد ذلك
يستيقظون جميعًا وهم صيام؛ الأطفال يذهبون لمدارسهم والآباء يذهبون إلى
أعمالهم.
وتنتشر في باكستان "أسواق الجُمُعة" حيث يأتيها الناس من مُختَلَف الأحياء
لشراء حاجاتهم المختلفة بأسعار مُخفَّضَة. وينتشر في رمضان باعة "البكولة"
وهي قطع صغيرة من العجين محشوة بلحم صغير وبصل محمر في الزيت، وتُعتبَر
وجبةً رئيسيةً في رمضان بجانبها شراب "روح آفزا" وهو يُستخرَج من النباتات
والأعشاب.
وتبدأ النساء الباكستانيات في وقت مبكر من النهار بإعداد الطعام للإفطار
والعشاء؛ ففي الإفطار يتم تناول المشروبات البادرة بالإضافة إلى بعض
الأطعمة الخفيفة. أما العشاء، والذي يتم تناوله بعد أداء صلاة التراويح،
فيكون دسمًا، ويتميز بكثرة ما يُوضَع به من البهارات الحارَّة. وتستمر هذه
الحال طوال العشرين يومًا.
أما في العشر الأواخر من رمضان فالوضع يتغير؛ حيث نجد الرجال يتناولون طعام
السحور مُجتمِعين في المساجد القريبة من منازلهم، وقبل وقت السحور يقرءون
القرآن الكريم ويتدارسونه فيما بينهم.
أما في شهر رمضان فيقوم البعض بتوزيع الحلويات بين الناس ابتهاجًا بقدوم
العيد، كما أن الأسواق تبقى مفتوحةً طوال الأربع والعشرين ساعةً؛ لتلبية
طلبات الناس الذين يقبلون عليها لشراء لوازم العيد.
وقبل صلاة العيد يلبس أهالي باكستان ملابسهم الجديد ويتجهون إلى الساحة
الشعبية؛ ليؤدوا صلاة العيد، وعند مقابلة الباكستاني في صلاة العيد لأخيه
المسلم يحتضنه ويقبله ثلاث مرات على كتفيه، ويبادله الآخر هذه القبلات. كما
يهنئون بعضهم بتبادل الزيارات.