هو "الحارثة بن النعمان" أحد الأنصار الذين ناصروا الرسول صلى الله عليه وسلم في "المدينة المنورة"، شهد غزة "بدر".
كان من أبرز صفاته بره بأمه وتدينه وحرصه على الجهاد في سبيل الله تعالى وذلك سواء في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أو في عهد الخلفاء الراشدين وبخاصة في عهد سيدنا "عثمان بن عفان"رضي الله عنه.
إسلامه
جاء إسلام هذا الصحابي الجليل "الحارثة بن النعمان" بعد بيعة "العقبة" وقد أسلم على يد "مصعب بن عمير" رضي الله عنه حين ابتعثه الرسول الكريم لكي يعرف أهل المدينة بتعاليم الدين الحنيف وذلك بعد أن بايعه مسلمو المدينة في بيعة العقبة واطمئن لاستقرار الإسلام هناك وأسلمت أسرت ابن النعمان كلها معه، وقد كان "الحارثة بن النعمان" في طليعة من استقبلوا الرسول عليه الصلاة والسلام عند حضوره مهاجرا إلى "المدينة المنورة".
خصاله الشخصية وأعماله في خدمة الدعوة الإسلامية
كان "الحارثة بن النعمان" من أبر أهل الأرض بأمهم، فكان يطعمها بيده حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم رآه في المنام يقرأ القرآن الكريم في الجنة جزاءً لبره أمه في الدنيا وقد بلغ حبه لوالدته أنه فرح أشد الفرح عندما أسلمت والدته "جعدة بنت عبيد"، ومن المواقف الأخرى التي تدل على عظم هذه الشخصية الإسلامية أنه لقي الرسول صلى الله عليه وسلم سائرًا فألقى السلام فرد الرسول الكريم ثم أخبر ابن النعمان فيما بعد أنه كان سائرًا مع "جبريل" عليه السلام وأن جبريل رد السلام على ابن النعمان.
وقد عمل هذا الصحابي الكريم على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والجهاد في سبيل الله تعالى ومن مواقفه مع الرسول الكريم أنه ترك لـ"علي بن أبي طالب" منزله الذي كان يجاور منزل النبوة في "المدينة المنورة" لكي يسكن علي مع السيدة "فاطمة الزهراء" رضي الله عنها وأرضاها بعد أن تزوجا في منزل بعيد عن منزل الرسول عليه الصلاة والسلام، إلى جانب ذلك كان من الذين شاركوا في غزوة "بدر" وكذلك غزوة "حنين" وكان في يوم "حنين" من المائة الصابرين الذين ثبتوا حول الرسول صلى الله عليه وسلم وكان الجزاء الإلهي لصبره وثباته في هذا اليوم أن قال سيدنا "جبريل" عليه السلام لرسول الله عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى تكفل برزق ابن النعمان رضي الله عنه في الجنة، وكان من فرط حبه للرسول الكريم انه يتمنى لو بذل كل ما يملك في سبيل الله تعالى.
وقد استمر على إخلاصه في سبيل الدعوة الإسلامية بعد وفاة الرسول الكريم ويٌذْكَرُ عنه أنه قال لسيدنا "عثمان بن عفان" رضي الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين حين حوصر: "إن شئت وقفنا دونك" وذلك في محاولة منه لحماية سيدنا عثمان قبل استشهاد خليفة المسلمين.
وفاته
توفي "حارثة بن النعمان" رضي الله عنه وأرضاه على عهد الخليفة الأموي "معوية بن أبي سفيان" وقد كان في حياته ساعيا على الدوام لمرضاة الله تعالى وإرضاء رسوله الكريم، وكان من أكثر الناس حرصا على رفع كلمة الحق ونشر دعوة الله تعالى وقد بلغ من تقواه أن بارك الله تعالى له في ذريته فكان منها "محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان" أحد المحدثين، وقد قال الإمام الذهبي عن "الحارثة بن النعمان" أنه كان دينا خيرا بارا بأمه، وهذه الصفات التي ينبغي على كل مسلم أن يتحلى بها في حياته لكي ينال بعضا مما نال ابن نعمان في الحياة الدنيا من حب الرسول الكريم وفي الآخرة من رضوان الله تعالى.