غزوة حنين :
وكانت في العاشر من شوال للسنة الثامنة من الهجرة بعد فتح مكة
وسببها أن الله لما فتح مكة لرسوله ظن زعماء هوازن وثقيف أن رسول الله سيتوجه إليهم بعد الانتهاء من أمر مكة ، فعزموا بالقتال ، فأمروا عليهم مالك بن عوف وهو يومئذ ابن ثلاثين ، فأمرهم أن يسوقوا معهم إلى المعركة أموالهم ونساءهم وأبناءهم ليكون ذلك أدعى إلى ثباتهم في القتال ، وقد بلغت عدتهم في هذه المعكرة المرتقبة ما بين عشرين ألفاً إلى ثلاثين ،وقد عزم رسول الله عزمه على الخروج لقتالهم . فخرج كل من كان بمكة ، الذين قدموا معه في المعركة، ومن انضم اليهم بعد ذلك ممن اسلم حديثاً وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اذا كان في حنين خرجت عليهم هوازن وحلفاؤها في غبش الصبح ، فحمل ، فانكمشوا وأنهزموا ، فاشغل المسلمون بجمع فاستقبلهم المشركون بالسهام فانفرط عقدهم ، وفر أهل مكة الجدد ، وبقي رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتاً على بغلته " أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب " ، وكان قد اشيع بين الناس ان النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل ، فألقى كثير منهم سلاحه يائساً ، ولكن نفراً من المهاجرين والأنصار ثبتوا حوله ، وأخذ العباس ، وكان جهوري الصوت ـ ينادي في المسلمين : إن رسول الله لا يزال حياً ، فعاد اليه من كان مدبراً ، وتكاثر المؤمنون حتى استطاعوا أن ينتصروا مره أخرى ، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، وبلغت غنائم العدو ومبلغاً كبيراً ، وقد فرق الرسول صلى الله عليه وسلم الغنائم على حديثي الاسلام من أهل مكة تأليفاً لقلوبهم ، ولم يعط منها الأنصار شيئاً اعتماداً على إيمانهم وصدق إسلامهم .
وقد نزل من القرآن في هذه المعركة : ( لَقَدْ نََصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَينٍ إِذْ أعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتْكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً ، وَضَاقَتِ عَلَيْكُمْ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ، ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرين ، ثُمَّ أنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلى المُؤْمِنِين ، وَأنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذّبَ الذِينَ كَفَرُوا ، وَذَلِكَ جَزَاءُ الكَافِرِين ) [ التوبة : 25 ] . وكانت هذه الغزوة آخر معركة ذات شأن بين الاسلام والمشركين . لم يلبث العرب بعدها أن كسروا الأصنام ، ودخلوا في دين الاسلام .