تنبيهات تتعلق بالسعي
الأول: يستحب أن يسعى المحرم وهو على طهارة كاملة من الأحداث والنجاسات، فإن ذلك هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه توضأ قبل أن يطوف ويسعى، ولذلك فهي مستحبة عند أكثر أهل العلم. وجمهور أهل العلم على أن السعي لا تشترط له الطهارة، فلو سعى المحرم على غير طهارة أو حاضت- المرأة بعد الطواف فالسعي صحيح ومجزئ، ومن أدلة ذلك قوله-صلى الله عليه وسلم للحائض والنفساء: افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري . فقد استنبط أهل العلم من هذا التوجيه النبوي الكريم أن غير الطواف من المناسك لا تشترط له الطهارة، فيصح من غير طهارة .
الثاني: الأفضل أن يسعى المحرم بعد الطواف مباشرة ، وأن يتم سعيه حتى ينتهي منه فإن هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لكن لو أخر السعي عن الطواف لمرض أو عجز أو نحو ذلك من الأمور الضرورية، ثم سعى في نفس اليوم ولو فى الليل فقد رجح جواز ذلك بعض أهل العلم. وهكذا لو احتاج إلى قطع السعي لصلاة فريضة، أو جنازة، أو ليستريح من تعب ونحو ذلك قطعه، ثم أتم ذلك إذا زال سبب القطع، ويبدأ من المكان الذي انتهى عنده من الشوط، فلا يحتاج أن يعيد من أول الشوط الذي قطعه، وسعيه صحيح على الصحيح من أقوال أهل العلم.
الثالث: إذا شك في عدد أشواط الطواف أو السعي:
فإن كان كثير الشك أي من عادته كثرته فلا يلتفت إلى ذلك، فإنه من الوسواس.
أما إن لم يكن كثير الشك:
فإن كان شكه بعد أن أتم الطواف والسعي، فإنه لا يلتفت إليه إلا إن استيقن أنه ناقص فيكمل النقص.
وأما إن كان الشك وهو في أثناء الطواف أو السعي، فلا يدري مثلا هل هو في الشوط الثالث أو الرابع، فإن ترجح عنده أحد الأمرين عمل بالراجح، وإن لم يترجح عنده شيء عمل باليقين وهو الأقل، فإذا تردد هل هو في الثالث أو الرابع ولم يترجح عنده شيء اعتمد أنه في الثالث وكمل ما بقي.
إذا أكمل السعي :
فإن كان معتمرا- في غير أشهر الحج- أو متمتعا بالعمرة إلى الحج لأنه في أشهره، فإنه يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل، إلا أن يكون متمتعا وكان قدومه قريبا من وقت الحج فيقصر ليترك شيئا من شعره للحج، فإنه صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالرحمة-. وفي لفظ: المغفرة ثلاث مرات، وللمقصرين مرة . وأمر صلى الله عليه وسلم الذين لم يسوقوا الهدي من أصحابه- وكان قدومهم صبح رابع من ذي الحجة- أن يحلوا بعد طوافهم ويقصروا، ولم يأمرهم بالحلق.
ولا بد من تعميم التقصير عض الجهال الذين يخدعهم الصبيان في المسعى، بأخذ شعرتين أو شعرات من أطراف الرأس، فإن هذا لا يجزئ و، يحصل به التحلل وكمال النسك.
والمرأة الواجشعر رأسها فتأخذ منه قدر أنملة وهي رأس الإصبع الذي فيه الظفر ويكفي ذلك في تحللها.
وبالحلق أو التقصير من المعتمر والمتمتع يكون قد تحلل من عمرته وفرغ من إحرامه فيحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام. ويكون حلال حلا تاما كهيئته في بلده.
وأما المفرد أو القارن الذي ساق الهدي فإنه لا يحلق ولا يقصر بعد السعي بل يبقى على إحرامه حتى يرمي الجمرة يوم العيد، ويحلق أو يقصر أو يطوف طواف الإفاضة وبذلك يتحلل التحلل الأول فإذا فعل الثلاثة كلها حل الحل التام.
ويشرع لمن أحرم بالحج وحده أو بالحج والعمرة ولم يسق الهدي إذا فرغ من السعي أن يقصر من رأسه ويحل من إحرامه فيجعلها عمرة، لما في الصحيح عن جابر- رضي الله عنه-: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في حجة الوداع أن يجعلوها عمرة، ويطوفوا ثم يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي . وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه، منهم ابن عباس وغيره.