لا شك أن الحج والعمرة من أفضل العبادات، والحج والعمرة ركن من أركان الإسلام مرة واحدة في العمر في حق المستطيع، وما زاد على ذلك؛ فهو تطوع من أفضل أنواع التطوع.
وينبغي لمن عزم على الحج والعمرة: أن يستقبل ذلك بتوبة صادقة مما سبق من ذنوبه وسيئاته ليؤدي هذا النسك وهو على أحسن حال، ون كان واجبًا على المسلم في الحقيقة أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى في كل أموره وفي كل حالاته، ولكنه يتأكد عليه ذلك في استقبال المواسم العظيمة؛ كموسم الحج، وشهر رمضان، وغير ذلك من مواسم العبادة.
وعلى من يريد الحج والعمرة أن يخلص النية لله سبحانه وتعالى في أداء حجه وعمرته؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [سورة البقرة: آية 196]؛ هذا أمر بإكمال مناسكهما على الوجه المشروع، خالصين لوجه الله، لا يكون فيهما رياء ولا سمعة ولا قصد من مقاصد الدنيا، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئٍ ما نوى" [رواه البخاري في صحيحه].
ثم عليه أن يختار النفقة الطيبة لحجه وعمرته؛ لأن المسلم مطلوب منه أن يتجنب المحرمات من الأطعمة والأشربة والمكاسب الخبيثة:
لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [سورة البقرة: آية 172].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [سورة المؤمنون: آية 51]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [سورة البقرة: آية 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟!" [رواه مسلم في صحيحه].
وهذا في كل سفر، لا سيما سفر الحج والعمرة؛ فهو أحرى بأن يكون خاليًا من النفقة من الكسب الحرام والمأكل الحرام، وهو إذ أدى حجه وعمرته بمكسب حرام لا يستجاب له دعاء، ولا يصح منه حج ولا عمرة.
ولهذا يقول الشاعر:
إذا حججت بمال أصله سُحتٌ ** فما حججت ولكن حجّت العير
ما يقبل الله إلا كل صالحـة ** ما كل من حج بيت الله مبرور
فعلى المسلم أن يعرف ذلك، وعليه أن يؤمن للحقوق المطلوبة منه ما يكفيها:
إذا كان عليه ديون؛ فلابد أن يكون قد وفر لهذه الديون سدادًا؛ فلا يجوز أن يحج وعليه ديون ليس عنده وفاء لها؛ فقضاء الديون أوجب عليه من أداء الحج والعمرة، بل لا يجب عليه حج ولا عمرة في حالة كونه مدينًا بالديون التي ليس عنه مال لأدائها؛ فلابد أن يكون لديه مال لأداء هذه الديون، وتكون نفقة حجه وعمرته فاضلة عن هذه الديون.
وعليه أن يؤمن نفقة من تلزمه نفقتهم، وهذه النفقة أيضًا مقدمة على الحج؛ لأن نفقتهم أقدم، ولا يجب عليه حج ولا عمرة إذا كان لا يملك ما يكفل من تلزمه مؤونتهم حتى يرجع من حجه.
وعليه أن يختار الرفقة الصالحة المحافظة على الطاعة؛ حتى ينتفع بهم ويتأسى بهم، ويتجنب الرفقة السيئة الذين يؤثرون عليه في سفره.
وعليه أن يتفقه في مناسك حجه وعمرته؛ حتى يؤديهما على الوجه المشروع، وذلك بأن يقرأ ما كتب من المناسك المفيدة قبل أن يباشر الحج والعمرة، حتى يكون على تصور تام من مناسكهما، حتى يؤديهما على الوجه المشروع.
وإذا كان لا يحسن القراءة فعليه أن يسأل أهل العلم عن كل ما خفي عليه؛ ليكون على بصيرة.
المفتي : صالح بن فوزان الفوزان