|
تلقى النبي -صلى الله عليه و سلم- القرآن من "جبريل" – عليه السلام -، وبلغه للناس كما نزل إليه من ربه، وقرأه ورتله عليهم ، وحث أصحابه على تعلمه وحفظه، فتسابق عدد منهم إلى ذلك، فحفظوه وعلموه، وكان في مقدمتهم : "أبى بن كعب" و"عبد الله بن مسعود" و"زيد بن ثابت"، و"معاذ بن جبل"، وكان النبي -صلى الله عليه و سلم- يفتخر بهم ويقول : |
"خذوا القرآن من أربعة، من عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبى حذيفة ومعاذ بن جبل وأبى بن كعب" (رواه الشيخان) | |
وبلغ من إعجاب النبي -صلى الله عليه و سلم- بعبد الله بن مسعود أن قال عنه : "من أحب أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد " (رواه ابن ماجة) وقد طلب منه النبي -صلى الله عليه و سلم- أن يقرأ عليه، فقال "ابن مسعود": أقرأ وعليك نزل ؟ ، فقال له : "إني أحب أن أسمعه من غيري"، فقرأ عليه سورة النساء، حتى إذا بلغ قول الله تعالى : |
" فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا" ( النساء 41) |
بكى النبي -صلى الله عليه و سلم- حتى ذرفت عيناه بالدموع . وكما تعلم الصحابة قراءة القرآن من النبي -صلى الله عليه و سلم- قاموا بتعليم غيرهم، فتعلم على يد الصحابي الجليل " أبي بن كعب" كثير من الصحابة من أمثال "أبى هريرة" و"ابن عباس" و"عبد الله بن السائب"، ومن التابعين "عبد الله بن عياش بن أبى ربيعة"، و"أبو العالية الرياحى"، وتتابع الناس في تلقى القرآن جيلاً بعد جيل حتى عصرنا، حيث لا نزال نتعلم القرآن، ونتلقاه من أفواه الشيوخ والقراء . |
· الحث على تعلم القرآن : |
كان النبي -صلى الله عليه و سلم- يدعو أصحابه إلى تعلم القرآن وقراءته ، ويشجعهم على حفظه، ويقدم حافظ القرآن على غير الحافظ، ويقول : "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم" . (رواه مسلم) وقد وردت عنه أحاديث صحيحة تحث على تعلم القرآن من ذلك : |
- قوله -صلى الله عليه و سلم- : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" (رواه البخارى). | |
- قوله -صلى الله عليه و سلم- : "اقرءوا القرآن فإنه يأتى يوم القيامة شفيعًا لأصحابه" .(رواه مسلم) |
- قوله -صلى الله عليه و سلم- : " الماهربالقرآن مع السفرة الكرام البررة، و الذي يقرأ القرآن و يتتعتع فيه و هو عليه شاق له أجران " (رواه البخاري) | |
- قوله -صلى الله عليه و سلم- "من قرأ حرفًا في كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول آلم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" . (أخرجه الترمذى) |
· كيفية تلاوة القرآن : |
ينبغي أن يتلو المؤمن القرآن الكريم كما كان يفعل رسول الله -صلى الله عليه و سلم- ، فقد كان يقطع قراءته، ويقف عند كل آية، فيقول مثلاً : "الحمد لله رب العالمين"، ويقف، ثم يقول : " الرحمن الرحيم "، ويقف، وهكذا، فكانت قراءته -صلى الله عليه و سلم- آية آية .. وعلى المسلم أن يقرأ القرآن مرتَّلا مجودًا، فيعطى كل حرف من حروف القرآن ما يستحق من النطق السليم على الطريقة التي كان يقرأ بها النبي -صلى الله عليه و سلم- . |
· ترتيل القرآن : |
وأفضل طرق قراءة القرآن الكريم هو الترتيل، على النحو الذي نسمعه من أئمة القراء المعروفين بالضبط والإتقان، من أمثال الشيخ "محمود خليل الحصرى" و"محمود صديق المنشاوى" و"مصطفى إسماعيل" في قراءاتهم المرتلة، التي تقوم على قراءة الآيات في تمهل من غير عجلة، مع الالتزام بأحكام القرآن، وقد أمر الله تعالى نبيه -صلى الله عليه و سلم- بالترتيل، فقال تعالى : |
" وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا" (المزمل 4) |
وعلى من يرتل القرآن أن يلتزم بحسن الأداء وتحسين الصوت، مع مراعاة أحكام التجويد، وألا يرفع صوته بالقراءة، وأن يقف على آخر كل آية من آيات القرآن؛ لأن من السنة الالتزام بذلك . |
· آداب الترتيل : |
ويفضل أن يلتزم القارئ للقرآن الكريم بآداب خاصة تليق بتعظم كلام الله- تعالى- من تلك الآداب. - أن يكون قارئ القرآن على طهارة كاملة، من حيث البدن والثياب والمكان الذي يقرأ فيه. ومع هذه الطهارة يستعمل السواك؛ لتكون رائحة فمه طيبة؛ لأن الملائكة تتأذى من الروائح الكريهة عند استماعها للقرآن . - ومن آداب التلاوة الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند ابتداء القراءة، وقراءة البسملة من أول السورة أو من حيث يبدأ . - أن يتوقف عن القراءة عند التثاؤب حتى يزول، لأن المرتل يخاطب ربه ويناجيه، والتثاؤب من الشيطان. - أن لا يقطع القارئ تلاوته بالحديث مع الناس لغير حاجة ملحة . |
· آداب الاستماع للقرآن : | |
و كما لقراءة القرآن آداب عند تلاوته فإن له آدابًا عند استماعه؛ لأن المستمعإنما يسمع كلام الله- تعالى- كما سمعه النبي -صلى الله عليه و سلم- من جبريل- عليه السلام، فعليه أن ينصت جيدًا للقرآن ويخشع قلبه ويتدبر معانيه، لقوله تعالى : |
" وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون "َ (الأعراف 204) |
وقال تعالى : |
" كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ" (ص 29) |