لا يمكن لإنسان أن يغير شخصيته تغييرًا جذريًا، هذا لا يمكن مطلقًا، لأن الشخصية في الأصل يعتمد بناؤها وتكوينها على عوامل مرسبة وعوامل مهيئة، ونعني بذلك التكوينات الغريزية والفطرية التي تساهم في بناء الشخصية والتي تتفاعل معها العوامل البيئية والحياتية والاجتماعية، ولكن يمكن للإنسان أن يوائم شخصيته بصورة أفضل.
وكل من يعتقد أن بشخصيته علة عليه أن يذهب ويستأنس برأي المختصين، لأن تقييم الشخصية في الأصل يعتمد على أربعة محاور:
1) ما يعتقده الإنسان حول شخصيته وحول نفسه، أي تقييمه الذاتي لسماته وصفاته.
2) رأي المختص وتقييمه للإنسان فيما يخص شخصيته.
3) ما يلاحظه الذين يعيشون مع هذا الشخص، كيف يرون شخصيته وطبيعته وصفاته.
4) إجراء بعض الاختبارات النفسية والتي تسمى باختبارات الشخصية.
هذه هي المحاور الأربعة التي من خلالها يتم تشخيص نوع الشخصية. والإنسان الذي يريد أن يغير بعض طباعه يجب أن يكون لديه القابلية ويكون له القبول ويكون له الاستعداد للتغيير.
والإنسان الذي يغير نفسه ولا مانع بالطبع أن يكون ذلك من خلال الاسترشاد برأي الآخرين، وكما ذكرنا هذا التغيير لن يكون تغييرًا جذريًا أو كاملاً.
الخطوة الأولى لأن يجعل الإنسان نفسه أكثر موائمة على ما هو مقبول اجتماعيًا، هو أن يفهم ذاته ويقيمها تقييمًا دقيقًا وصحيحًا: ما هي مصادر قوته؟ ما هي مصادر الضعف في شخصيته؟ ما هي صفاته؟ ما هي مزاياه؟ وبعد ذلك يجب أن يقبل شخصيته ويقبل ذاته، لأن الإنسان الذي لا يقبل ذاته أو يتمرد على ذاته لا يمكن أن يسعى في تغييرها، بعد ذلك يسعى للتغيير ويكون التغيير بـ:
1) التركيز على القيم الاجتماعية والقيم الإسلامية بصفة خاصة، قيم الأمانة، الصدق، التسامح، المولاة، الانتماء، وكل القيم الإسلامية الفاضلة، يجب أن يسعى الإنسان لأن يكون له نصيب حقيقي منها، وهذا من أفضل الوسائل والسبل التي تحسن وتغير من سمات الإنسان.
2) يكون التغيير أو الموائمة باتباع القدوة الحسنة، يجعل الإنسان لنفسه قدوة ويحاول أن يتسم ويتصف بسمات هذه القدوة، وقدوتنا دائمًا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا}، وصحابته الكرام، والإنسان أيضًا قد ينظر لبعض من حوله ويجد فيهم خصالا وميزات طيبة مثل خصال الشهامة، المروءة، الإقدام، المثابرة، التوكل، مساعدة الآخرين، الدافعية العالية، علو الهمة، هذه كلها مميزات قد نجدها تتوفر في من حولنا، ويمكننا الاسترشاد بها.
3) هناك أمور مهمة لتحسين سمات الشخصية وهذه تأتي من أن يعالج الإنسان قضايا الغضب إذا كان سريع الإثارة، الاتكالية، الاعتمادية، القصور، هذه كلها سمات سلبية في الشخصية لا بد للإنسان أن يعالجها ويغيرها، وبمجرد استيعاب أن للإنسان مشكلة وعلة في شخصيته يمكنه أن يتغير.
4) إدارة الوقت بصورة جيدة تؤدي إلى تحسن كبير جدًّا في أبعاد الشخصية، وترفع درجة الإنتاجية والفعالية.
5) الانضمام والانخراط في الأعمال الخيرية والتطوعية، نحن نركز على هذا الأمر كثيرًا، لأن الأعمال التطوعية تحسن البناء النفسي للشخصية.
6) التزود بالعلوم الدنيوية والعلوم الشرعية، لا شك أنه يرفع درجة الوعي المعرفي وهذا ينعكس إيجابًا على الشخصية.
هذه هي الطرق والوسائل التي يمكن أن نسميها مبادرات إيجابية لتحسين سمات الشخصية، وأما أفضل الطرق لتقوية الإرادة والعزيمة فهي باتباع ما يلي:
1- إدارة الوقت بصورة صحيحة، أن يضع الإنسان لنفسه خارطة زمنية، ومن خلال هذه الخارطة الزمنية يحقق أهدافه التي يريد أن يصل إليها.
2- التوقف التام عن مساومة الذات.
3- التوقف التام والابتعاد عن المماطلة مع النفس ومع الآخرين.
4- أن يشعر الإنسان بقيمته.
5- أن يكون دائمًا يدا عليا وذا همة عالية.
6- أن يكون غيورًا على دينه وأسرته وعرضه ونفسه.
7- أن يزود نفسه بالمعارف.
8- أن يكون نافعًا لنفسه ولغيره.
هذه هي الأسس الرئيسية لتقوية الإرادة والعزيمة، وهنالك بالطبع طرق ووسائل أخرى كثيرة لتقوية الإرادة والعزيمة، ولكن كلها تتمركز حول تحسين الدافعية الداخلية وذلك باستشعار المسئولية ووضع الأهداف وإدارة الوقت بصورة صحيحة والتزود بالمعارف كما ذكرنا