لم يكن سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم.. يمثّل أعظم شخصيات التاريخ لدى المسلمين فقط.. فهو كذلك وفوق ذلك.. لكن جموعا كثيرة من كبار المفكرين.. والأدباء.. والكتاب.. والعباقرة.. من ديانات مختلفة.. كتبوا عن النبي (محمد) ربما بأكثر مما كتب عنه في المكتبة الإسلامية.. نستعرض هنا بشكل يومي أهم وأبرز ما كُتِب عن شخصية الرسول العظيم.. عبْر عرض موجز لهذه الكتب.. ونقدم اليوم كتاباً جديداً..
شهِد كبار الزعماء والقادة ورجال السياسة الغربيين على عظمة نبيّ الإسلام، محمد صلى الله عليه وسلم، ويأتي على رأس هؤلاء القادة نابليون بونابرت (1769-1821) الذي أفصح في مذكراته عن إعجابه بعبقرية نبيّ الإسلام، ووصفه بأنه أعظم قائد عرفه التاريخ، كما أشاد بونابرت بالتشريع الإسلامي، فكتب في الباب الرابع من رسائله، يقول “أرجو ألا يكون قد فات الوقت الذي أستطيع فيه أن أُوحّد جميع الرجال العاقلين والمثقفين في الدولة، وأن أُنشئ نظام حكم متناسق، مؤسس على مبادئ القرآن، التي هي وحدها الصادقة، والتي يمكنها أن تقود الناس إلى السعادة”.
بطولات الرسول
كشفت مذكرات بونابرت، التي أُفرِج عنها مؤخرا، والتي تقع في نحو 300 صفحة عن إيمانه بالإسلام، بل إنه دعا الناس إلى الاستفادة من توجيهاته السامية.. ونحن لسنا بصدد مناقشة موضوع إسلام بونابرت، لكن حسبنا أن نتناول جانبا مما سجله هذا القائد العسكري التاريخي عن بطولات الرسول وعبقريته العسكرية يقول بونابرت: “إن الرسول صلى الله عليه وسلم أول من أحدث تغييرا ثوريا في العقيدة العسكرية، فجعل أتباعه يقاتلون تحت راية الدين”. مشيرا إلى أن الجهاد في الإسلام جوهره الكفاح والتغلب على المصاعب.
ويشير بونابرت إلى أنه “من دون عبقرية الرسول العسكرية الفذة ما كان ليبقى الإسلام وينتشر بعد وفاته”. وقد وصفه بأنه أول جنرال عسكري محنّك في الإسلام. وأنه لولا نجاح الرسول قائداً عسكرياً، ما كان للمسلمين أن يغزو الإمبراطوريتين الرومانية والفارسية.
تغيير ثوري
ويعزو “بونابرت” نجاح الرسول في إحداث تغيير ثوري في العقيدة العسكرية لما كان معروفا وسائدا في جزيرة العرب، لإيمانه بأنه مُرسَل من عند الله”. ويشير إلى أنه بفضل ذلك “نجح في إيجاد أول جيش نظامي عربي قائم على الإيمان بنظام متكامل للإسلام. وبمفاهيم مثل “الحرب المقدسة” و “الجهاد” و “الشهادة” من أجل الدين قدمها أولا واستخدمها الرسول قبل أي شخص آخر”.
الأُمة المؤمنة
ويرى بونابرت في الإسلام نظاما متكاملا حلّ بنجاح مذهل محل ما كان موجودا من نظم اجتماعية وسياسية واقتصادية متخلفة في جزيرة العرب، فأوجد الرسول مفهوم “الأُمة” لتحلّ محل الولاءات القبلية والعائلية الصغيرة.
ويذهب إلى أن الرسول أوجد للمرة الأولى في التاريخ مفهوم “الحرب النفسية” التي لم تكن معهودة من قبل! ويؤكد أن الرسول نجح في خلق منظومة عسكرية متطورة كان هو شخصياً محورها الأساس، إضافة إلى خلق هوية جديدة لا تفرّق بين المواطن والمقاتل في إطار مفهوم “المساواة".