بمناسبة يوم المعلم الفلسطيني نذكر ان المعلم هو العامل الهام في بلوغ الاهداف التربوية المنشودة، بل هو اهم تلك العوامل، حيث يتوقف عليه نجاح العملية التربوية او فشلها. والمعلم الناجح هو الذي يشرف اشرافا دقيقا على ما يقوم به التلاميذ من دراسة ونشاطات، وفي حالة اذا كان الموجود من الادوات والاجهزة والخامات غير كافية، فان استغلال القليل منها، فرصة لا بد من الاستفادة منها في تعليمه للتلاميذ.
وهو الذي يعمل على ان يتماشى مع نتائج بحوث الدراسات التربوية والتجارب الحديثة في العلوم التربوية والنفسية، وتكون طريقته في التعامل مع التلاميذ مرنة، تقبل التعديل والتحسين، لكي تتماشى مع حاجات تلاميذه وميولهم وقدراتهم واستعداداتهم، وحاجات المجتمع الذي يعيشون فيه.
وهو الذي لا يقتصر عمله على الاهتمام بالناحية الذهنية عند التلاميذ، بل يراعي نموهم من النواحي جميعها، ولا يعني هذا ان يقلل من عنايته بذلك النمو الذهني، بل يجب ان لا يكون هذا الهدف وحيدا في الحياة التعليمية.
انه الذي تتوفر فيه مواصفات خاصة، يستطيع بواسطتها تهيئة الجو المناسب لمرور التلاميذ في خبرات تربوية، تؤدي إلى نموهم المتكامل، ويستطيع التعرف على نواحي الضعف التي يمكن ان تظهر في التلاميذ. ولا بد له من ان يكون على علم بطبيعة نمو التلاميذ وخصائص هذا النمو، وطبيعة عملية التعلم، ومظاهر الصحة العقلية السليمة والصحة العقلية غير السليمة، ووسائل التعرف على هذه المظاهر ووسائل علاجها بالتعاون مع الاخصائيين في هذا المجال.
ان سعة المعرفة بالمادة التي يقوم المعلم بتعليمها مطلوبة، ولا تقتصر معرفته في اختصاص معين، لذلك فان متابعته للقراءات والاحداث الجارية، والاتصال بالتجارب التربوية والبحوث النفسية ضرورية كيما يطبق ما يحصل عليه بكل ما يستطيع ويقدر عليه.
ان بعض صفات المعلم الحسنة، هي التي تجعل عملية اقبال التلاميذ عليه، وقبولهم له سريعة، فبشاشة الوجه والاتزان والقدرة على خلق الجو الودي والعلاقات الطبيعية، واسلوب تعامله مع التلاميذ وصوته وحركاته الظاهرية، وصبره في مواجهة ضعف التلاميذ واخطائهم، والثقة في النفس والقدرة على الابتكار والتنظيم، هي واحدة من تلك الصفات التي ينبغي ان تظل منعكسة على كل جوانب عمله.
والمعلم امام تلاميذه، يجب ان يجسد مبادئ التعاون والتسامح في اجواء من الحرية المنظمة المبنية على احترام حقوق الآخرين، والتوفيق بين اهداف الفرد والصالح العام، وبين حرية الفرد والقوانين والقواعد المتفق عليها كأسس لسلوك الافراد والجماعات. وهنا لا بد من مراعاة حرية التلاميذ مع حريات التلاميذ الآخرين، وحتى لا تؤدي إلى اضرار تصيب التلاميذ او تصيب غيرهم.
ان التدريب على الاجتماعات التي يتم فيها عرض الآراء واحترام آراء الآخرين، ووسائل النقد البناء للوصول إلى قرارات افضل، ومعنى الالتزام بالقرارات التي تتفق عليها الاغلبية، تشجع ريادة التلاميذ في حياتهم، وتساعدهم في ان يكونوا ناجحين في مجتمعهم.
وهو الذي يعني بالخبرات المباشرة التي تيسر التعلم وتقويه، وهذه الخبرات كثيرة ومتنوعة ومجالاتها واسعة، وهي مثلا، تتحقق عن طريق توجيه التلاميذ إلى زيارة المواقع والاستفسار اثناء المشاهدة، وتسجيل الملاحظات وتشجيع الحوارات والخدمات العامة في ميادين المدرسة ونشاطاتها والمناطق المجاورة.
والمعلم الفلسطيني مطالب خلال عمله بالتطرق إلى حقائق هامة لها صلة وثيقة بماضي الشعب الفلسطيني وحاضره ومستقبله، فقد تعرض لعملية اخراج قسري من مدنه وقراه، وخرج افراده إلى بلاد اخرى، يحملون صفة اللاجئين، ويتوارثونها، كوضع قانوني، ابا عن جدن وحفيدا عن أب. وقد تعرض ايضا إلى حروب ومعارك، ذهب من جرائها ارواح عديدة وخسائر مادية جسيمة، وقد تركت هذه الحروب آثارا لا يمكن نسيانها.
ولم تنجح المحاولات العديدة التي استمرت طيلة العهود السابقة في طمس هذا الشعب، فقد ظل مصرا على التشبث واقامة سلطته الوطنية. وقد استطاعت الارادة الوطنية الفلسطينية، ان تصوغ منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، ونالت هذه المنظمة اعتراف المجتمع الدولي، الذي اعترف بحق شعبنا في ان يكون له وطن ودولة، وذلك في المادة (22) من ميثاق عصبة الامم المتحدة لعام 1919، وفي معاهدة لوزان لعام 1923، وفي قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 181، لعام 1947، وفي سلسلة قرارات عديدة اخرى، اكدت هذا الحق الوطني، واصرت على تحقيقه.
وهنا، فإن تربية المواطن الفلسطيني، لا بد ان تتركز على المبادئ التالية:
* ان دولة فلسطين هي للفلسطينيين، حيث يطورون هويتهم الوطنية والثقافية، ويتمتعون فيها بالمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات، وفيها تصان المعتقدات الدينية والسياسية. ويعيشون في ظل نظام ديمقراطي برلماني يقوم على اساس حرية الرأي وحرية تكوين الاحزاب ورعاية الاغلبية حقوق الاقلية، واحترام الاقلية قرارات الاغلبية. ويعيش الفلسطينيون، في دولتهم فلسطين، في مجتمع اساسه العدل الاجتماعي والمساواة، وعدم التمييز في الحقوق العامة، على اساس العرق او الدين او اللون او بين الرجل والمرأة، في اطار دستور يؤمن بسيادة القانون والقضاء المستقل.
* يعيش الفلسطينيون، في دولة فلسطين، في مجتمع يقوم على أساس الوفاء الكامل لتراث فلسطين الروحي والحضاري في التسامح والتعايش السمح بين الاديان السماوية عبر القرون
* دولة فلسطين، هي دولة عربية، وهي جزء لا يتجزأ من الامة العربية وتراثها وحضارتها وطموحها واهدافها، في التطور والديمقراطية والوحدة.
* تلتزم دولة فلسطين، بمبادئ الامم المتحدة واهدافها، وبالاعلان العالمي لحقوق الانسان، وهي محبة للسلام، ملتزمة بمبادئ التعايش السلمي، وتؤمن بتسوية المشاكل الدولية القائمة بالطرق السلمية، وفقا لميثاق الامم المتحدة وقراراتها.