لقد كان لنشوء الحساب والجبر والهندسة عند الأمم القديمة دوافع كثيرة؛ منها ما هو رغبة خالصة
في الوقوف على أسرار العلوم، ومنها ما هو متصل بالحياة قد أوجدته الضرورة وأحدثته الحاجة.
حاول الانسان أن يعرف العدد والشكل والمكان والزمان وأن يجد العلاقة بينها فنتج عن ذلك تقدم
العلوم الرياضية والتوسع في بعض نواحيها. وبينما كان الاغريق يرون قبسا من القداسة في
الرياضيات يحول دون استغلالها لمصالح الانسان ومنافعه الدنيوية نجد أن المصريين وغير
المصريين كانوا يمسحون الأراضي ويبنون الأبنية الضخمة ويكيلون المحصولات ويوزعونها ،
وهذا كله من العوامل الفعالة التي ساعدت على نمو العلوم الرياضية وارتقائها. أي أن نشوء
الرياضيات لا يرجع لعوامل مادية فقط. بل ان هناك عوامل أخرى تتعلق برغبة الانسان في
الوقوف على الحقيقة وكشف أسرار الأنظمة الكونية خطت بالعلوم الرياضية خطوات واسعة. فكم
من قانون أو ناموس كشفه العلماء بدافع كشف الحقيقة وحب الاستطلاع قبل أن يجري استغلاله
ذللنفع المادي، وكم من معادلات ابتكرها الرياضيون بحوافز اللذة العقلية استعملها العلماء فيما بعد
في ترقية الصناعة وتركيب الآلات وانشاء المعامل.ويمكن القول بأن الغاية من دراسة العلوم
والتعمق فيها شريفة ونبيلة ما دامت تتوخى الاخلاص للحقيقة والرغبة في الوقوف على سنن الله
في الكون وما يسيطر عليه من أنظمة وقوانين.
هــمــ الحنين ـس