الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله : أما بعد فإن الصلاة عمود الدين
وأهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة،
فينبغي للمسلم أن يحافظ عليها وأن يعظم شأنها ويتعلم أحكامها وصفة أدائها،
وفي هذه المقالة الموجزة تلخيص لأفعالها مع بيان ما تيسر من أدلتها دون
استيعاب نظرا لطولها، نسأل الله تعالى أن ينفع بها .
القيام
1- إذا قام المصلي إلى الصلاة -والقيام ركن من أركانها - استقبل القبلة حيث كان لقوله تعالى : ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) (البقرة:144)
2-ويجعل أمامه سترة يصلي إليها لقوله صلى الله عليه وسلم :" لا تصل إلا إلى سترة، ولا تدع أحدا يمر بين يديك، فإن أبى فلتقاتله فإن معه القرين"(رواه ابن خزيمة)، ولا بد أن تكون السترة مرتفعة عن الأرض نحو شبر أو شبرين لقوله صلى الله عليه وسلم:" إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل، ولا يبالي من وراء ذلك"(رواه مسلم).
3-ويدخل في الصلاة بقوله:" الله أكبر "، لقوله صلى الله عليه وسلم:" مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم" (رواه أبو داود والترمذي).
4-ويرفع يديه إلى حذو منكبيه أو إلى شحمة أذنيه في أربعة مواضع مذكورة في حديث ابن عمر قَالَ:" رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ
يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ وَقَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَإِذَا
رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ (وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ
يَدَيْهِ) وَلَا يَرْفَعُهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ" (متفق عليه).
5-ويضع يده اليمنى على اليسرى، لحديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ (رواه مالك في الموطأ والبخاري)، ويضع اليمنى على ظهر كفه اليسرى وعلى الرسغ والساعد، وتارة يقبض باليمنى على اليسرى.
6-وينظر في قيامه إلى موضع سجوده.
7-ويستفتح الصلاة بقوله:" اللَّهُمَّ
بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى
الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ
بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ" (متفق عليه)، أو غيره من الاستفتاحات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
8-ثم يستعيذ فيقول:" أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه" (رواه أبو داود والترمذي).
9-ويقرأ البسملة ولا يجهر بها، ويقرأ الفاتحة، وهي ركن لا تصح الصلاة إلا بها، وتجب قراءتها في كل ركعة.
10-فمن لم يستطع حفظها أجزأه أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
11-ويجب
على المأموم أن يقرأها وراء الإمام في السرية، وفي الجهرية إن لم يسمع
قراءة الإمام، وأما حيث يسمع الإمام فلا يقرؤها وينصت لقوله صلى الله عليه
وسلم:" وإذا قرأ فأنصتوا" (صححه مسلم).
12-ويسن أن يقرأ بعد الفاتحة، سورة أخرى، أو بعض الآيات في الركعتين الأوليين.
13-والسنة إطالة القراءة في الركعة الأولى أكثر من الثانية، وأن يجعل القراءة في الأخريين أقصر من الأوليين قدر النصف.
الركوع
14-فإذا
فرغ من القراءة سكت سكتة لطيفة بمقدار ما يترادّ إليه نَفَسه، ثم يرفع
يديه ويكبّر، ثم يركع حتى تستقر مفاصله، ويأخذ كل عضو مأخذه.
15-ويضع يديه على ركبتيه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمكن يديه من ركبتيه (كأنه قابض عليهما) (رواه أبو داود والترمذي وصححه) ويفرج بين أصابعه.
16-ويمد ظهره ويبسطه، ولا يخفض رأسه ولا يرفعه، ولكن يجعله مساويا لظهره، ويباعد مرفقيه عن جنبيه.
17-ويقول :"سبحان ربي العظيم" ويكرره، وإن شاء زاد حال ركوعه وسجوده:" سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" (متفق عليه).
18- ويرفع من الركوع حتى يطمئن قائما، ويقول حين الرفع:"سمع الله لمن حمده"، وإذا استوى قائما يقول:"ربنا ولك الحمد".
السجود
19-ثم يقول:« الله أكبر» ويسجد حتى يطمئن ساجدا، ويضع يديه قبل ركبتيه، لحديث ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك (رواه ابن خزيمة)
20-ويمكن جميع أعضاء سجوده من الأرض، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أُمِرْتُ
أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ
بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ
الْقَدَمَيْنِ" (متفق عليه)
21-فإذا
سجد اعتمد على كفيه وبسطهما، ويضم أصابعهما، ويوجهها إلى القبلة، ويجعل
كفيه حذو منكبيه أو حذو أذنيه، ويرفع ذراعيه عن الأرض، وينصب قدميه ويرصّ
عقبيه.
22-ويقول في سجوده :"سبحان ربي الأعلى" ويكرره، ويدعو بما شاء، ولا يقرأ القرآن وهو ساجد ولا وهو راكع.
23-ثم
يرفع رأسه مكبرا كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ويفترش بأن يجلس
على رجله اليسرى وينصب اليمنى، ويستقبل بأصابعها القبلة.
24-ويقول في هذه الجلسة:" رب اغفر لي، رب اغفر لي" (رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة).
25- ثم يكبر، ويسجد السجدة الثانية، ويصنع فيها ما صنع في الأولى.
الركعة الثانية
26-ثم ينهض مكبرا معتمدا على يديه إلى الركعة الثانية.
27-ويسن له أن يجلس جلسة الاستراحة لحديث مالك بن الحويرث قال :" وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ قَامَ" (رواه البخاري).
28-ويصنع فيها كما صنع في الأولى ابتداء من الاستعاذة إلى الركوع والسجود، إلا أنه يجعلها أقصر منها.
الجلوس للتشهد
29-فإذا فرغ من الركعة الثانية قعد للتشهد، ويجلس مفترشا كما سبق بين السجدتين.
30-ويضع كفه اليمنى على فخذه وركبته اليمنى، ونهاية مرفقه الأيمن على فخذه لا يبعده عنه.
31-ويبسط كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى.
32-ويقبض أصابع كفه اليمنى كلها، ويضع إبهامه على إصبعه الوسطى تارة، وتارة يحلق بهما حلقة.
33-ويشير بإصبعه السبابة إلى القبلة، ويرمي ببصره إليها، ويدعو بها لحديث عن ابن عُمَرَ كَانَ صلى الله عليه وسلم:"
إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ
الْيُمْنَى وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الَّتِي
تَلِي الْإِبْهَامَ وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ
الْيُسْرَى" (رواه مسلم).
34-ويقرأ التشهد وصيغته:" التَّحِيَّاتُ
لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا
النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى
عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" (متفق عليه).
الركعة الثالثة والرابعة
35-ثم يكبر وهو جالس، ثم ينهض إلى الركعة الثالثة.
36-ثم يقوم معتمدا على يديه.
37-ثم يقرأ في كل من الركعة الثالثة والرابعة سورة (الفاتحة) ويضيف إليها أحيانا آية أو أكثر.
38- ثم يركع ويرفع ويسجد السجدتين كما تقدم.
التشهد الأخير
39-ثم
يقعد للتشهد الأخير، ويصنع فيه ما صنع في التشهد الأول، إلا أنه إذا كان
في صلاة ثلاثية أو رباعية يجلس فيه متوركا، يفضي بوركه اليسرى إلى الأرض،
ويخرج قدميه من ناحية واحدة، ويجعل اليسرى تحت ساقه اليمنى، وينصب قدمه
اليمنى، ويلقم كفه اليسرى ركبته، يعتمد عليها.
40-ويقبض يده اليمنى ويشير بالسبابة ويأتي بالتحية ويزيد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومن صيغها:" اللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ
بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ" (متفق عليه).
41-ويسن له أن يستعيذ بالله من أربع ويقول:" أَعُوذُ
بِالله مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ
الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ" (رواه مسلم).
42-ويدعو الله بما أحب مما هو مأثور أو غيره.
43- ثم يسلم عن يمينه، حتى يرى من وراءه بياض خده الأيمن، وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر، والتسليم على وجوه:
الأول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عن يمينه، السلام عليكم ورحمة الله عن يساره.
الثاني: مثله دون قوله "وبركاته".
الثالث: السلام عليكم ورحمة الله، عن يمينه، والسلام عليكم، عن يساره.
الرابع: يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه، يميل به إلى يمينه قليلا.
44-فإذا فرغ من صلاته :استغفر ثلاثا وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام(رواه مسلم).
45-قال رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :"مَنْ
سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ
اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ
فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ
مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ"(رواه مسلم).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الكاتب محمد حاج عيسى الجزائري