ألقت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية أول خطاب لها منذ اعتلائها العرش عام
1952، يخص برنامج حكومة ائتلافية. وتماشيا مع التقليد، عرضت الملكة
إليزابيث، 84 سنة، التي مر عليها حتى الآن 12 رئيس وزراء، في مجلس اللوردات
أمس، البرنامج التشريعي للبلاد للأشهر الـ18 المقبلة.
وصلت الملكة على متن عربة يجرها حصان، ثم دخلت المجلس وسط إجراءات
بروتوكولية معهودة، وألقت برنامج الحكومة الائتلافية التي تشكلت الشهر
الحالي من حزبي المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون والليبراليين الديمقراطيين
بزعامة نيك كليغ، إثر انتخابات عامة لم تسفر عن أغلبية لأي حزب محدد. وتعد
هذه أول حكومة ائتلافية في بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية.
بدت الملكة هادئة وهي تخاطب رئيس وزراء (كاميرون) ونائب رئيس وزراء (كليغ)
من حزبين مختلفين. وربما كان ذلك بسبب جلوس رئيس الوزراء ونائبه، وفق ما
جرت عليه العادة، ببدلتين عاديتين، في مكان بعيد في الخلف داخل مجلس
اللوردات خلال خطاب الملكة، بينما تخصص الصفوف الأولى لشخصيات غالبيتها من
اللوردات باللباس الأحمر الزاهي وياقات الفرو. كان من بين الجالسين في
الصفوف الأولى، رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر التي هزت بأجندتها
الليبرالية الاقتصادية بريطانيا خلال الثمانينات من القرن الماضي، وهي الآن
بارونة ومتقاعدة عن العمل السياسي.
وكان هناك أيضا ضيوف خصصت لهم مقاعد في شرفات خشبية أعلى، وهم شخصيات
متنوعة؛ بدءا بسامانثا كاميرون، زوجة رئيس الوزراء، إلى امرأة عادية اعتادت
إدارة كشك لبيع الصحف في مكان قريب من المجلس على مدى السنوات الأربعين
الماضية.
اتسم البرنامج التشريعي الذي ألقته الملكة، بثقله الليبرالي وتضمن قوانين
تهدف للحد من سلطة الدولة واستعادة الحريات المدنية وإصلاح البرلمان ونظام
التصويت. وحول سياستها الأوروبية، تعهدت الحكومة بتقديم مشروع، تخضع
بمقتضاه أي تغييرات مستقبلية في معاهدات الاتحاد الأوروبي، لاستفتاء عام في
بريطانيا.
وفي ما يخص الهجرة، تعتزم الحكومة الحد من دخول العمالة غير الماهرة من
خارج الاتحاد الأوروبي. وتعتزم الحكومة إلغاء مشروع إصدار بطاقات الهوية
للمواطنين، الذي كانت أعدته الحكومة العمالية السابقة. وبخصوص الإرهاب،
تعتزم الحكومة توسيع نطاق التشريعات الحالية لتشمل منظمات جديدة يعتقد أنها
تشكل تهديدا للأمن القومي. وبخصوص برنامج الرعاية الاجتماعية تعتزم
الحكومة ربط المساعدات المقدمة للعاطلين، بدرجة أكبر، بقبولهم فرص العمل
التي تمنح لهم. بمعنى أن الشخص العاطل عن العمل، قد يحرم من المساعدة
الاجتماعية إذا عرض عليه عمل ورفضه.
غير أن معالجة العجز الكبير في القطاع العام، الذي يقدر بنحو 156 مليار
جنيه إسترليني (223 مليار دولار) هذا العام سيمثل «أولوية رئيسية» للحكومة،
حيث ستحدد تفاصيل بشأن إجراءات تقشفية صارمة في ميزانية عاجلة يوم 22
يونيو (حزيران) المقبل.