هيا بنا نصحبك عزيزى القارئ فى جولة إلى مدينة "اسطنبول"، وكما ذكرت صحيفة "الخليج" الإماراتية، فإن زيارة المدن التاريخية تحتاج من المسافر إليها إلى اهتمام من نوع خاص حتى يستطيع التفاعل مع آثارها ومعالمها التراثية ومشاهدة كل قديم فيها والاستماع للحكايات والخرافات والأساطير والقصص الشيقة التي تروي تاريخ الشعوب والملوك والأمراء القدامى وأساليب حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم.
وتعد اسطنبول التي تلقب بمدينة الكنوز واحدة من تلك المدن، فهي الوحيدة في العالم التي تتربع في قارتين على شواطئ مضيق البوسفور، حيث تختلط مياه البحر الأسود بمياه بحر مرمرة، إنها عاصمة الإمبراطوريات الثلاث روما وبيزنطة والدولة العثمانية.
ووفقاً لـ "الخليج"، فإن لاسطنبول موقع استراتيجي مهم جعلها عاصمة للبلاد لحوالي 1600 عام، وتأسست قبل 2600 عام، حيث جعلها الإمبراطور قسطنطين عاصمة للرومان، ثم أصبحت ولاية، فعاصمة للإمبراطورية البيزنطية، وفي عام 1453م سقطت اسطنبول تحت مدافع الجيش العثماني بقيادة السلطان محمد الثاني الذي لقب بالفاتح بعد فتح هذه المدينة العصية.
مآذن شهيرة
ما يلفت انتباه الزائر لاسطنبول انتشار مساجدها ومآذنها العالية وقببها المصممة حسب الهندسة المعمارية التركية القديمة، ومن أشهرها جامع ايا صوفيا، وهي كنيسة تاريخية بناها قسطنطين الأكبر وأعاد بناءها الملك جوستنيان سنة 532م وحولت بعد الفتح العثماني إلى جامع ثم إلى متحف، وايا صوفيا تعني (الحكمة المقدسة) وهو باسم القديسة صوفيا، ويعتبر المتحف أحد العجائب المعمارية على مر العصور بسبب القبة الضخمة التي يبلغ ارتفاعها 55 متراً وقطرها 31 متراً وبها زخارف بيزنطية من الفسيفساء، وقد دمرتها الزلازل عدة مرات وأعيد ترميمها، وتبلغ مساحة هذا المسجد حوالي 5544 متراً مربعا.
وتفصل حدائق ونوافير بين المتحف وجامع السلطان أحمد الذي يطلق عليه "الجامع الأزرق" وقد أنشئ بأمر من السلطان أحمد الأول عام 1609م الذي أراد بناء مسجد أكبر حجماً من ايا صوفيا، وله ست مآذن إحداها من الذهب وأكمل بناءه المعماري محمد أغا عام 1616م، ويبلغ ارتفاعه 47 متراً وعرضه 51 مترا وطوله 53 متراً وقطر القبة الوسطى 22 متراً، ويلحق بالجامع مدرسة ودار شفاء وأسبلة مياه ومنقوش على جدرانه زخارف إسلامية رائعة وخطوط تحمل آيات قرآنية.
وهناك قصر توبكابي أو الباب العالي الذي يقع على مقربة من نقطة التقاء البوسفور والقرن الذهبي وبحر مرمره، وقد كان محور اهتمام الإمبراطورية العثمانية بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر حيث عاش وحكم السلاطين وحاشيتهم، ويضم كنوز الإمبراطورية العثمانية، كما يتميز القصر باحتوائه على صالة المستمعين ومكتبة اهمت (احمد) الثالث ومعرض للأزياء الملكية التي كان يرتديها السلاطين وعائلاتهم والمجوهرات المشهورة ومجموعة نادرة من النسخ المصغرة لمخطوطات العصور الوسطى، أما في عمق هذا الحرم فهناك مقصورة العبادة الكريمة التي تحفظ فيها الآثار المقدسة الخاصة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم والتي أحضرت إلى اسطنبول عند تولي العثمانيين خلافة الإسلام.
الرحلة البحرية
الإقامة في اسطنبول لن تكتمل إلا برحلة على باخرة فوق مضيق البوسفور الذي يشطر المدينة إلى نصفين أوروبي وآسيوي، ويبلغ عرضه نحو 330 متراً، وتتراص على جانبيه الفنادق الفاخرة والفيلات الخشبية ذات الطابقين، والقصور العظيمة والقلاع الحجرية المشيدة من أيام السلطان العثماني، إضافة إلى عدد من الجامعات التي تطل بوجهتها العريضة على مياه البوسفور، وتتقاطع مع خطوط اللوحة الفنية الجميلة للبوسفور مراكب الصيد الصغيرة والبواخر التي تشق طريقها المائي بين جانبي المضيق.
ويعد الجسر المعلق أحد أبرز معالم اسطنبول الحديثة وهو يربط بين جزأي المدينة الأوروبي والآسيوي وأقيم في 1973م وهو رابع جسر في العالم من حيث الطول (1500م) وارتفاعه 65 متراً وعرضه 33 متراً، وتتلألأ أنواره ليلاً لتضيء سماء المساحات الزرقاء من مياه البوسفور، ويستمتع رواد النوادي والمطاعم التي تطل على البوسفور المشهد الجمالي البديع الذي يضيفه هذا الجسر.
السوق المصري
يقع السوق المصري قرب الجامع الجديد (يني جامع)، ويذكر أن السلطانة خديجة هي التي أمرت بتشييده في القرن السابع عشر الميلادي، وأطلق عليه السوق المصري لأن التجار الأتراك قديما كانوا يجلبون بضاعتهم بشكل أساسي من مصر، وفي وقتنا الراهن يمثل هذا السوق مقصداً سياحياً للسائحين خاصة العرب، حيث يأتون إليه لشراء ما يحلو لهم من اشهر أنواع المكسرات والتوابل والعسل والقهوة التركية الشهيرة والملابس التراثية والهدايا التذكارية.
ومن أشهر معالم المدينة ميدان تكسيم، أحد ميادين اسطنبول المكتظة، ويعد ساحة مفتوحة وإحدى نقاط المدينة المركزية للتسوق والترفيه والتنزه، والمكتبات، والمطاعم والفنادق، والشارع مكتظ طوال اليوم، حتى في وقت متأخر من الليل، تجد هناك نصباً بارزاً تخليدا لمؤسس تركيا الحديثة كمال أتاتورك.