موْلِدُ المسيحِ لا يَخْتَلِفُ في حُكْمِهِ عن الاحتفال بالمولدِ النبويِّ إذ هو في عُرْفِ النَّاس لم يكن موجودًا على العهد النبويِّ، ولا في عَهْدِ أصحابِه وأهل القرون المفضَّلة، وإنّ كلَّ ما لم يكن على عهد رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّمَ وأصحابِه دينًا لا يكون اليوم دينًا على ما أشار إليه مالكٌ -رحمه الله- وقال: «مَنِ ابْتَدَعَ فِي الإِسْلاَمِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَانَ الرِّسَالَةَ، وَذَلِكَ لأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]».
**************************************************
إن إزدياد الاحتفالات برأس السنة الميلادية في بلاد المسلمين حيث تكون الشوارع مزدحمة منذ المساء إلى الساعة 1:00ص لدرجة أنك لا ترى من شدة الزحام في الشوارع في هذا الوقت من السنة ، والكل متجه الى اين؟؟؟!! ليرى الاحتفالات وعروض الالعاب النارية, و التقاذف بالبيض و الماء و الفواكه و العصائر (و العالم و غزه خاصة يموتون جوعا) وغيرها من إحتفالات الموسيقى الصاخبة التي تسمع من بعد ميل ، الله المستعان.الواحد يحس أنه ليس في بلاد من بلاد الاسلام والمسلمين ، ولا يستطيع يعبد ربه او أن يرتاح من الإزعاج.
**************************************************
يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ،أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من تشبّه بقوم فهو منهم } . قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه : ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : " مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في إنتهاز الفرص وإستذلال الضعفاء " . انتهي كلامه يرحمه الله . ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددا أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم . والله المسئول أن يعز المسلمين بدينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم ، إنه قوي عزيز . ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين 3/369 ) .
**************************************************
تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق ، كما نقل ذلك ابن القيم - يرحمه الله - في كتاب ( أحكام أهل الذمة ) حيث قال : " وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول: عيد مبارك عليك ، أو تهْنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه ، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّأ عبداً بمعصية أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه ." انتهى كلامه - يرحمه الله - . وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضى به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنّئ بها غيره ، لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال الله تعالى : { إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم } وقال تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } ، وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا . إن الاحتفال بعيد الميلاد أو رأس السنة الميلادية بدعة ضالة، ليست من الإسلام في شيء والواجب على المسلم أن يربأ بنفسه عن مجاراة ومسايرة غير المسلمين، في طقوسهم وأعيادهم، وعاداتهم، للحديث الشريف: "من تشبه بقوم فهو منهم"، وأمامكم أيام السنة تأكلون وتشربون كما يحلو لكم دون تشبه بقوم. وليس صحيحا ما يقال: "من دخلت عليه رأس السنة وهو فرحان يبقى..."؛ إذ السعادة والشقاوة من قدر الله عز وجل، والسعيد من سعد في بطن أمه وكذا الشقي من شقي في بطن أمه، للحديث الصحيح : "يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعون يوما نطفة ثم يكون علقة، مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يأتيه الملك الموكل بالأرحام فينفخ فيه الروح ويؤمر بكتب أربع كلمات عمره، وعمله، ورزقه، وشقي أو سعيد".
**************************************************
إذا هنؤنا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها إما مبتدعة في دينهم وإما مشروعة لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً إلى جميع الخلق ، وقال فيه : { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } . وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها.
**************************************************
فالمرجو التعاون على الإقلاع عن هذه العادة والأخذ بأسباب الهداية، ولنكن على علم أن المضحك والمبكي إنما هو الله تعالى للآية: "وأنه هو أضحك وأبكى" النجم الآية، جعل الله تعالى أيام جميع المسلمين مليئة بالسعادة في طاعة الله تعالى.
**************************************************
إن أحسنت فمن الله و إن أخطأت فمني ومن الشيطان