نجح المجاهد الجزائري، الحاج علي بشريرات، وهو في السبعين من عمره، في فضح الماضي الأسود لفرنسا بعقر دارها، من خلال مناقشته أطروحة دكتوراه في القانون بجامعة ستراسبورغ، حول واقع حقوق الإنسان بالجزائر مابين 1830 - 1962، مبينا ظلم الاستعمار الفرنسي الذي حرم الجزائريين من كل الحقوق، كما تضمنت الدراسة مراجع ومصادر تاريخية كثيرة، بالإضافة إلى تقديم وثائق مدنية وعسكرية تشهد على عمليات القمع المنظم والجرائم ضد الشعب الجزائري ومؤسساته المختلفة.
*
احتفلت جمعية الكفاءات الجزائرية بالخارج منذ أيام بالمجاهد الجزائري الحاج علي بشريرات بمناسبة نيله شهادة دكتوراه في القانون من جامعة ستراسبورغ، والتي تعد رائدة في تناولها حقبة الاحتلال الفرنسي للجزائر. خاصة وأن صاحب الأطروحة الدكتور علي شارك في الثورة التحريرية المجيدة في صفوف جيش التحرير الوطني. ودرب بعد الاستقلال في المدارس العليا التابعة للجيش، وتقلد عدة مناصب حتى سنة 1969، حيث قرر متابعة دراسته، فحصل ما بين 1970 - 1972 على شهادة الكفاءة في القانون من جامعة الجزائر، وفي سنة 1976 نال شهادة الليسانس، في القانون من نفس الجامعة، ثم تابع دراسته بتعلم اللغة الفرنسية في جامعة ستراسبورغ بهدف الحصول على شهادة الدراسات العليا في القانون، وقد حصل على هذه الشهادة سنة1981في القانون الدولي العام والخاص. وسجل ما بين 1982 - 1986 لتحضير أطروحة دكتوراه في موضوع "العلاقات الاقتصادية للجزائر مع الدول المجاورة". ونظرا للظروف الصعبة لم يستطع مواصلة مشواره الأكاديمي، حيث اضطر لكسب الرزق، حيث بدأ مشروعا خاصا من 1986 إلى2001 .
*
لكن إصراره على إتمام دراسته لم يتوقف خلال هذه الفترة، حيث رجع سنة 2002 وهو في الستين من عمره إلى الجامعة، ليواصل مشواره الأكاديمي لنيل الدكتوراه في القانون الدولي، رغبة منه في كشف وحشية الاستعمار الفرنسي في الجزائر من 1830 إلى 1962 .
*
وعالج هذا الموضوع الحساس من الناحية القانونية، حيث أصدر البرلمان الفرنسي بتاريخ 23 فبراير 2005 قانونا يوصي الباحثين الفرنسيين بتمجيد الدور الإيجابي للاحتلال الفرنسي في الجزائر، وخاصة في شمال إفريقيا كلها.
*
لقد شكل هذا القانون عاملا إضافيا، ليصر الحاج على تأكيد موقفه من الاحتلال الفرنسي، وليميز بين النظام الاستعمار الفرنسي والشعب الفرنسي. ورغم العوائق الصحية التي واجهها خلال هذه الفترة، فإن الدكتور علي كان مصرا على مواصلة بحثه وتجاوز المشكلات التي واجهته وخاصة في الحصول على المراجع والوثائق الضرورية، لإنجاز الأطروحة التي تتكون من ثلاثة أجزاء، وهي: السياسة الفرنسية تجاه الحضارة الإسلامية ، المسلمون (الفرنسيون) تحت نظام إداري استثنائي، إدماج المسلمين واجبات دون حقوق.
*
لقد أوضحت الأطروحة كيف أن الاستعمار الفرنسي قد حرم الجزائر من مكانتها الدولية، وكيف أهمل متعمدا الحقوق الأساسية للشعب الجزائري خلال فترة الاحتلال كلها؛ وذلك منذ صدور قانون 24 فبراير 1833 الذي أعطى صلاحيات كاملة لرئيس الدولة الفرنسية ولحاكمه العام في الجزائر في إدارة الجزائر بمراسيم وقوانين خاصة دون الرجوع للبرلمان. وقد نجم عن هذه الوضعية صدور عدة قوانين استثائية من طرف الحاكم العام بالجزائر وقادته العسكريين تمكنهم من فرض حالة الحصار في الجزائر، ومن أمثلة ذلك؛ قانون سنة 1849 وقانون 1878 . وقد حرم الشعب الجزائري جراء مثل هذه القوانين الاستثنائية من حياة عادية طيلة فترة الاحتلال التي دامت 132سنة،
*
وبينت الأطروحة أن أول نوفمبر1954، هو يوم عزيز وغال في قلب كل جزائري، حيث شكل هذا التاريخ منعطفا تاريخيا لانطلاق ثورة شاملة للتحرر من أبشع أنواع الاحتلال عبر التاريخ الإنساني، وفي هذا الإطار أصدرت جمعية الكفاءات الجزائرية بالخارج بيانا عقب أطروحة الدكتوراه، تفتخر فيه أن يكون من بين أعضائها رجال من جيل نوفمبر الذين جاهدوا من أجل تحرير الجزائر ومن بينهم: الحاج الدكتور علي بشريرات وسي علي برين؛ هذان الرجلين وبرغم سنيهما فإنهما يسهمان بمثابرة وبنشاط في التقدم العلمي بالجزائر. وبالفعل فقد ترك الحاج علي بشريرات بصماته في التاريخ بحصوله على الدكتوراه بتاريخ 26 فبراير 2010 وهو في سن السبعين.