هذا ما قاله بومدين ردا على دعوة ملحة من ديغول لزيارة فرنسا
كيف تمكن قائد الأركان من قلب مفاوضات إيفيان؟
كشفت شهادات تاريخية ومراسلات دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا، أن الرئيس الراحل هواري بومدين، رفض في أكثر من مناسبة زيارة فرنسا رغم الدعوات التي تلقاها بهذا الخصوص، والتي كانت أهمها تلك التي صدرت عن الجنرال شارل ديغول.
* أبرز هذه الشهادات جاءت على لسان أحد الرجال الذين سبق لهم العمل إلى جانب الرئيس الراحل، ممثلا في عضو مجلس الأمة عن الثلث الرئاسي حاليا، عبد الرزاق بوحارة، حيث أكد أن بومدين توفي دون أن تطأ قدماه التراب الفرنسي، بالرغم من الدعوة التي تلقاها من أبرز رؤساء فرنسا في العصر الحديث، شارل ديغول.
* بوحارة، الذي سبق له العمل في سفارة الجزائر بباريس، برتبة ملحق عسكري، وفي المنتدى الذي نظمته أمس يومية المجاهد بالتعاون مع جمعية مشعل الشهيد، أكد أن الجنرال ديغول أبلغه رغبة فرنسا في أن يقوم بومدين بزيارة إلى باريس، غير أن هذا الأخير، رد بالقول (Avec la grande porte ou jamais) "عبر الباب الواسع أو لن أزورها (فرنسا) أبدا".وأوضح بوحارة أنه عندما كان ملحقا عسكريا بسفارة الجزائر بباريس خلال ستينيات القرن الماضي، مثل سفير الجزائر بباريس آنذاك، رضا مالك، في حفل أقامته الرئاسة الفرنسية، مشيرا إلى أنه لما قابل الجنرال شارل ديغول، قال له "أبلغ الرئيس هواري بومدين أننا بانتظاره"، وهي الرسالة التي بلغت لبومدين في حينها إلا أنه رد عليها بالسلب.
* وذكر بوحارة أن بومدين كان متضايقا من الطريقة التي تتعامل بها فرنسا الاستعمارية مع مستعمراتها السابقة في إفريقيا، ومن ما قاله بهذا الخصوص لرضا مالك "الجزائر ليست السينغال أو ساحل العاج، حتى تلبي رغبة فرنسية".من جهته، قال العقيد محمد رمضاني، إن الراحل هواري بومدين يعتبر من الموهوبين القلائل الذين طبعوا أحداث القرن العشرين، حيث استطاع بفضل دهائه من تغيير مجرى مفاوضات إيفيان بين الوفدين الجزائري والفرنسي، التي رسمت الاستقلال.
* وأوضح رمضاني أن الوفد الفرنسي لم يكن يعترف بوفد جبهة التحرير في جلسات مفاوضات إيفيان، إلى درجة أنه كان يخاطبه بـ "، coté de la table l'autre Monsieur de ، وهو ما حتم على الوفد الجزائري بالرد على الطرف الفرنسي بالمثل.
* وأمام هذا الوضع، كلف بومدين الذي كان يشغل منصب قائد أركان جيش التحرير، ممثله قايد أحمد في المفاوضات، بحمل صور تظهر الخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات، التي كبّدها المجاهدون للجيش الفرنسي في إحدى المعارك، ولما قدمها ممثل بومدين لجنرال فرنسي كان ضمن الوفد، صدم هذا الأخير، ورد بالقول "حضرات الرائد"، وعندها يضيف المتحدث، أصبحت المفاوضات تتم في جو من الاحترام المتبادل.