لديه نصاب المال وراتبه لا يكفيه فهل تجوز له الزكاة ؟
أنا وإخواني لنا ورث من والدي ونحن ست إخوة وأمنا و3 أخوات ولم تقسم التركة وأنا متخرج من الجامعة ولدي عمل وراتبه قليل وأنا متزوج ولي بنت وولد وأنا حاليا مديون في سيارة فهل أخرج نصيبي من الزكاة وأدفعه لغيري وآخذ زكاة إخواني ؟.
الحمد لله
أولا :
إذا ملكت نصابا من المال ، وحال عليه الحول ، وجب عليك إخراج زكاته .
والنصاب هو 85 جراماً من الذهب ، أو 595 جراماً من الفضة أو ما يعادل قيمة أحدهما من الأوراق النقدية .
ثانيا :
إذا كان راتبك لا يكفيك ، أو كنت مدينا ، وليس عندك ما تسدد به دينك ، فأنت من أهل الزكاة ، قال الله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60 .
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من لم يجد ما يكفيه فهو فقير أو مسكين يستحق الزكاة ، ولو كان عنده نصاب من المال .
قال ابن قدامة رحمه الله وهو يذكر معنى الغنى المانع من أخذ الزكاة : " والرواية الثانية ( يعني عن الإمام أحمد ) أن الغنى ما تحصل به الكفاية , فإذا لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة , وإن لم يملك شيئا , وإن كان محتاجا حلت له الصدقة , وإن ملك نصابا ، وهذا قول مالك والشافعي , لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقبيصة بن المخارق : ( لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة : رجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه : قد أصابت فلانا فاقة , فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش , أو سدادا من عيش ) رواه مسلم . فمدّ إباحة المسألة إلى وجود إصابة القوام أو السداد , ولأن الحاجة هي الفقر , فمن كان محتاجا فهو فقير يدخل في عموم النص " انتهى من "المغني" (2/277) باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من هو الفقير الذي يستحق الزكاة ؟
فأجاب : " الفقير الذي يستحق من الزكاة هو الذي لا يجد كفايته وكفاية عائلته لمدة سنة ، ويختلف بحسب الزمان والمكان ، فربما ألف ريال في زمن ، أو مكان تعتبر غنى ، وفي زمن أو مكان آخر لا تعتبر غنى لغلاء المعيشة ونحو ذلك " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/339).
وسئل الشيخ ابن عثيمين أيضاً : من وجبت عليه الزكاة لوجود النصاب ، ولكنه فقير فهل تحل له الزكاة ؟
فأجاب: " ليس كل من تجب عليه الزكاة لا تحل له الزكاة ، فيكون هو يُزَكِّي ويُزَكَّى عليه " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/340).
ثالثاً :
ما ذكرته في سؤالك من وجود إرث من والدك لم يتم تقسيمه ، ينظر فيه ، فإن كان أخذك له يرفع عنك صفة الفقر والمسكنة ، ويمكنك من سداد دينك ، فلست من أهل الزكاة ، ولا حرج عليك في المطالبة بتقسيم التركة .
فمثلاً : إذا كانت التركة عقاراً زائداً عن حاجتك يمكنك بيعه والاستفادة من ثمنه في النفقة وقضاء الدَّيْن ، فهذا واجب عليك ولا يحل لك أن تأخذ من الزكاة لأنك لست فقيراً أو مسكيناً .
أما إذا كان عقاراً تسكنه ، أو تؤجره لتستفيد من أجرته في النفقه فلا يلزمك بيعه ، ولا يرتفع عنك وصف الفقر مع ملكك إياه .
رابعاً :
لا حرج عليك أن تأخذ من زكاة إخوتك لقضاء ما عليك من الدين ، لأن قضاءهم للدَّيْن الذي عليك ليس واجباً عليهم .
وأما أن تأخذ من زكاتهم من أجل النفقة ، فإن كنت ترث منهم في حالة وفاتهم فلا يجوز أن تأخذ من زكاتهم لأنهم يجب عليهم أن ينفقوا عليك ، وإن كنت لا ترث منهم فلا حرج عليك من أخذ الزكاة منهم لأنهم لا يجب عليهم أن ينفقوا عليك في هذه الحالة ، وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال (50640) .
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب