بحث عن المجرة
المجرة ظاهرة سماوية ملحوظة عرفت أيضا بالطريق اللبني، وهي ظاهرة كانت معروفة لشعوب العالم الإسلامي وعلماء الفلك المسلمين حق المعرفة. ويبدو أن تشبيه هذه المجرة بانتشار اللبن تشبيه ذو أصل إغريقي. ويسمي المسلمون الطريق اللبني أيضا باسم درب التبانة. ولفظ المجرة مشتق من الفعل ‘ ج ر ر ‘ فيما يذهب إليه مؤلفو المعاجم العربية، ويوجد أحيانا التباس في بعض النصوص العربية بين الطريق اللبني أو المجرة وكلمة: مجمرة وهو اسم يوناني لإحدى المجموعات النجمية. وجاء الالتباس نفسه في نص عربي لمحمد المقرئ بعنوان: منازل القمر عند العرب .
وقد عرف الطريق اللبني للعرب في العصور القديمة. وفي النصوص اللغوية وصف لعديد من النجوم الثابتة المرتبطة بالطريق اللبني، وقد قدم الدينوري وصفا لمجرى الطريق اللبني في السماء كما رآه العرب في عصور الجاهلية، وفيما بعدُ رصدها علماء الفلك المسلمون، وذكروا أن موقع الطريق اللبني في السماء يتغير مع الفصول المختلفة تبعا للدورة الثانوية في السماء، ثم وصفها بعد ذلك ملاح المحيط الهندي المشهور ابن ماجد اعتمادا على خبرته الشخصية عام 896هـ /1490 م. وذكر ابن قتيبة و القزويني وابن ماجد أن بعض العرب قديما قد فهموا الطريق اللبني كتجمع كثيف من نجوم خافتة ترى لعين الراصد كتلة سديمية وهي النظرية التي نشأت من أرصاد عربية قديمة منفصلة غير متأثرة بالمعلومات الفلكية الإغريقية.
وقد وصف بطليموس الإغريقي الطريق اللبني لأول مرة وصفا علميا فلكيا في كتابه المجسطي، وهو الوصف الذي أصبح معروفا لدى علماء الفلك المسلمين من خلال سلسلة من الترجمات من نهاية القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي إلى نهاية القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي، إلا أن وصف الدينوري يبدو غير متأثر بكتاب المجسطي فقد استخدم في وصف الطريق اللبني عناصر وصفية من أصل عربي خالص، وكذلك بدأ وصفه بالدائرة البروجية وانتهى بكوكبة العقرب قريبا من دائرة البروج، في حين أن بطليموس بدأ الوصف وانتهى به عند مجموعة قنطورس في منطقة أقصى جنوب السماء التي كانت مرئية له، وهو يعمل في مكتبة الإسكندرية .
وقد اقتنع بعض العلماء المسلمين بنظريات الطريق اللبني الكونية عند الفلاسفة الإغريق من ترجمات وشروح.
وتعد استنتاجات ابن الهيثم و البيروني من أهم الدراسات حول الطريق اللبني حيث خالفوا نظريات الفلاسفة الإغريق. فابن الهيثم هو الذي توصل إلى أن الطريق اللبني لا يكون جزءا من الهواء، ولكنه يجب أن يكون أبعد في الفراغ. أما البيروني فعلى العكس من تعاليم أرسطو يرى أن المجرة لها نفس ارتفاع النجوم الثوابت لأن القمر والكواكب لا تتأثر بها حينما تمر أمامها.