تمثل الهجرة إحدى أهم القضايا التي تحتل صدارة الاهتمامات الوطنية والدولية في الوقت الحالي، لا سميا في ظل التوجه العالمي نحو العولمة الاقتصادية وتحرير قيود التجارة التي تقضي بفتح الحدود وتخفيف القيود على السلع وحركة رؤوس الأموال وما نتج عن ذلك من آثار اقتصادية على الدول النامية والفقيرة. في هذا السياق عقدت المفوضية الدولية لشئون الهجرة واللجوء موتمرا لها في العاصمة الألمانية برلين يوم (31 مايو/أيار) وذلك لمناقشة التحديات المرتبطة بظاهرة الهجرة العالمية في القرن الحادي والعشرين وكذلك بحث الفرص الرامية إلى التوصل إلى سياسة عالمية للهجرة تأخذ في الاعتبار حقوق الإنسان وعملية التنمية في البلدان المصدرة للمهاجرين، إضافة إلى الآثار المترتبة على موجات الهجرة إلى الدول الصناعية المستقبلة للمهاجرين.
هذا وقد أحتل موضوع التنمية السياسية والاقتصادية ومكافحة الفقر في الدول المصدرة للمهاجرين محور التقرير الدولي. كما ركز التقرير على مناقشة التحديات والمشكلات الناجمة عن الهجرة الدولية في كل من الدول المصدرة والمستقبلة، مستعرضا في هذا السياق سياسة الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة والاندماج. كما تناول التقرير الآثار المترتبة على إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية ولاسيما على عملية التنمية هناك. وبالنسبة للدول الصناعية المستقبلة للمهاجرين فقد تطرق التقرير إلى الآثار الاجتماعية والثقافية والدينية المترتبة على الهجرة الدولية إلى هذه البلدان.
ظاهرة عالمية تستلزم تعاون دولي
وفي مقابلة مع موقع دويتشه فيله، قالت رئيسة البرلمان الألماني السابقة ريتا زوسموث التي شاركت في إعداد التقرير الدولي عن الهجرة إن الهجرة ظاهرة عالمية وهو ما يفرض بالتالي انتهاج سياسة عالمية تشترك فيها الأسرة الدولية. وتشير بصفة أسياسة إلى أسباب الهجرة القسرية الناجمة عن الفقر والحروب والعنف السياسي مطالبة بمعالجة مسألة الهجرة على أرضية تراعي فيها حقوق الإنسان لتوفير حياة إنسانية حرة وكريمة للمهاجرين. وتشير زوسموث إلى أن التحديات الأساسية التي تستدعي حلولا عالمية لظاهرة الهجرة تتمثل من ناحية في أن توقعات المهاجرين كبيرة في العيش الرغيد في الدول الصناعية، بينما تعاني بعض هذه الدول من نسبة البطالة فيها، ما يخلق ظاهرة الهجرة السرية. أما التحدي الآخر هو أن مناطق من العالم تعاني من الانفجار السكاني بينما تعاني مناطق أخرى من تراجع معدل النمو السكاني. وتعوِل زوسموث، رئيسة البرلماني الألماني سابقا، بالدرجة الأولى على تعاون وتكامل دولي لمعالجة مسألة الهجرة واللجوء
الهجرة خاصية إنسانية ـ سكانية
تعتبر الهجرة خاصية إنسانية سكانية تتمثل في الانتقال من مكان إلى آخر إما بحثا عن حياة أفضل أو هروبا من وضع سيئ. هذه الخاصية الديموغرافية المتمثلة في حق التنقل تم الاعتراف بها عالميا منذ أكثر من ربع قرن ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. من ناحية اقتصادية يمكن أن يكون للهجرة المنظمة مردودا إيجابيا كبيرا، سواء على المجتمعات المُهاجَر منها أو المُهاجَر إليها بما في ذلك نقل المهارات وإثراء الثقافات. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد المهاجرين في العالم وصل إلى حدود 200 مليون شخص. ولكن بقدر ما يسهم المهاجرون في بناء المجتمعات المستضيفة، بقدر ما يمثل ذلك خسارة موارد بشرية للدول المُهاجَر منها أي ما يعرف بهجرة العقول والكفاءات. كما أن الهجرة قد تتسبب في خلق توترات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية في البلدان المُهاجَر إليها. وهو ما جعل موضوع الهجرة الدولية ينتقل إلى صدارة الاهتمامات الوطنية والدولية. وأصبحت الهجرة الوافدة من المسائل المقلقة في عدد متزايد من البلدان الأمر الذي حدا بهذه البلدان، لاسيما في السنوات الأخيرة إلى تشديد الإجراءات تجاه المهاجرين إليها وطالبي حق اللجوء.
الكاتب عبده جميل المخلافي
التنمية بدلاً من الحلول الأمنية لمواجهة الهجرة غير الشرعية
أظهرت سياسة الإتحاد الأوروبي في الفترة الأخيرة ميلاً نحو اتخاذ إجراءات أمنية مشددة للحد من الهجرة غير الشرعية، وهو الأمر الذي ينتقده مركز الجنوب لحقوق الإنسان الذي يرى الحل في دعم التنمية الاقتصادية بدول المنشأ.
يخاطرون بحياتهم وبكل ما لديهم حالمين بتحقيق مستوى معيشي أفضل والتخلص من شبح الفقر الذي يطاردهم في بلادهم. يأتون من أفريقيا إلى ليبيا عبر الحدود الجنوبية للصحراء الغربية الليبية، لينطلقوا بعدها بقوارب شبه بالية عبر مياه البحر الأبيض المتوسط. إنهم المهاجرون غير الشرعيين الذين يتوجهون في الغالب نحو شواطئ أوروبا. الكثير منهم يبحر باتجاه الشواطئ الإيطالية، في حين يتوجه القسم الآخر إلى شواطئ اليونان ومالطا أو أسبانيا. بلغ عددهم في العام الماضي وحده حوالي 17 ألف مهاجر، منهم من وصل إلى وجهته بعد أن تم إنقاذه من الغرق، ومنهم من لم يحالفه الحظ وأصبح جثة هامدة ابتلعتها مياه المتوسط. هذا المشهد الدرامي الذي تجري أحداثه قبالة شواطئ جنوب القارة الأوروبية ما يزال يتكرر.
وبهدف مكافحة هذه الظاهرة المتنامية والتي أصبحت تعرف بالهجرة الاقتصادية، شهدت الفترة الأخيرة تحركات ملموسة من طرف الاتحاد الأوروبي بهدف التنسيق مع دول الشمال الأفريقي للحد من هذه الظاهرة. وفي هذا الخصوص أعلن مسؤول الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي نيته بدء التعاون مع الحكومة الليبية بداية شهر يونيو/ حزيران من هذا العام 2005
مشروعات تنموية بدلاً من حراسات أمنية
حسب رأي ناهد نصر المديرة التنفيذية لمركز الجنوب لحقوق الإنسان في مصر فإن السياسات التي يطرحها الإتحاد الأوروبي تقوم على الحلول الأمنية. وهذه الحلول غير عملية كونها تهمل الأسباب والظروف المحيطة بموضوع الهجرة غير الشرعية. كما أنها تعتمد على إقامة معسكرات لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء وتشديد المراقبة على الحدود. إضافة لذلك فإنها تتجاهل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان حيث يتم الاحتجاز في دول ليست موقعة على اتفاقية 1951 الخاصة بحماية اللاجئين، ولا تتمتع بسمعة طيبة في مجال احترام حقوق الإنسان. ومن ناحية أخرى فإن هذا النوع من الحلول مكلف بالفعل. فهناك اتفاقات ثنائية بين دول مثل ايطاليا وليبيا وأخرى بين الإتحاد الأوروبي ككل ومصر والمغرب والجزائر يدفع الإتحاد بموجبها الملايين من أجل مشروعات مثل رفع قدرات الحراسة على الحدود والقيام بحملات إعلامية للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية، هذا عدا الدعم اللوجيستى المتمثل في طائرات المراقبة وبناء معسكرات الاحتجاز.
فالإتحاد الأوروبي ينفق بالفعل أموالاً طائلة ولكن في الطريق الخطأ. وبدلا من ذلك يفترض به التركيز على دعم مشروعات تنموية يكون عمادها مؤسسات المجتمع المدني وخاصة في القرى والأرياف. أما الحل الأمني فقد أثبتت التجارب أنه لا يؤدى إلى نتائج إيجابية. وتشير ناهد نصر من ناحية أخرى إلى أن اقتصاديات دول الإتحاد تجني أرباحاً من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من شمال أفريقيا. ويتم ذلك من خلال عملهم في السوق السوداء التي لا تشهد عقوبات رادعة بحق من يقوم بتشغيلهم واستغلالهم. وهذا ما يمثل تناقضاً في موقف الاتحاد الذي يرفضهم علناً ويرغب في الخفاء بمواصلة الإفادة من جهدهم دون أية ضمانات لحقوقهم.
هناك أيضا شعار يرفعه الإتحاد الأوروبي هو تشجيع الهجرة الشرعية كبديل للهجرة غير الشرعية. ومن أجل ذلك يتم صرف الملايين لتعليم المهاجرين المحتملين لغات الدول الأعضاء فيه وتأهيلهم على الأعمال المطلوبة. ومن البديهي أن الفرص المتاحة للعمل تعطي الأولوية للمواطن الأوروبي ناهيك عن أنها محدودة بسبب توسيع الاتحاد نحو شرق ووسط وجنوب أوروبا.
آليات لتنظيم تدفق الهجرة
هناك أسباب قوية تجعل الشباب يخاطرون بحياتهم وأموالهم عابرين البحر إلى أوروبا. وقبل وصولهم إلى هناك يتعرضون لأوضاع لا إنسانية في دول المعبر مثل ليبيا حيث ينتظرون عدة أشهر قبل ترحليهم على قوارب الموت. وفى أحيان يطلق المهربون النار على المهاجرين الذين يبدون اعتراضاً على تكديس عدد كبير منهم في زوارق مطاطية يتعرض عدد كبير منها للغرق. وعليه فإن هناك المئات من الشباب المصري المفقود دون أن يعرف عن مصيرهم أي شيء. أما الناجون فيتعرض عدد كبير منهم للحجز على الشواطئ الأوروبية وللمعاملة غير الإنسانية بشهادة الصليب الأحمر ومفوضية شؤون اللاجئين. ويواجه من ينجح بالدخول إلى أوروبا استغلال أصحاب الأعمال وعدم تمتعه بحقوق تذكر فضلاً عن العنصرية التي يواجهها. كل ذلك يتحمله هؤلاء الشباب لأن هناك ظروف اقتصادية طاحنة تجبرهم على المخاطرة. وعليه لا ينبغي للإتحاد الأوروبي ولا لحكومات دول حوض المتوسط الجنوبي والشرقي تجاهل كل ذلك في وضع سياسات تتعامل مع الظاهرة.
تنظيم عملية الهجرة بشكل عام مسألة ترجع لظروف كل دولة. ما يمكننا قوله في هذا المجال وخصوصاً فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية ” أن على الإتحاد الأوروبي الأخذ بوجهة نظر أطراف متعددة في وضع سياساته تجاهها. وعليه فإن النظر إلى مصالحه فقط وإغلاق الحدود لا يمثلان الحل، فهذا الأخير يكمن في دراسة أسباب الهجرة غير الشرعية في الدول المصدرة لها ووضع سياسات تحد من وطأة الظروف التي تؤدى لزيادة أعداد المهاجرين غير الشرعيين منها”، هذا ما تؤكد عليه ناهد نصر من مركز الجنوب لحقوق الإنسان.
الهجرة الغير شرعية داخل العالم العربي
يوجد عدد كبير من العمال الأفارقة وخصوصاً من السودان في مصر وفى ليبيا وغيرها من الدول العربية. وعلى الرغم من وجود بعض نقاط الالتقاء الثقافي غير أن هؤلاء العمال يواجهون أيضاً استغلال أصحاب الأعمال ويعملون في مهن مجهدة لساعات طويلة دون الحصول على أجور عادلة. والحكومة المصرية على سبيل المثال تغض الطرف عن وجود هؤلاء العمال حتى ولو بشكل غير شرعي لأنهم يفيدون الاقتصاد المحلى كعمالة رخيصة. لكن عندما يتعلق الأمر بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لهؤلاء نجد الغياب الكامل لدور الدولة. غالبية السودانيين في مصر مثلاً يدخلون البلاد بصفتهم طالبي لجوء ومنهم إعداد كبيرة لا يتم قبولهم في مفوضية شئون اللاجئين، لكنهم يواصلون البقاء ويعيشون في ظروف بالغة السوء. كما يتعرض الكثير منهم لمضايقات أمنية لمجرد أنهم أفارقة. وعلى الرغم من أن الاتفاقات بين الحكومتين المصرية والسودانية تمنح المواطن السوداني الحق في العمل والإقامة والملكية فإن الواقع على غير ذلك، فهؤلاء لا يتمتعون فعلياً بحقوق تذكر في ظل تدهور حقوق العمال المحليين أنفسهم.
مشاكل الهجرة إلى الدول الغنية والحلول الممكنة
تدفق المهاجرين إلى الدول الغنية يحمل في طياته مشاكل كثيرة بينها البطالة وصعوبة الاندماج إضافة إلى حرمان بلدانهم الأم من كفاءات نادرة. اللجنة الدولية للهجرة تطالب بسياسة جديدة، لكن الحل الأكثر عملية يتطلب سلك طريق آخر.
أفاد تقرير اللجنة الدولية للهجرة gcim إلى أن عدد المهاجرين في العالم وصل في الوقت الحاضر إلى 200 مليون نسمة مقابل 75 مليوناً قبل ثلاثين سنة. ويتوقع التقرير الذي تم عرضه في برلين قبل أمس الأربعاء اتساع ظاهرة الهجرة خلال السنوات القادمة. وفي هذا الإطار برز التزايد المضطرد في عدد المهاجرين من الدول الأفريقية والعربية منذ أكثر من عقدين. ويشير إلى هذه التوقعات في الوقت الحاضر توجه آلاف الأفارقة يومياً إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط الشمالي قاصدين أوروبا ومتحملين عناء الصحراء الكبرى الذي يؤدي بعدد منهم إلى الهلاك. أما الاتساع المذكور فيعود بالدرجة الأولى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول على خلفية غياب الحريات وانتشار الفساد والتسلط السياسي والدكتاتوريات.
مشكلة الاندماج
يتوجه معظم المهاجرين في عالمنا إلى الدول الغنية وفي مقدمتها دول شمال أمريكا واستراليا والاتحاد الأوروبي. ويعود اختيارهم لهذه البلدان إلى سعيهم لإيجاد فرصة عمل تساعدهم على تحسين مستواهم المعيشي. غير أن غالبيتهم تعاني هناك من صعوبات كثيرة على صعيد الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة وفي سوق العمل فيها. ويبرز من بين هذه الصعوبات ضعف مستوى التأهيل مقارنة بالمستوى السائد في الدول الصناعية الغنية. ويزيد من تعقيد الأمور ظاهرة التمييز العلني والمبطن ضد المهاجرين وأبنائهم بسبب ازدياد حدة البطالة في هذه الدول. ولعل خير مثال على ذلك ألمانيا التي تعاني هذه الأيام من نسبة بطالة عالية وصل تعداد الذين يعانون منها إلى خمسة ملايين. ونظراً إلى صعوبة إيجاد عمل حتى بالنسبة للألمان، فإن الكثيرين منهم ينظرون إلى المهاجر أو أبنائه كمنافسين لهم في سوق على فرص العمل الآخذة بالتراجع. ومن شأن ذلك أن يولد حساسيات ويساعد على شيوع أحكام مسبقة تقف عائقاً أمام اندماج القسم الأكبر من المهاجرين في مجتمعهم الجديد وتنميته.
الاندماج يتطلب ضمان الحقوق …
تزايد أعداد المهاجرين والمشاكل التي يواجهونها بسبب التمييز وغيره، كانت وراء الأسباب التي دفعت واضعي تقرير اللجنة الدولية إلى مطالبة الدول الغنية بوضع سياسة هجرة تضمن للمهاجرين حقوق العيش والعمل والاندماج في مجتمعاتهم الجديدة. ومما يعنيه ذلك توفير فرص التعليم والتأهيل لهم أسوة بغيرهم من الفئات الاجتماعية. كما تعني منحهم حقوق الإقامة التي تسمح لهم بالعمل دون قيود بدلاً من إقامة مؤقتة تحد من حريتهم ولا تساعد على اندماجهم. ويزيد من أهمية دمج المهاجرين في مجتمعاتهم الجديدة حاجة معظم الدول الصناعية الغنية إلى العمالة الشابة بسبب تراجع الولادات فيها لصالح زيادة نسبة كبار السن. وفي المدى المنظور يتوقع أن يخل هذا الأمر بالتركيبة السكانية في العديد منها، مما يهدد أنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي فيها.
… وأكثر من تعلّم اللغة
غير أن مشكلة اندماج المهاجرين لا تقع فقط على عائق مجتمعاتهم الجديدة وسلطاتها. فهناك تقصير أيضاً من قبل عدد هام منهم أنفسهم. ويتجلى هذا التقصير في صور عديدة لعل أبرزها ضعف الجهود التي يقومون بها من أجل تعليم أنفسهم وتأهيل أولادهم بما يتناسب ومتطلبات سوق العمل في البلدان التي يعيشون فيها. كما يتجلى في موقفهم السلبي إزاء عادات وتقاليد وقوانين أبنائها. ومما يثير الاستغراب مطالبتهم إياهم باحترام عاداتهم وتقاليدهم دون أن يقوموا هم أنفسهم بالمثل. ومن باب المثال لا الحصر ينطبق هذا الأمر على عدد لا بأس به من أبناء الجاليات العربية والإسلامية في ألمانيا. وعليه فإن المطلوب منهم ليس تعلّم لغة مجتمعهم الجديد فقط، وإنما العمل على اندماج حقيقي ينطوي على التفهم والاحترام المذكور من جهة وعلى مشاركة أبناء مجتمعهم الجديد سرائهم وضرائهم من جهة أخرى.
مطلوب حل عالمي
مما لا شك فيه إن مشاكل المهاجرين وتزايد أعدادهم لا تلقي بظلال سلبية على البلدان الصناعية الغنية فحسب. فهي تعني على الجانب الآخر استنزاف العقول المبدعة في بلدانهم الأصلية، لاسيما وأن عدداً لا بأس به منهم من ذوي الكفاءات الجيدة. وعلى ضوء حرمان هذه البلدان منهم وعدم الاستفادة من كفاءاتهم كما ينبغي في الدول التي هاجروا إليها، يبدو استيعاب الهجرة العالمية تواجه مشكلة كبيرة هذا الأيام. وعلى طريق أيجاد مخرج يطالب أشخاص كالأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان على حق بحل عالمي لمواجهة تحدي هذه الهجرة. ومما يعنيه ذلك فتح أسواق الدول الصناعية أمام المنتجات الزراعية والحرفية للبلدان الفقيرة والنامية بدلاً من مطالبتها تارة وإجبارها تارة أخرى على ترك أبواب أسواقها مشرعة أمام الصناعات والبنوك الأوربية والأمريكية واليابانية. ومما لا شك فيه أن خطوة كهذه ليست كافية، غير أنها تشكل بداية طريق طويل يساعد على الحد من تدفق المهاجرين بأعداد متزايدة، لكن سلوك هذا الطريق يتطلب تضحيات جريئة من قبل الدول الغنية