معاملة الخدم
تجد الزوجة كثيرًا من السعادة وتحقيق الذات فيما تقوم به من أعمال منزلية، وحينما تسود المودة حياة الأسرة يقوم كل عضو فيها بأداء دوره، بل أدوار الآخرين، لكن قد تواجه الأسرة بعض الظروف التي تتطلب الاستعانة ببعض الأشخاص لخدمة البيت والقيام على متطلباته، كإعداد الطعام، وتنظيف الأثاث وتنظيمه، وقضاء حوائج الزوجة، أو الزوج، أو الأولاد.
صفات الخادم:
يشترط في الخادم الذي يقوم على شؤون البيت ومصالح الأسرة -سواء كان رجلاً أو امرأة- أن يكون من الأمناء الملتزمين بخلق الإسلام الكريم، وقد ورد ذكر الخدم في قوله تعالى: {أو التابعين غير أولي الأربة من الرجال} [النور :31]، هؤلاء يجوز للمرأة التخلي عن حجابها أمامهم، شريطة أن يكونوا من غير أولي الإربة (أي ليس لهم شهوة في النساء).
أما المرضع أو المربية فإن البيت المسلم لا يلجأ إلى الاستعانة بها إلا في حالات الحاجة كالمرض المعدي أو وفاة الأم، وفي إطار عدد من الضوابط كأن تكون المربية مؤمنة بالله ورسوله، ملتزمة بالكتاب والسنة، حسنة السيرة، طيبة الخلق، راجحة العقل، ماهرة بأمور الأطفال والأولاد.
معاملة الخدم:
وعلى أهل البيت أن يحسنوا معاملة الخدم، وأن يراعوا الله فيهم، فلا فرق مطلقًا بين خادم ومخدوم أمام الله تعالى، ولنا في رسول الله ( القدوة الحسنة، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: خدمتُ رسول الله ( تسع سنين فما أعلمُه قال لي قَطُّ: لم فعلت كذا أو كذا، ولا عاب على شيئًا قط. [مسلم].
ويحكي أنس موقفًا له مع رسول الله ( يقول كان النبي ( من أحسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت: والله لا أذهب. وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله ( فخرجتُ حتى أمرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا الرسول ( قد قبض بقَفَاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك، وقال (: (يا أنيْس، أذهبتَ حيث أمرتُك ؟) قال أنس: قلت: نعم أنا أذهب يا رسول الله. [مسلم].
فعلى المخدوم حسن المعاملة للخدم والرفق بهم، ولا عيب ولا نقص في أن يعين المخدوم خادمه في بعض الأمور؛ لأن ذلك يلين القلب ويرقق النفس ويزرع المودة. وليكن المخدوم في ذلك وسطًا بين اللين والخشونة، فإن لان هان، وإن قسي كره، وإن تركهم يفعلون ما يريدون فسدوا.
بعض المظاهر السلبية:
للاستعانة بالخدم توجد بعض المظاهر السلبية، على المسلم أن يحذرها فمن ذلك:
- أن عمل الخادم أو ظروفه قد يستلزم التفرغ والمبيت في بيت مخدومه مما قد يقود إلى الفتن، ونشر الفساد، وخراب البيت وانهياره، بسبب سلوكيات الزوج أو الأبناء مع الخادمة أو الزوجة والبنات مع الخادم، وكثيًرا ما يتسرب الشك إلى نفس الزوجة ونفس الزوج، والشك أول معاول هدم الأسرة.
- أن المربية وهي تؤدي عملها قد تقوم بإرضاع من تقوم بتربيته، وفي هذا الأمر اختلاط للأنساب، وضياع للحقوق والواجبات، وعلى الأم أن تدرك ذلك، وتعلم شروطه وأحكامه.
- ظاهرة انتشار المربيين والمربيات من غير المسلمين الذين يفدون إلى الدول الإسلامية من الدول المجاورة سعيًا وراء الرزق، وفي هذا خطر جسيم؛ لأن تقاليدهم وعاداتهم لن تكون متفقة مع الإسلام فيما دعا إليه وحث عليه من قيم وفضائل سامية. فكيف نأمن على فلذات أكبادنا وأمل إسلامنا وهم في أيدي هؤلاء من غير المسلمين الذين يأخذون منهم كل كبيرة وصغيرة؟ ومن شب على شيء شاب عليه.
- أن بعض المربيين والمربيات الوافدين للعمل من الدول المجاورة قد يكونوا قد هربوا من ظروف سيئة، وقد يدخلون إلى الدول الإسلامية بطرق غير مشروعة فلا يخضعون لإجراء الكشف الطبي عليهم، فينقلن الأمراض والأوبئة إلى أطفالنا من خلال الاحتكاك المباشر بهم بصورة دائمة.
- أن بعض الوافدين والوافدت وفقًا لتقاليدهم المخالفة للمبادئ الإسلامية قد يكونون مصدرًا لنشر الفساد والفاحشة دون مراعاة لدين يُهْدَم، أو حق ينتهَكَ، أو قيمة يعُتدى عليها.
- إفشاء الخدم لأسرار البيت مما يؤدي إلى تدهور العلاقات الإنسانية وضياع العديد من القيم الاجتماعية والاحترام.
- ما يقوم به بعض الخدم من عادات مرذولة؛ كالسرقة والكذب والغش وتزوير الحقائق وإثارة الأحقاد والشكوك بين الأزواج والجيران.
فعلى المسلم أن يكون فطنًا عند اختيار من يقوم على شؤون بيته وكذلك المرأة، وعليهما أن يراعيا أمور دينهما فيما عليهما من واجبات وما لهما من حقوق؛ لضمان السعادة والاستقرار في البيت