آهٍ لو أموتُ قليلاً
وجاءتْ على شكلِ أنثى ...
تُقَلِّمُ شَوكاً تدلَّى على جَسديْ
وتَرمي إلى فاجعاتِ الظمأْ
نزيفَ الجنونِ بِشِعْرِ يديْ
نعاسٌ يفيضُ كجوعِ الصحارَى
يدبُّ على ورقٍ يتحدَّى يَراعيْ
فلا أحتفِي بانثيالِ الحُروفِ
مِنَ الحِبرِ في صافياتِ الرُؤى
ولا تُضْرمُ النَّارُ في خافِقَاتِ الخيالِ
فيَهمَدُ ذِئبي بِقاعِ الكلامِ
وتَغفُو رماحُ شعاعِيْ ...
كأنّي حُرمتُ شعور المنامِ
كأنَّ خَبايا السكونْ
تحفُّ عِظامِي
تجنُّ وحوشُ البراري أمامَ عيونيْ
وتأتِي لتُغلِقَ بابَ جُفوني
وتقطَعَ حبلَ شراعِي
وإني لأعلَمُ ما صار مِن غبشٍ
فلا يظفرُ الواقِعُ المُتجلِّي كَبحرِ ضَبابٍ
بإمْساكِ خَيطِ خِداعِي
ظلالُ خيولٍ تلامسُ وجهِي
تَنَهُّدُ نايٍ تَرامَى على كَأسِ خَمري وذَابْ
صهيلُ ملوكٍ حَيارَى يُثارْ
نسورٌ تَطيرُ وتَهوي
جدارٌ يُزيدُ التَّفرُّسَ في عَجلاتِ الزمن
صَريرٌ وريحُ دُوارْ
خلاخيلُ وردٍ تشرِّد صلب الكيان
عطورُ ملائكةٍ
تحكُّ فناءَ المكانْ
شُعاعٌ يضيءُ كفجرٍ
هوى من أصيلِ الجِنانْ
وأيدٍ يرقُّ ظلامِي لأبيَضِها
تطيلُ طُقوس ضَياعِي
أنا نائمٌ لا أرى من يَراني
وحيداً بلا مفزعاتِ حَواسي
طرقتُ على باب خَوفي
أُسائِل جِسمي :
أأهربُ منكَ سليما بُعيدَ وفاتي
وأَرقبُ نَاراً تريدُ هَلاكِيْ
يقولُ : كفاكَ رجاءً وذعراً
يموتُ ويفنى الجسدْ
فينسى ضجيج الحياةِ
ويمشي ليبحثَ عن معضلاتِ الأبدْ
ولا يسمعُ الآخرونَ رسائلهُ الغامضةْ
كأنَ لقاء الوجودِ جَرى وابتَعدْ
يُخَاطِبني شَبَحيْ
تبدَّلَ نَهرُ حَياتكْ
تهدَّم قَبرُ مماتكْ
فقلتُ : تعبتُ لأرجعَ وحيَ النهوضِ
إلى جَسَديْ
فَغابَ وضاعَ
لأنِّي أضَعتُ شُموسَ نَجاتِي
حَمامُ سمائِي يحطَّ وحيداً
عَلى أرض غَيري
رخامُ بقائي تَعرَّقْ
وخَمرُ غِنائِيْ تعتَّقْ
قناديلُ سحرٍ
تضيءُ رؤايْ
فكيفَ أعودُ لضيقِ سمايْ
وعندَ صياحِ الديوكِ
أتاني نفيرُ الصباحِ يهزُّ سَريرِي
أفقتُ على رِيْحِ قَهوتنا
تكادُ تفورُ على صوتِ أُمِّي
أفقتُ ألامُسِ رُوحِي
فحلَّ السكوتُ بجمرِ لسانِي
تُرى من هِي التَي أتتْ
تُقَلِّمُ شَوكاً تدلَّى على جَسديْ
وتُوقِدُ نارَ السؤالِ الطويلِ
ببَحريْ ونهرِي
بِمَدِّي وجَزرِي
خَلعتُ ثِيابَ البَقاءِ
نَطَقتُ بِحرفِ الرجاءِ الوسيمْ
بعثتُ حصانَ قَرينِي الأليمْ
ليبحثَ عَن نبضاتِ سَماكِ
فَضَاقَتْ حدودُ المنافي بِشوقي
أمامَ حُدودِ مَنفاكِ
خُذيني جريحاً يَمُسُّ هَواكِ
خذيني شموعاً تَشِعُّ فَدَاكِ
لأصرخَ ضوءا يذيبُ المدى
وَيطويْ دهورَ نداكِ
خُذينِي إلى.. عَراكِ
دِماكِ ضُحاكِ حَلاكِ ثَراكِ عُلاكِ قُراكِ رُباكِ
آهٍ لو أموتُ قليلاً ....
لعلِّي أرَاكِ