الأمان
هو عقد يفيد ترك القتل والقتال مع المحاربين، وهو إحدى طرق ترك الحرب، فإذا طلب الأمان أي فرد من الأعداء المحاربين قُبل منه، وصار بذلك آمنًا، لا يجوز الاعتداء عليه، بأي وجه من الوجوه، يقول تعالي: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون} [التوبة: 5].
نوعا الأمان:
وللأمان نوعان؛ عام وخاص، فالعام: هو ما يكون لجماعة غير محصورين، ولا يعقده إلا الإمام أو نائبه. والخاص: هو ما يكون للواحد أو لعدد محصور كعشرة فما دون، ولا يجوز لأكثر من ذلك كأهل بلدة كبيرة، لما فيه من افتئات علي الإمام، وتعطيل الجهاد، والأمان العام إما مؤقت وهو الهدنة، أو مؤبد وهو عقد الذمة.
شروط الأمان:
يشترط للأمان شروط هي:
- أن يكون لمصلحة أو علي الأقل دفع ضرر عن المسلمين.
- أن يكون المسلمون في حالة ضعف ، والكفار في حالة قوة.
- العقل؛ فلا يجوز إعطاء الأمان للمجنون والصبي غير المميز.
- البلوغ وسلامة العقل.
-الإسلام، فلا يصح أمان الكافر ولو ذميا، وإن كان يقاتل مع المسلمين، لأنه متهم، بالنسبة للمسلمين، فلا تؤمن خيانته، والأمان مبني علي مراعاة مصلحة المسلمين، والكافر يشك في تقريره للمصلحة. وأجاز جمهور الفقهاء إجازة العبد، ولم يجز أبو حنيفة إجازة العبد المحجور، كما لا تشترط الذكورة، فيصح أمان المرأة. لحديث النبي(:قد أجرنا من أجرت يا أم هانيء [متفق عليه].
ويصح أمان الأعمي، والمريض، ولا يجوز أمان التاجر في دار الحرب، والأسير فيها.
حكم الأمان:
يثبت بعقد الأمان الأمن والطمأنينة لمن استأمنهم المسلمون، فيحرم قتل رجالهم وسبي نسائهم وأولادهم، واسترقاقهم، واغتنام أموالهم، كما لا يجوز فرض الجزية عليهم، ويدخل في أمان الرجل أمن أولاده الصغار، وماله وأهله، بلا شرط إذا كان الإمام هو الذي أعطي الأمان.
والأمان عقد لازم من المسلمين، يجب الوفاء بما اتفق عليه، إذا أمن عدم الضرر، لأن عقد الأمان حق علي المسلم فليس له نبذه إلا لتهمة أو مخالفة.
نواقض الأمان:
ينتقض الأمان بأمور، أهمها:
-أن يكون الأمان غير مقيد بوقت، فيري الإمام من المصلحة نقضه، فيخبرهم بالنقض، ثم يقاتلهم.
-وإذا طلب العدو نقض الأمان، فيدعوهم الإمام إلي الإسلام، فإن رفضوا فيدعوهم إلي عقد الذمة، فإن رفضوا ردهم إلي مأمنهم ثم قاتلهم.
-وإذا حصل ضرر للمسلمين،فللإمام نقض الأمان؛ لقول الله تعالي: {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم علي سواء}[الأنفال: 58].
-وإذا كان الأمان محددًا بوقت معين، وانتهي الوقت، فينتقض الأمان بانقضاء الوقت.
مدة الأمان:
لا تزيد مدة الأمان عن سنة إذا كان المحارب قد دخل دار الإسلام مستأمنًا، وذلك حتى لا يصير جاسوسًا وعونًا علي المسلمين، ولا يضع الإمام علي المستأمن الجزية، فإن أقام تمام سنة، أخذت منه الجزية، وصار ذميا لالتزامه ذلك، ولم يترك بعضها أن يرجع إلي دار الحرب، لأن عقد الذمة لا ينتقض.