قاعدة "اليقين لا يزول بالشك"
مأخوذة من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة ؟ فقال:
لا ينفتل - أو: لا ينصرف - حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
رواه البخاري.
و لعله يوجد فرع من هذه القاعدة نذكرها :
" لا عبرة بالتوهم و لو اشتبهت عليه القبلة فصلى إلى جهة بدون تحري واجتهاد لا تصح صلاته لابتدائها على مجرد الوهم بخلاف ما لو تحرى وصلى مع غلبة ظنه تصح صلاته ولو أخطأ القبلة".
تتفرع عن القاعدة الأصلية قاعدة "لا عبرة بالظن البين خطؤه "
و كذلك قاعدة "لا عبرة بالتوهم".
و القاعدتان بينهما تناسب وتقارب.
التوهم: هو النظر إلى الشيء بدون تحري ولا اجتهاد ويعني مجرد الهجوم على الشيء بدون التفكر فيه.
- وهذا التوهم لا عبرة به ولو ترتب على تصرفه هذا خطأ فإنه مؤاخذ به ولم يزل عنه التكليف.
مثال1: - رجل خفيت عليه القبلة وهو في البرية فصلى مباشرة بدون اجتهاد (مجرد توهم أن القبلة في هذا الاتجاه)فصلاته غير صحيحة, بل لو أنه وافق القبلة بدون اجتهاد فصلاته لا تصح أيضاً على رأي بعض أهل العلم.
مثال 2:- رجل صلى وهو يشك في دخول وقت الظهر ثم لما فرغ من صلاته تبين أنه صلى بعد دخول الوقت فصلاته باطلة لأنه صلى بغير اجتهاد وهجم بدون نظر.
مثال 3:- رجل صلى بدون وضوء وهو يظن أنه على غير وضوء ثم تبين له أنه على وضوء فصلاته غير صحيحة.
إستنتاج:
أن المكلف مؤاخذ بما يعتقده ويحاسب على ما في نفسه وعلى اجتهاده لا بما في نفس الأمر .
- أما إذا كان الرجل داخل البلد وصلى إلى غير القبلة بعد اجتهاد فصلاته غير صحيحة لأن عليه سؤال أهل البلد وتقليدهم أو النظر إلى اتجاه القبلة في المساجد فلا اجتهاد مع النص والواجب هو العمل بالنص.
مبحث:
- قاعدة "لا عبرة بالظن البين خطؤه"
في صحتها نظر على إطلاقها لأن الظن معمول به في الشريعة ففي بعض الجوانب القاعدة صحيحة وفي البعض الآخر تختلف و من ثم نتبع الدليل.
- فلو إنسان اجتهد وبذل ما في وسعه وغلب على ظنه أمر ثم تبين خطؤه فإنه في كثير من المسائل مرفوع عنه العتب ولا تكليف عليه بعد ذلك.
مثال على تطبيق القاعدة:
- دائن يطلب منك دينه و وكيلك سدد الدين وأعطاه المال, ثم أعطيت أنت الدائن المال مرة أخرى, ثم ظننت أن الدين لم يقضى فهذا الظن لا عبرة به لأن الذمة برئت بسداد الوكيل.
مثال على عدم تطبيق القاعدة:
- صائم حال السحاب بينه وبين رؤيته لغروب الشمس ثم رأى الليل أقبل وغلب على ظنه أن الشمس قد غربت وهو مأمور بتعجيل الإفطار فأفطر ثم تبين له بعد زوال السحاب أن رأس قرص الشمس ما غاب فصيامه صحيح لأنه بنى على اجتهاده ولم يفرط بخلاف رأي الجمهور أن صومه لا يصح ولكن الصحيح أن صومه يصح.
شرح فضيلة الشيخ عبد المحسن بن عبد الله الزامل
من دروس طلب العلم من الاكاديمية الاسلامية