الـنـعـي
فضيلة الشيخ خالد المشيقح حفظه الله
النعي :هو الإخبار بموت الميت .
والأصل في النص النهي ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة وغيره : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بالصحابة وصلى عليه صلاة الغائب ) .
وكذلك أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى أصحاب سرية مؤتة فقال:( أصيب زيد أصيب جعفر أصيب عبد الله )نعاهم للصحابة رضي الله تعالى عنهم بالمدينة . وكذلك أيضاً حديث حذيفة رضي الله عنه قال أنه قال : إذا مت فلا تؤذنوا بي إني أخاف أن يكون نعياً فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينهى عن النعي" وهذا أخرجه الإمام أحمد و الترمذي وصححه الترمذي .
النعي ذكر العلماء رحمهم الله أن له ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يُعلم أقارب الميت وأصدقاؤه وجيرانه بموته لكي يجتمعوا على تجهيزه من تغسيله وتكفينه والصلاة عليه والدعاء لـه بالرحمة وغيره فنقول بأن هذا من النعي المشروع ،وليس من النعي المذموم حتى ولو حصل ذلك بوسائل الاتصال. والدليل على ذلك حديث أبي هريرة السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بالصحابة "وأعلم الصحابة لكي يصلوا عليه وخرج النبي عليه الصلاة والسلام بالصحابة رضي الله تعالى عنهم وصلى بالنجاشي .
الصورة الثانية : أن يُبعث من ينادي في الناس ومجامعهم ونواديهم ألا إن فلاناً قد مات فاشهدوا جنازته ، ومن ذلك أيضاً ما يحصل في وسائل الإعلام في الصحف والمجلات وغير ذلك ,
هذه الصورة اختلف فيها العلماء رحمهم الله : الرأي الأول : أن ذلك مكروه وأنه مذموم وهو من النعي المذموم , وهذا رأي جمهور أهل العلم .
واستدلوا على ذلك ما تقدم من حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه" إذا مت فلا تؤذنوا بي فإني أخاف أن يكون نعياً فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي " . وأيضاً قالوا بأن هذا فيه تشبهاً بأهل الجاهلية ،فإن أهل الجاهلية كان إذا مات فيهم الميت يصعدون على المرتفعات ويقفون في مجامع الناس فينادى بأن فلان قد مات ويذكرون شيئاً من مآثره ومناقبه ..إلخ . الرأي الثاني : أن هذا جائز ولا بأس به وهو رأي الحنفية .
واستدلوا على ذلك: · بأن الأصل في ذلك الجواز.
· وأيضاً استدلوا بما تقدم أن صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه.
· وكذلك أيضاً أن صلى الله عليه وسلم نعى أصحاب سرية مؤتة . الرأي الثالث : التفصيل إذا كان المقصود في ذلك غرض صحيح ومصلحة فإن هذا جائز مثلاً المقصود أن يصلى عليه وأن تشهد جنازته وكذلك أيضاً أن يتعاون الناس في تغسيله وتكفينه ودفنه ، وكذلك أيضاً من كان له دين أو معاملة من هذا الميت يأتي لكي يأخذ حقه منه لأنه قد لا يتمكن من ذلك إلا عن طريق وسائل الإعلام فإن هذا جائز ولا بأس به بل هو مطلوب لأن فيه إبراء لذمة الميت وهذا قال به طائفة من فقهاء الشافعية .وهذا القول هو الأقرب.
الصورة الثالثة :
أن يكون ذلك مُشْبِهاً لنعي أهل الجاهلية : أن يُبعث من ينادي في الناس ومجامعهم ونواديهم فيذكر محاسنه ومآثره وقد يصحب ذلك شيء من الصياح و النياحة ، فهذا نعي مذموم ومنهي عنه .
النعي بعد الصلاة عليه: هذا غير مشروع إلا إذا ترتب على ذلك مصلحة كأن يكون لهذا الميت معاملات أو عليه ديون ويريد ورثته أن تسدد عنه الديون فنقول بأن هذه مصلحة وأن هذا جائز حتى ولو حصل في وسائل الإعلام من الجرائد وغيرها .
إلقاء الخطب والمحاضرات عن عالم من العلماء بعد موته : إن كان ذلك بعد تباعد المصيبة فلا بأس أن تلقى محاضرة عن العالم الفلاني أداء لحقه وأيضاً حثاً الأمة أن تقتدي به وأن تقتبس من سيرته وتربية للناشئة على سيرته لأن هذا نوع من حقه، لأن العلماء ألفوا الكتب في سير الرجال وكتب الطبقات وذكروا مناقب الرجال والعلماء .
وأما إذا كان ذلك أثناء المصيبة فإن هذا منهي عنه بل هو نوع من تهييج الأحزان وإيقاظ المصيبة والشارع شرع التعزية لتسلية المصاب كل ذلك درءا لهذا المحظور .
انتهى