تجتمع صفة تكاد تكون موحدة بين اغلب البشر وهي حب الكلام فالجميع يرغب بالكلام والبعض تصل به الحالي إلى حدود الثرثرة , وطبيعي ان لا يكون هذا الوضع مفيدا فاختفاء العناصر البشرية المصغية أمر لا يبشر بالخير على المستوى الاجتماعي
وكون الإنسان متصف بحسن الإصغاء فهذا يعني انه يمتلك الكثير من المميزات الحسنة والتي تكون مترافقة مع تمتع الشخص بحسن الإصغاء
والإصغاء فن من أهم الفنون البشرية وقلة من البشر يمتلكونه مع العلم ان هناك جزء من البشر يتظاهرون بحسن الإصغاء ولكنهم في حقيقة الامر هم غير مصغيين قطعا وغالبا يجدون نفسهم مرغمين على الإصغاء
ماذا يمنحك فن الإصغاء ان أتقنته ؟؟
1- ان كنت متقن لفن الإصغاء فأنت شخص محبوب من الآخرين وستجد الجميع راغبا بالجلوس معك طمعا منهم بالحصول على شخص يسمعهم ووجودك يكون مريحا نفسيا للآخرين
2- الإصغاء يمكن صاحبه من اكتشاف شخصية الآخرين التي تعبر عنها مفرداتتهم وأفكارهم التي يبوحون بها أمام الإنسان المصغي ومع القليل من تشغيل الدماغ والاستنتاجات من الطرف المصغي يتمكن حينها من ان يجعل شخصية المتحدث كتاب مفتوح أمامه
3- الإنسان المصغي هو الأكثر تأثيرا على الآخر ويمكنه ان يحدث تغيرا بالآخر من حيث طباعه وأفكاره لأنه تمكن بفضل إصغائه من اكتشاف طريقة التفكير لديه وأصبح أكثر قدرة على فهم باطنه وبالتالي سيتمكن من ابتكار أسلوب متناسب كليا مع هذا الشخص من خلاله يمكن ان يقنعه بالكثير ويعدل من أفكاره وهذه نقطة مهمة يمكن استغلالها لتغيير الكثير من طباع الآخرين وأفكارهم السيئة
مهارات الإصغاء وشروطه
حتى تتقن فن الإصغاء فلا بد لك من ان تكون على اطلاع على شروط الإصغاء ومهاراته وعند الالتزام بها من طرفك يمكنك حينها ان تضع نفسك على أول طريق إتقان فن الإصغاء واليكم نقاط هامة تخدم هذه الفقرة من المقال :
1- توفر الرغبة لديك بان تكون إنسان مصغي أمر مهم جدا لان غياب هذه الرغبة لديك يعني غياب المحفز لك على بلوغ هدفك المنشود
2- يجب ان تكون جادا وحقيقي في إصغائك ويجب ان لا تتظاهر للآخر بأنك مصغي له لأنه ببساطة هذا لن يخدم هدفك في إتقان فن الإصغاء ومن جهة ثانية يمكن للآخر ان يكتشف تصنعك وتظاهرك الاصغائي بسهولة تامة
3- الإصغاء يعني التركيز على كل كلمة وكل حرف ينطق به الآخر لان هذا الامر هو الأصل في عملية الإصغاء وهو ثمرتها فان لم تركز كليا على كلام الآخر فلن تستفيد أنت من إصغائك ولن يستفيد الآخر منه أيضا
4- بين الحين والآخر تدخل في الحديث دون ان تسبب انقطاع في سلسلة أفكار المتحدث هذا مهم للآخر يدفعه للتحدث براحة اكبر ولكن يجب ان يكون تدخلك في وقته وتدخلا قصيرا وان كان هناك نقاط غير واضحة حاول ان تدفع المتحدث إلى توضيحها
5- اطرح على المتحدث أسئلة تتمحور حول أفكاره لتؤكد له انك منصت وانك مهتم له وهذا عامل مريح للآخر ومساعد لك في رحلة استكشافك له
6- حاول ان تنظر إلى المناطق الخلفية المتخفية وراء كلام المتحدث وعليك استنتاجها ورسم صورة لها لان هناك بعض المتحدثين البارعين جدا في الكلام والقادرين على إخفاء الكثير عنك وهنا التفكير وحده قادر على الاستنتاجات وخاصة إذا ما أرفق بأسئلة موجهة للآخر تكون خطيرة في صوغها لا يمكن له التهرب منها
7- ان كان المتحدث صاحب معاناة وألم وهم فهذا يحتاج أكثر من أي شخص آخر لمن يسمعه لذلك وجه له عنايتك المركزة ولا يكفي ان تستمع إليه جيدا بل يجب ان تجعله يشعر انك تشاطره معاناته وان تخفف عنه قدر المستطاع دون أي تصنع منك فهذا الشخص اختارك أنت ليتحدث معك لأنه راغبا بان يشعر بالقليل من الراحة وتخفيف ضغوطه وأنت لا يجب ان تخيب أمله بل يجب ان تعطيه أكثر مما يتوقع
8- البعض يتحدث من اجل الثرثرة وحسب ولكن ليس الجميع بل قسم منهم ان ابتليت بواحد منهم عليك ان تعرف كيف توقفه عن الكلام فيمكنك مثلا ان توجه له أسئلة ذكية تظهر مهاراتك في المحاورة وغالبا الثرثارون هم من مستوى فكري ليس مرتفعا لذلك ان لم المستوى العالي منك سيكتشف انه غير قادر على مجاراتك فيبدأ بالصمت التدريجي وأيضا يمكن لك ان تقلب الأدوار فتبدأ أنت بالتحدث وتجربه على الإصغاء وكونه ثرثارا فلن يتحمل ان يكون المصغي عندها سينسحب من الجلسة وينهي الحوار وأنت ترتاح منه لان الإصغاء للثرثارين سيضيع وقتك دون فائدة تذكر لكلاكما
9- كن أمينا على كلام من يحدثك وأحفظ أسرارهم فالبعض ان وجدوا راحة كبرى في محادثتك ولمسوا حسن إصغائك لهم قد يبوحون أمامك بأسرارهم ومهما كنت بارعا في الإصغاء فانك ستفقد شعبيتك ومكانتك بكل بساطة ان أقدمت على البوح بأسرارهم أو بالحوار الذي دار بينكم لذلك أحفظ الأمانة وأمانة الكلمة من أقوى الأمانات
جميل جدا ان تكون لبقا بالحديث وان تكون محاورا بارعا ولكن الاجمل من ذلك ان تكون إنسان مصغي بامتياز ومع مرتبة الشرف فالإصغاء يصنع لك شعبية جيدا ويجعلك محط ثقة الكثير من البشر فأجهد نفسك لتكون ممن يصغي لا ممن يتحدث .
منقول بنصه من موقع المربي المسلم