اصنع من الليمون شرابًا حلوًا
بقلم - الشيخ عائض القرني
الذكي الأريب يحول الخسائر إلى أرباح، والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين.
طُرد الرسول من مكة فأقام في المدينة دولة ملأت سمع التاريخ وبصره.
سجن أحمد بن حنبل وجلد فصار إمام السنة، وحبس ابن تيمية فأخرج من حبسه علما جما، ووضع السرخسي في قعر بئر معطلة فأخرج عشرين مجلدا في الفقه، وأقعد ابن الأثير فصنف "جامع الأصول" و"النهاية" من أشهر وأنفع كتب الحديث، ونفي إبن الجوزي من بغداد فجود القراءات السبع، وأصابت حمى الموت مالك بن الريب فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة الذائعة التي تعدل دواوين شعراء الدولة العباسية ، ومات أبناء أبي ذؤيب الهذلي فرثاهم بإلياذة أنصت لها الدهر، وذهل منها الجمهور، وصفق لها التاريخ.
إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها، وإذا ناولك أحدهم كوب ليمون فأضف إليه حفنة من سكر، وإذا أهدي لك ثعبان فخذ جلده الثمين واترك بقيته، وإذا لدغتك عقرب فاعلم أنه مصل واق ومناعة حصينة ضد سم الحيات.
تكيف في ظرفك القاسي ، لتخرج لنا منه زهرا ووردا وياسمينا ﴿وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم﴾.
سجنت فرنسا قبل ثورتها العارمة شاعرين مجيدين متفائلا ومتشائما، فأخرجا رأسيهما من نافذة السجن ، فأما المتفائل فنظر نظرة في النجوم فضحك، وأما المتشائم فنظر إلى الطين في الشارع المجاور فبكى.
إنظر إلى الوجه الآخر للمأساة ، لأن الشر المحض ليس موجودا، بل هناك خير ومكسب
وفتح وأجر.