ماذا لو كانت كتلة الشمس أكبر؟
تتحدد كمية الطاقة التي يطلقها النجم بكتلته. يؤثر عاملان في كتلة أي نجم من النجوم الداعمة للحياة. العامل الأول هو الطاقة التي يصدرها النجم وأثرها في تكونه. أما العامل الثاني فهو عمر النجم حيث يجب أن تكون حياة النجم كافية كي تستطيع الحياة أن تنشأ وتتطور حوله في كوكب أو أكثر من الكواكب التابعة له .إذا تجاوزت كتلة النجم عشرة أضعاف كتلة الشمس فإن مادة النجم تدفع بالمواد المبعثرة حولها بعيداً وبقوة ولا تسمح بالتالي بتشكل الكواكب. يجب ألاَ يتحول النجم إلى عملاق أحمر قبل أن ترتقي الحياة على كوكب حوله إلى درجة وعي ذاتها. ومرحلة العملقة الحمراء هي مرحلة الاحتضار في حياة النجم. إن أجملنا كل ما تقدم لخصنا إلى استنتاج مفاده أن كتلة النجم المفترض يجب ألاَ تتجاوز مرة ونصف كتلة الشمس.
هكذا نقبل بشمس كتلتها مرة ونصف الكتلة الحالية للشمس. يكافئ لمعان الشمس الجديدة خمسة أضعاف لمعان الشمس الحالية كما تساوي درجة حرارة سطحها 6400 درجة مئوية. أما درجة حرارة سطح الشمس الحالية فهي 5800 درجة مئوية. إذ وضعنا مجموعة الأرض والقمر على مسافة من الشمس الجديدة تساوي نفس المسافة الحالية 150 مليون كيلو متر تتبخر كل مياه المحيطات وتتحول الأرض إلى صحراء جافة بينما جوها غني ببخار الماء. لن تستطيع الحياة الصمود في ظل مثل هذه الظروف, لذا لابد من أن نزيح الأرض إلى الموقع الراهن للكويكبات بين المريخ والمشتري.
تكافئ سنة الكوكب الجديد تبعاً لذلك 5,3 ضعفاً السنة الحالية ويمتد كل فصل من فصول السنة بالتالي 5,3 ضعفاً مدته الراهنة. يغطي الجليد سطح الكوكب بشكل دائم ,كما يغرق الكوكب بالأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس المستبدلة حتى لو أبعدناه إلى مسافة أبعد عن الشمس المفترضة تفكك هذه الأشعة كل نسيج حي. نتصور تبعاً لذلك أن الكائنات الحية تلقي بنفسها إلى أعماق كبيرة من المياه هرباً من فعل الأشعة المذكور. تتغير هيئات الكائنات الحية عند الأعماق الهائلة للمياه بسبب الضغط الكبير للماء. تتغير هيئات السلالات التالية تبعاً لذلك, إذا انتقلت الكائنات الحية إلى اليابسة فلا شك أنها تنقل معها كل ما يطرأ عليها. لن تفلح أية طبقة من الأوزون في حماية الكوكب من الأشعة فوق البنفسجية. نظراً لبلوغ تلك الأشعة سطح الأرض في هذه الحالة تتكون طبقة أوزون بالقرب من سطح الأرض. تكون هذه الطبقة مهددة للحياة إذ أنها تترك آثاراً سمية في مختلف الكائنات الحية.
نخلص مما تقدم إلى استنتاج مفاده أن الحياة على الأرض تكون ليلية في البدء. أما الحياة النهارية فستلجأ إلى تطوير حماية لنفسها كتصنيع الفراء مثلاً. لكن تبقى مشكلة العيون تتأثر العيون إلى درجة كبيرة بالأشعة فوق البنفسجية, كيف تكون العيون على الكوكب المفترض يا ترى؟ إذا لجأت الكائنات إلى السبات الشتوي فستضطر إلى دفع ثمن باهظ من الطاقة لتأمين المستلزمات المختلفة كتخزين الشحوم مثلاً.
نطرح سؤلاً هاماً : هل يعيش الكائن على الكوكب المتخيل نفس المدة المطلقة التي يعيشها على الأرض الراهنة أم نفس عدد السنوات؟ طبعاً إنه يعيش في الحالة الأخيرة خمسة أضعاف المدة التي يعيشها على أرضنا الراهنة. يرتبط هذا الأمر بدورية التكاثر الجنسي. قد يكون الإنسان هناك أكثر همجية بسبب كثرة الولادات. وعلى عكس الحالة الراهنة لكوكبنا, قد تؤدي إزالة طبقة الأوزون في الكوكب المفترض إلى حماية الكوكب من الأثر السمي للطبقة. يرتبط التحليق في أجواء الكوكب المتخيل بتعريض الكائنات هناك لجرعات كبيرة من الأشعة الكونية القاتلة. لذا لا يستبعد تأخر استخدام الطائرة, بل وتأخر غزو الفضاء.
ماذا لو كانت كتلة الأرض أصغر
ماذا لو كانت كتلة أرضنا أصغر مما هي عليه الآن. لا نستطيع أن نمضي بهذا التصور دون أن نأخذ بعين الاعتبار بعض القيود. منها على سبيل المثال وليس الحصر ألا تكون كتلة الكوكب صغيرة إلى الحد الذي لا يستطيع معه الكوكب أن يحتفظ بغلافه الجوي ويترك ذلك الغلاف أن يتسرب إلى الفضاء الكوني على هواه تماماً كما حدث في كوكب المريخ. على الرغم من الكبر النسبي لكتلة كوكبنا فإن غلافه الجوي يهرب إلى الفضاء الكوني الآن , لكن بكميات ضئيلة للغاية. باختصار يجب ألا تكون كتلة الأرض أقل من ربع كتلتها الحالية.
هكذا نفرض كوكباً نعيش عليه بقطر 8000 كيلو متر. ينقص وزن كل شخص إلى ثلثي وزنه الحالي كما يتغير مدار القمر ويصبح الزمن اللازم كي ينجز القمر دورة واحدة حول الأرض مساوياً 54 يوماً وثلثي اليوم, وبالتالي لن تكون هناك أشهر قمرية بالمعنى المألوف. تضعف ظاهرة المد والجزر نظراً لسرعة القمر ولانخفاض كتلة الأرض. يفقد الكوكب حرارته الداخلية بسرعة كبيرة لأن نسبة سطحه إلى حجمه تغدو أكبر من النسبة المقابلة في الحالة الراهنة لكوكبنا.
تصبح الزلازل نادرة على الكوكب كما يتضاءل انزياح القارات عليه. أما البراكين فتكون قليلة العدد وإذا انفجر أحدها كان انفجاره مأساويا ذلك أن المادة المنصهرة تواجه مقاومة كبيرة من القشرة الصلبة ثم تفجرها معها, يبقى الرماد وحمض الكبريت سنوات بعد انفجار البركان ثم يهطل كمطر حامضي, لكن ذلك لا يؤثر على الحياة نظراً لندرة الانفجارات البركانية.
إذا كانت كتلة الأرض أصغر كان الهواء فيها أقل كثافة .لذا تتحرك العواصف بخفة لتشمل كامل الكوكب. يحدث ذلك على المريخ الآن .نظراً لثبات القارات وتشابه ظروفها بالتالي يكون تنوع الحياة أقل. تتميز الحيوانات برشاقتها وعظامها الأرق.
يعزى ذلك إلى نقص وزن الحيوان إذا كانت كتلة الأرض أقل مع بقاء كتلته بنفس القيمة الحالية. تكبر رئات الحيوانات وتزداد سرعات تنفسها وتنمو عضلاتها بشكل ملحوظ. واقع الأمر أن الحيوانات الأكبر هي التي تبقى على كوكب بكتلة أقل. إذا ازداد ارتفاع الكائن على هذا الكوكب فلا بد من استبدال عظامه الرقيقة بعظام ثخينة لكنها مفرغة.اكتشف العلماء أنماطا من الديناصورات المرتفعة ذات العظام المفرغة. لا بد من الارتفاع كي يستطيع الكائن مقاومة الرياح السريعة. أما الطيور فتكون أبطأ وأثقل في حركتها . تزداد سماكة الجلد عند كل الحيوانات لموازنة انخفاض الضغط الجوي على الكوكب . يكون السفر إلى الفضاء سهلاً على كوكب بكتلة أصغر ويبدأ عصر الفضاء بالتالي في وقت مبكر.
نتصور الآن مباراة بكرة القدم على كوكب بكتلة أصغر. بسبب انخفاض الكتلة ينقص الجذب الثقالي للكوكب. هكذا يتحرك اللاعبون والكرة أبطأ من الحالات العادية. تصبح خطوات اللاعبين ذات سعة أكبر, بينما تقطع الكرة مسافات أكبر عندما تقذف قبل أن تعود إلى سطح الأرض ويمكن للاعب محترف أن يدخل الكرة في مرمى الخصم حتى لو كان ذلك المرمى على مسافة أكثر من كيلو متر منه. تتميز مباريات كرة القدم بالحماس الكبير الذي يتجسد بالتصفيق والهتاف وعزف الموسيقى, أما إذا كانت كتلة الأرض أقل فلن يستطيع المشجعون المتابعة لأن الكرة قد تجتاز الأفق دون أن يستطيع أحد تقرير فيما إذا دخلت مرمى الفريق الآخر أم لا . فالكوكب الأقل كتلة يكون الأفق فيه أقرب . هكذا تتضاءل هواية كرة القدم . نقترح هنا طريقة أخرى ألا وهي مجابهة المجهول لتحقيق المتعة والمضي قدماً بتفكيك بنيات المجهول والنفاذ إليه وتفسيره وفق نظريات سابقة أو الاستدلال من وجوده على نظريات جدية . إنها متعة حقيقية. ويا لها من متعة.
ماذا لو كان القمر أقرب إلينا
يبتعد القمر عن الأرض بمعدل 5سم في السنة. لقد وجدنا وكان القمر على بعده الحالي من الأرض 380000 كيلو متر. لكن ماذا لو وجدنا وكان القمر لأقرب .كان هذا محتملاً لو ولد القمر متأخراً. نفرض أن القمر ما زال على ربع بعده الحالي من الأرض. يبدو إذ ذاك في السماء بأربعة أضعاف قطره الحالي ويكون الشهر القمري أربعة أيام فقط. ويرتفع عدد أحداث الخسوف والكسوف في السنة إلى مئتي حدث مقابل ثمانية أحداث الآن. تصل أمواج المد إلى 64 ضعف ارتفاعها الحالي ويصبح المكوث على الشواطئ مستحلياً كما تحت هذه الشواطئ بسرعة كبيرة.
يحمي القمر القريب الأرض من الشظايا الفضائية. نتخيل مثلاً أن الكويكب الذي اصطدم بالأرض منذ 65 مليون سنة وقضى على الديناصورات كان سيسقط على القمر القريب يعني ذلك أن الديناصورات لم تكن لتصب بأذى ولقدر لها أن تبقى حتى الآن. إذن لما كنا موجودين لنكتب هذا الكلام.
سيؤثر المد الثقالي الشديد للقمر القريب في قطبي الأرض فيكسر الجليد
ماذا لو اخترق ثقب أسود الأرض؟
كيف تنتهي حياة النجم إذا تجاوزت كتلته ثلاث مرات ونصف كتلة الشمس. تختزل قصة حياة أي نجم بصراع حاد بين أضعف قوى الطبيعة من جهة: الجذب الثقالي, ومن جهة أخرى كل قوى الطبيعة منفردة أو مجتمعة. تحاول هذه القوى وقف الانهيار الثقالي, لكنها تفشل إن كانت كتلة النجم من المقياس المذكور. باختصار تصبح قوة الجذب الثقالي طليقة تفعل ما تشاء. وماذا تفعل في هذه الحالة, تجمع مادة النجم في أصغر حجم ممكن. وهذا الحجم يتناقص تحت تأثير الانهيار الحادث, لكن هل يمكن أن يصل إلى الصفر تماماً؟ أي تجتمع كميات هائلة من المادة في نقطة أبعادها صفر, أو في لا مكان . هل من الممكن أن تصبح المادة بدون حجم وبذا تبلغ كثافتها اللانهاية. يدعى هذا الطور من حياة النجم بالثقب الأسود. وقد دعي كذلك لأنه أشبه ببالوعة في الفضاء, فأي جزئ مادي مهما صغر أو كبر حجمه سيكون مصيره الحتمي السقوط إلى ذلك الثقب إذا تجاوز في قربه من الثقب بعداً محدداً يدعى أفق الحدث, ولكل ثقب أسود أفق حدثه الخاص, طبعاً الجسم الواقع في فخ الثقب الأسود يصبح جزءاً منه ولن يتمكن أبداً من العودة. فالكثافة النظرية للمادة داخل الثقب تصل حتى اللانهاية وسرعة الإفلات منه تساوي سرعة الضوء. هكذا لا يستطيع أي جسم أن يغادر الثقب الأسود إذا انجذب إليه. حتى الضوء لا يستطيع الانطلاق للإبلاغ عن وجود ثقب أسود .إذن الثقب الأسود هو حيز من الفضاء لا يمكن اكتشافه حتى لو كان قريباً منا. على الرغم من ذلك استطاع العلماء اكتشاف عدد من الثقوب السوداء بشكل غير مباشر في مجرة درب التبانة التي تنتمي إليها شمسنا. يقع أقرب الثقوب من شمسنا على مسافة 16000 سنة ضوئية , إننا في مأمن. بمعنى من المعاني, من مخاطر الثقوب السوداء. لكن لا توجد أية ضمانة تمنع اقتراب الثقوب السوداء من شمسنا. يعلم الفلكيون بقدوم الثقب الأسود من الأشعة السينية التي يطلقها. علة ذلك أن المادة التي تتسرع نحو الثقب للوقوع فيه تطلق كميات هائلة من الأشعة السينية.
تخرج الأرض عن مدارها جراء اقتراب الثقب الأسود ويترافق ذلك بكوارث طبيعية هائلة. بعد ذلك , تتمزق الأرض تماماً عندما يصبح الثقب الأسود على بعد مليون كيلو متر. يستطيع الجنس البشري الإفادة من الثقوب السوداء لتوليد الطاقة من لا شيء. نفسر ذلك بتكون الجسيمات الوهمية في حوار الثقوب السوداء والتي تتحول بتأثير هذه الثقوب إلى جسيمات حقيقية. هكذا تخسر الثقوب السوداء الطاقة الثقالية بشكل دائم. إنها تؤول إلى التبخر في النهاية.
أشار عنوان هذا البحث إلى إمكانية اختراق ثقب أسود لكوكب الأرض, لا يستطيع أي ثقب أسود من النوع الذي تحدثنا عنه أن يقوم بمثل هذا الاختراق, المقصود هنا هو نوع آخر من الثقوب السوداء هي الثقوب السوداء الأولية. الثقب الأسود الأولي هو جسيم أولي في الأصل: إلكترون مثلاً تعرض إبان ولادة الكون إلى ضغوط شديدة جعلته تحت تأثير قوة جذبه الثقالي الذاتي فقط. هكذا يتحول إلى ثقب أسود أولي, لا تنشد المادة إلى الثقب الأسود الأولي ولا تنجذب نحوه هكذا إذا اقترب ثقب أسود من هذا النوع من الأرض يعجز العلماء عن اكتشافه لأنه لا يطلق أية كمية من الطاقة , يقول العلماء ‘ن كل سنة ضوئية مكعبة واحدة في الكون تضم ثقباً واحداً أولياً في المتوسط. لا نستبعد بالتالي أن يكون أحد هذه الثقوب يتجول بحرية الآن في فضاء المجموعة الشمسية, لن يعلم أحد بوجوده ما لم يصبح على ارتفاع عدة أمتار عن سطح الأرض. يصطدم الثقب الأسود الأولي بالأرض ويعبرها بأقل من خمس دقائق فيمزقها ثم يعبر القمر فيمزقه أيضاً. نظراً لأنه لا يستطيع ابتلاع أي منهما لصغر كتلته, تأخذ شظايا الأرض والقمر بالدوران حول الشمس وقد يصبح الثقب بنفسه تابعاً للشمس. هكذا يسدل الستار على الحياة الأرضية بكل بساطة.