أحمد السبيعي
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد ،، مع انه منسوب إلى الألبان وهم أعاجم لم يمتنع أن يدخل في عقول وقلوب العرب الأقحاح ينال حب وموالاة كل موحد متبع للنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم
وفرض نفسه وكتبه على الموافق والمخالف، ووقف نفسه لهدف عزيز بعيد المنال، وهو إرجاع الأمة لما كان عليه سلفنا الصالح ـ رحمهم الله تعالى ـ، مع اعترافه ـ رحمه الله ـ بأنه لا سبيل عمليا للحاق بهم، فضلا عن كرامة الله الخاصة بهم، لكنه يؤمن إيماناً راسخا انه لا سبيل للأمة في الحفاظ على هويتها، وفي السعي لاستعادة عافيتها، إلا بالتمسك بما نص عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في أكثر من حديث من مثل قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم :"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وان عبد حبشي، فإنه من يعش منكم ير اختلافا كثيرا وإياكم، ومحدثات الأمور فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ "
وقد علم ـ رحمه الله ـ ضعف أبناء الزمان، وحاجتهم للشرح والبيان، فاصطلح على ما اسماه "بالتصفية والتربية "ومراده التمسك بهدي النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وتعلمه والعمل به ظاهرا وباطنا، ومراده وضع الإصبع على الأمراض في تنصيصه على "التصفية "، والحاجة العظيمة لتبين السنة من البدعة، والحق من الباطل، ومراده أيضا الحل المبني على النظرة العامة للأمة ككل، وما ينتشر فيها من بدع وأمراض وأفكار ـ لا يغفل عن دور تراكمات التاريخ فيها ـ فلا بد من حل شرعي شامل وكامل لا يقتصر في النظر على جانب من الجوانب ـ كالتركيز على بدعة الحاكمية مثلا ـ ويهمل باقي أركان الدين، وحقيقة ما عليه المسلمون، فإن هذا جهل بالشرع وبواقع المسلمين في دينهم، ومراده أيضاً الوقوف على القالب الشرعي والمشروع الذي يمكن أن يتدين ويسهم به الكبير والصغير، المسؤول والعامل، والغني والفقير، ومختلف طبقات المسلمين أينما كان موقعهمِ لم تطب دعوة الشيخ إلى السنة والتمسك بها والاقتصار عليها، والى اعادة فهم الدين وتطبيقه إلى ما كان عليه سلفنا الصالح، لم تطب هذه الوجهة للمنحرفين عن السنة، فصاروا يصمون دعوته ويلقبونها بألقاب السوء ـ كذاك الذي يصفها بالعزلة والانتظار مثلا ـ أو بغيرها من التهم الباطلة غير آبهين بما له من منزلة علمية عالية، وقبول واسع عند أتباع السلف الصالحِ ونظرا إلى أن الشيخ الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ قد عاش واقع المسلمين وحالهم فعلم ـ رحمه الله تعالى ـ تفصيليا مواضع الخلل في هذه الجماعات وخطر انحرافها، وعلم يقينيا عظم حاجة الشباب المتدين لمن يبين له السبيل الصحيح في التدين والإصلاح، ويخلص له من بين فرث البدع ودم الجماعات الإسلامية اللبن الخالص للشاربين، من اجل هذه المقتضيات ـ وغيرها مثل قيامه بالحق وغيرته عليه وشجاعته العظيمة في بيانه والدعوة إليه ـ وجد في كلامه الكثير من المناقشة والنقد للجماعات الإسلامية السياسية وإقامة الحجة الشرعية عليهم بالمعقول والمنقول، والإقناع بان الطرق التي اختطوها لا تليق بأهل الدين، وليست من سبيل أهل العلم، ولا تبنى على الحق، وما يحصل بها من مفاسد أعظم من أية مصالح مرجوة، ويكفي من مفاسدها الانحراف عن السنة والصراط المستقيم، وتفريق حبل الأمة وتمزيقها بالتحزبات الطائشة، وفتح أبواب الفتن، وكل هذه المفاسد ـ من جراء طرق الجماعات الإسلامية ـ محسوسة ملموسة يعلمها القريب والبعيد.
فهل انتصحوا بالشيخ الألباني؟!؟
وانتفعوا بنصائحه الغالية العزيزة المباركة، والتي ما فتئ ـ رحمه الله ـ يكررها ويبديها ويعيدها نحو أكثر من نصف قرن من الزمان؟ في الحقيقة أن موقفهم من الألباني ـ رحمه الله ـ مع رفقه ولطفه ورحمته بهم وتودده هو أعظم كاشف ودليل على أن القوم قد ترسخت فيهم وجهة غير وجهة أهل العلم والسنة، وتركزت المذاهب البدعية السياسية من نفوسهم على وجه صاروا معه بدلا من أن يردوا دعوة الشيخ بالتي هي أحسن، صاروا يطعنون على الألباني ـ رحمه الله ـ ويسفهون طريقته ودعوته ـ ودعوة المشايخ والأئمة من قبله ومن بعده ـ،
وهو ـ رحمه الله ـ الذي عرف بالسلفية وعرفت السلفية به في الدنيا كلها، ثم يصر أتباع هؤلاء الناعقين على أنهم سلفيون، وان دعوتهم سلفية، ولايزال بعض طلاب العلم السلفيين ـ لا ادري ما أقول :الطيبون المخلصون أم ماذاِ؟؟ ـ يتفيأون ظلال الأحزاب، ويسترخصون أنفسهم خدما للسياسيين، يطأون على جماجمهم، فيرفعون أصواتهم في المنابر التي وصلوها عاليا بما شاؤوا، والدراويش ـ الصوفية الجدد ـ يذكرون الله كثيرا في الحلق والمساجد، تحت شبهة الإصلاح من الداخل أو تكثيرا للخير أو غير ذلك من نفثات شياطين الجن والأهواء التي تسببت في ارتكاسهم "والله اركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ".