أَيهاَ المسلمون - شعوبًا وحكامًا - أُثبتوا على الإسلام واعتزوا به !
فضيلة العلامة د. ربيع بن هادي بن عمير المدخلي
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ، أما بعد : فقد كثر الكلام عن " حوار الأديان وعن حرية التعبير وحرية التدين " في الصحف والمواقع الفضائية وفى المجالس الخاصة والعامة .
وإذا بحث المسلم عن منشأ هذه الآراء ؛ فلا يجده إلا من أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والعلمانيين المتحللين من القيم والعقائد السماوية والأخلاق الرفيعة ، ولا يجد له على الأوجه التي يريدونها أي سند من القرآن والسنة ؛ إلا ما يُلَبِّسُ به بعض هواة هذه الحريات الذين لا يفرقون بين ما شرعه الله ، وما منعه من الأقوال والأعمال ، ولا بين الحق والباطل ولا بين الهدى والضلال .
وأنا هنا : لا أخاطب أعداء الإسلام ؛ وإنما أخاطب من رضي بالله ربًا ومشرعًا ، ورضي بالإسلام دينًا ، وبمحمد رسولاً - أو من يدعي ذلك - .
وأدعوهم إلى الثبات على الإسلام والتزامه عقيدةً ومنهجًا وتشريعًا ، وذلك هو الصراط المستقيم الذي يدعو به كل مسلم في صلاته : أن يهديه الله إليه ؛ فيقول : ( اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) . [ الفاتحة : 6 ] .
وهو الذي أمر الله المؤمنين باتباعه في قوله - عز وجل - ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) الآية . [ الأنعام : 153 ] .
وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنَّ على كل سبيل من هذه السبل شيطان يدعو إليه . وأنَّ هناك دعاة على أبواب جهنَّم من أجابهم قذفوه فيها . - عياذًا بالله تعالى - .
ثمَّ أقول لهم :
• إن الحرية الصحيحة إنما هي في الإسلام دين الله الحق ؛ الذي جاء لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، من ظلمات الجهل والكفر والشرك والرذائل الأخلاقية إلى نور الإسلام الذي حوى التوحيد : إفراد الله الخالق الرازق المحيي المميت ؛ الذي له صفات الكمال ونعوت الجلال ، إفراده وحده بالعبادة والتوجه إليه بالمطالب كلها ، واللجوء إليه وحده عند الشدائد والكروب .
والكفر بالطواغيت التي اتخذها ضُلال الناس آلهة وأندادًا لله ، يعبدونها ويخضعون ويخشعون لها من البشر ومن الأحجار والأشجار والحيوانات ، وغيرها من المخلوقات سواء الأحياء منهم والأموات ، فهذه هي الحرية الصحيحة ، وهذا هو التحرير الصحيح ؛ أن يتحرر الإنسان الذي كرمه الله من العبودية لكل ما سوى الله .
فهل من شرعوا للناس هذه الحريات وينادون بها ارتفعوا بالناس إلى هذا المستوى الرفيع الذي يليق بكرامة الإنسان
الجواب : لا ... وكلا ... إنهم يريدون : أن يبقى الناس يرسفون في أغلال هذه العبوديات المذلة يعبد كل إنسان ما يريد ويتدين بما يهواه ، من الأديان الباطلة التي بعث الرسل كلهم لإبطالها وهدمها ، وتطهير الأرض ، وتحرير العباد والعقول والعقائد والأخلاق منها .
ولن يتحرر الناس شعوبًا وحكومات ؛ إلا باتباع دين الله وتشريعاته العادلة الحكيمة التي تحفظ للناس دينهم الذي شرعه الله ، وتحفظ لهم عقولهم وكرامتهم وأعراضهم ودماءهم وأنسابهم وأموالهم ، وتضمن لهم الأمن الحقيقي والسلام الحقيقي ، وتقضي على الفوضى في التشريعات والأخلاق الرذيلة المتحللة .
وتغرس في نفوس الناس العقائد الصحيحة والعبادات الصحيحة والسياسات العادلة .
وتغرس في نفوسهم الأخلاق الزكية ، من الصدق والأمانة والعدل والحلم والكرم والرجولة والشجاعة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة .
وتكرِّه إلى النفوس الكفر والفسوق والعصيان ، والفواحش بالأقوال والأفعال .
فهل تجد في الدعوات إلى هذه الحريات شيئًا من هذه التشريعات الربانية التي فيها الزكاء والنقاء والبناء .
وفيها التحرر من الشرك بالله والعبودية لغير الله ممن لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشوراً !؟
والتحرر فيها من الأخلاق الساقطة والأقوال الباطلة ، والتحرر من الفوضى والهمجية في الدين والأخلاق . الأمور التي تشرعها وتقرها الدعوات إلى حرية التدين وإلى حرية التعبير وإلى أخوة الأديان .
أيها المسلمون : خذوا دينكم بجد وقوة وعزيمة صادقة ، وعضوا عليه بالنواجذ ، وارفضوا هذه الدعوات الباطلة التي اخترعها أعداء الله من شياطين البشر ، والتي لا هدف لها ولا غاية لها إلا هدم الإسلام ، وما فيه من عقائد عظيمة وأخلاق وعبادات زكية ، وإخراج للناس من عبادة الله وتعظيم رسالاته ورسله إلى عبادة الشيطان والهوى والأشجار والأحجار وغيرها من المخلوقات والمنحوتات ، وإلى اتباع الشهوات ، والسقوط في حمأة الرذائل ؛ فاعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، وكونوا عباد الله إخوانًا ، وعلى الحق وضد الباطل أعوانًا .
واجعلوا آيات التوحيد نصب أعينكم وغاية الغايات من حياتكم ، ومن هذه الآيات قوله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ) . [ الذاريات : 56 - 57 ] .
وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا للهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) . [ البقرة : 21 - 22 ] .
وقوله تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ ) . [ البينة : 5 ] .
والآيات في هذا الباب كثيرة ؛ فاحفظوها وافقهوها وطبقوها في حياتكم ، واجعلوها دروعًا وسدودًا في وجه الدعوات الباطلة ؛ بل ادعوهم ليؤمنوا ويعملوا بها ، وحرروهم ، وانتشلوهم من وهدة الضلال وظلماته ومخازيه ، ومن العبوديات لغير الله .
• يجب على المسلمين - جميعًا - : أن يتذكروا ، وأن يعتقدوا في قرارة أنفسهم : أن الله لم يخلقهم هملاً لا يأمرهم ولا ينهاهم ؛ فيختار كل إنسان ما يهواه .
قال تعالى : ( أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى ) . [ القيامة : 36 ] .
وقال تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ) . [ المؤمنون : 115 ] .
وقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) . [ ص : 27 ] .
فلا يظن بالله هذا الظن السيء - من أن الله خلقنا سدى وهملاً ، وأن الله خلق السماء والأرض وما بينهما بغير حكمة ولا غاية ، إلا الكفار الذين لا يتبعون رسله ولا يصدقون أخباره ووعده ووعيده ، ولا يحترمون تشريعاته ، ولا ينقادون لأوامره ولا يجتنبون نواهيه ، ولا يحرِّمون ما حرمه - ، لا يظن هذا الظن السيء ، ولا يتمرد هذا التمرد ؛ إلا الكفار الذين أعد الله لهم النار خالدين فيها وبئس القرار ؛ فهل يعتبر ويعقل وينظر في العواقب من يركض وراءهم ويدعو إلى سلوك مناهجهم بل ويزهو بها !؟
أولئك الدعاة على أبواب جهنم الذين حذَّر منهم رسولنا الناصح الأمين - صلى الله عليه وسلم - ، فيجب على علماء الإسلام التحذير منهم ومن دعواتهم ، وأن يكشفوا عوارها ويهتكوا أستارها بالحجج والبراهين .
• يجب على الناس - جميعًا - : أن يعتقدوا : أنِّ حق التشريع لله وحده لا يملكه ولا شيئًا منه أحدٌ غيره . قال تعالى : ( إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ) . [ يوسف : 40 ] .
وقال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) . [ الإسراء : 23 ] .
وقال تعالى : ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ) . [ الشورى : 10 ] .
وقال تعالى : ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ ) . [ الشورى : 21 ] .
وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) . [ الأعراف : 33 ] .
وقال تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ) . [ الأعراف : 157 ] .
والديمقراطية - وما ينشأ عنها من القول : بحرية التدين وحرية الرأي وحرية التعبير - تبيح التشريع لغير الله ، وتبيح الشرك بالله والكفر به ، وتبيح الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وتبيح الإثم والبغي إلى أبعد الحدود ، وتبيح القول على الله بغير علم ، وتبيح الجدال بالباطل ليدحضوا به الحق ؛ كما قال الله عن أسلافهم : ( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ) . [ غافر : 5 ] .
• يجب على المسلمين - جميعًا - : أنَّ يعتقدوا : أن الله لم يشرع لهم ؛ إلا ما ينفعهم ويصلح قلوبهم وأحوالهم وحياتهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة ، ولم يحرم عليهم من الأقوال والأعمال والأخلاق والمآكل والمشارب والمناكح إلا ما يضرهم ويفسد قلوبهم وأخلاقهم وحياتهم ؛ فما من خير وكمال إلا شرعه الله لهذه الأمة ، وما من شرٍّ وضرر وضلال وظلم وبغي إلا حرمه . قال تعالى : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) . [ الأنعام : 38 ] .
وقال تعالى : ( اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) . [ المائدة : 3 ] .
فماذا يريد من يدَّعي الإسلام ثم يركض وراء أعدائه مطالبًا بالديمقراطية داعيًا إلى حرية التعبير وحرية التدين ووحدة الأديان ، والمساواة بينها ، ولسان حاله يقول : إنَّ الكمال كل الكمال في غير الإسلام وعند أعدائه ؛ فتلك هي الحضارة الراقية والمبادئ السامية التي يجب على أمة الإسلام أن تستضيء بها ، وتدور في فلكها وتنسج على منوالها .
هذا مع العلم : أنَّ هؤلاء المغترين والغارِّين بها لا يأخذون من هذه الحضارة إلا الضار المهلك ؛ الذي لا يزيدهم ومن يقلدهم إلا خسارًا وبوارًا وانحدارًا .
فمن أكبر المهانات والصغار والذل والانحراف عن الإسلام وعقائده ومناهجه : أن نقلد أعداء الله ورسله ودينه في تشريعاتهم وقوانينهم وقواعدهم وأخلاقهم ، بدلاً عن التمسك بديننا ، والاعتزاز بما تضمنه من عقائد صحيحة ، وتشريعات حكيمة ، ومناهج وأخلاق عالية .
وبدل أن ندعوهم إلى الارتفاع إلى ما تسنمه الإسلام وأهله ؛ الذين فهموه والتزموه وطبقوه من قمم عالية ؛ يهبط كثير من المسلمين إلى حضيض جهلهم وضلالهم ومستنقعاتهم ، فيتعلق بالديمقراطية ، ويحاكم إليها ، وإلى ما انبثق عنها من قوانين وتشريعات جاهلية في أعظم قضايا الإسلام ، ويطلب مساواة الإسلام بالأديان الكافرة ، ويطلب إنصاف الرسول الكريم انطلاقًا من هذه الديمقراطية التي شرعها اليهود والنصارى والملاحدة لإذلال المسلمين وللقضاء على تشريع رب العالمين .
يا معشر المسلمين المبهورين ( ما لكم كيف تحكمون ) وأين عقولكم !؟
ولماذا لا تسمعون لصيحات علمائكم وعقلائكم وحكمائكم !؟
إن الأمر والله لخطير إن لم يتدارك الله هذه الأمة ، وإن لم يضاعف العلماء والحكماء والعقلاء جهودهم في صد هذه التيارات الجارفة التي تمتلك كل الوسائل الشريرة والمدمرة التي تهدف إلى اكتساح المجتمعات الإسلامية ، والقضاء على الإسلام والرمي بأمة الإسلام بعيدًا عن دينهم .
• يجب على المسلمين : أن يعتزوا بدينهم العظيم الذي شرع لهم ضبط الأقوال والأفعال في جميع شؤونهم الدينية والدنيوية ؛ ليُجَنِّبَهُمْ المخازي والرذائل والمهالك والظلم والبغي والعدوان .
قال تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ) . [ النحل : 90 ] . أي : في الأقوال والأفعال .
فهل يوجد مثل هذا التشريع في حضارة الغرب وديمقراطيتها !؟
لا والله ... لا يوجد فيها العدل والإحسان والنزاهة ، وإنما الظلم والطغيان ، ولا يوجد فيها النهي عن الفحشاء والمنكر ؛ بل تشرع لهم ذلك ، وتحميه باسم حق الحريات .
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ) . الآية . [ الحجرات : 12 ] .
انظر كيف يحمي الأعراض من السخرية والاستهزاء ، ومن التنابز بالألقاب !؟ وكيف يقبح هذه الأفعال ويذمُّها !؟ وكيف يحمي الأعراض من الغيبة !؟ ويشبه من يفعل ذلك بمن يأكل لحم البشر ميتًا تقبيحًا لها وتنفيرًا منها .
فهل يوجد مثل هذا في حضارة الغرب وديمقراطيته ، وما نشأ عنها من تشريعات !؟
لا والله ... لا يوجد . كيف يوجد مثل هذا في ديمقراطية تبيح في تشريعاتها كلَّ المحرمات بما فيها الزنا واللواط والخمر والربا ، والتحلل من الأخلاق العالية !؟
وما هو شرٌّ من ذلك ، وتحارب دين الله الحق ؛ بل تكفر به ، وتسعى جاهدة للإجهاز عليه في عقر داره .
وقال تعالى : ( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ . حُنَفَاءَ لله غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِه وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ ) . [ الحج : 30 - 32 ] .
فهل تجد في حضارة الغرب وديمقراطيتها تعظيمًا لحرمات الله وتعظيمًا لشعائره !؟
وهل فيها تشريعات صارمة باجتناب الرجس من الأوثان واجتناب قول الزور !؟
وهل يوجد فيها أدنى تحذير من الشرك بالله وبيان خطورته !؟
كلا والله ... ما فيها إلا الدعوة إلى الكفر والشرك ، وحماية الرجس من الأوثان ، وإباحة قول الزور والكفر والفواحش باسم حرية التدين وقداسة الأديان وحرية التعبير !
ومن عنده احترام للإسلام ؛ فليخجل من المناداة بالديمقراطية ، والتحاكم إليها باسم حرية الأديان وتقديس الأديان التي بعث الله الرسل بهدمها .
والشاهد : أنَّ في الإسلام العدل في الأقوال والأعمال والمعتقدات ، وضبط أقوال العباد ومعتقداتهم وأعمالهم .
وفي حضارة الغرب وديمقراطيتها الفوضى الدينية والأخلاقية باسم الحريات والمساواة الكاذبة بين الحق والباطل ، بل بترجيح الباطل على الحق ، والكفر والشرك على التوحيد والإيمان ؛ بل بالسعي الجاد في القضاء على التوحيد والإيمان وما يتبعهما .
ومما جاء في الإسلام من ضبط الأقوال ، قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) . [ الأحزاب : 70 - 71 ] .
انظر إلى قوله تعالى : ( وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ) ، وما فيه من الأمر بضبط الأقوال المناقضة للفوضى الديمقراطية التي تبيح للإنسان أن يقول ويفعل ما يشاء باسم حرية التعبير ، ولو كان سبًا للأنبياء وسخرية بهم .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ؛ فليقل خيرًا أو ليصمت ) . [1] .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ) . [2] .
قوله : ( ما يتبين ما فيها ... معناه : لا يتدبرها ويفكر في قبحها ولا يخاف ما يترتب عليها وهذا كالكلمة عند السلطان وغيره من الولاة وكالكلمة تقذف ، أو معناه كالكلمة التي يترتب عليها إضرار بمسلم ونحو ذلك وهذا كله حث على حفظ اللسان ) . [3] .
ونهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن قيل وقال وكثرة السؤال .
وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ اللسان وكفه ، فقال السائل - وهو معاذ ابن جبل - رضي الله عنه - : ( وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به !؟ ) . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ثكلتك أمك ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) . [4] .
وعن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما كان الفحش في شيء إلا شانه وما كان الحياء في شيء إلا زانه ) . [5] .
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ، وإن الله يبغض الفاحش البذيء ) . [6] .
والآيات والأحاديث في هذه الأبواب كثيرة ، وفيها من الآداب الكريمة والتربية الراقية على الأخلاق العالية ما يزكي النفوس ويحفظ العقائد ويحمي الأعراض من الامتهان ، وما لا يعرف قدره إلا الشرفاء النبلاء أولو الألباب والنهي .
فهل يوجد مثل هذا الضبط لحماية الدين الحق والأخلاق الكريمة والأعراض الشريفة في حضارة الغرب وديمقراطيتها وتشريعاتها !!؟
أيها المسلمون : إنَّ الله أرسل الرسل بالآيات البينات للفرقان بين الإيمان والكفر والتوحيد والشرك والحق والباطل . وسمى القرآن المنزل على خاتم الرسل فرقانًا ، قال تعالى : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) . [ الفرقان : 1 ] .
وفي الحديث : ( ومحمد فرق بين الناس ) . وسمى الله معركة بدر فرقانًا .
قال تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الفُرْقَانِ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ ) . [ الأنفال : 41 ] . يعني : يوم بدر الذي أعزَّ الله به الإسلام ونصره وأهله على الكفر والكافرين .
وقال تعالى عن هذا اليوم وهذه المعركة الحاسمة الفارقة بين الحق والباطل : ( وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ . لِيُحِقَّ الحَقَّ وَيُبْطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ ) . [ الأنفال : 7 - 8 ] .
وإحقاق الحق وإبطال الباطل أمر شرعه الله وأراده شرعًا في كل زمان ومكان .
وأعداء الله يريدون غير ما يريد الله وأنبياؤه ورسله والمؤمنون الصادقون المخلصون أولوا البصائر والنهى الذين لا تنطلي عليهم حيل ومكائد أعداء الإسلام المجرمين ، والذين من أخطر مكايدهم الخلط بين الإسلام واليهودية والنصرانية والمجوسية بل والشيوعية ، ويحاربون هذا التفريق الذي شرعه الله لإحقاق الحق وإبطال الباطل ولو كره المجرمون .
فالثبات الثبات على هذا الحق وعلى هذا الفرقان وهذا التمييز بين المسلمين والكافرين .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) . [ الأنفال : 29 ] .
وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) . [ الطلاق : 2 ] .
وقال أيضًا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) . [ محمد : 7 ] .
وقال سبحانه وتعالى : ( وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا ) . [ النساء : 27 ] .
وأشد منهم وأخطر الدعاة إلى وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية التدين ومساواة الأديان !
وتذكروا قول الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً . إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ) . [ الإسراء : 74 - 75 ] .
فماذا سيلقى من يركن إليهم ركونًا كثيرًا ويميل إليهم ميلاً عظيمًا والله يقول : ( قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) . [ المائدة : 100 ] .
ومع كل ذلك ؛ فلن يحاوركم الغرب حوار الند للند بل يحاوركم حوار السيد المتعالي للعبد الذليل ؛ بل حوار من يفرض ما يريد .
وقد ضرب الله مثالين فارقين بين التوحيد والشرك فقال - عز وجل - : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ . تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) . [ إبراهيم : 24 - 25 ] .
الشجرة الطيبة هي : النخلة تؤتي ثمارها كل حين ضربها الله مثلاً للكلمة الطيبة ( لا إله إلا الله ) ، وما يقوم عليها من العقائد والأعمال الصالحة والأخلاق العالية .
ثم قال تعالى : ( وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ) . [ إبراهيم : 26 ] .
قال المفسرون : إن هذه الشجرة الخبيثة هي : الحنظل لا أصل لها ولا قرار ؛ ضربها الله مثلاً للشرك والكفر الذي شرعه الشيطان ؛ فاستجاب له من خذله الله وأخزاه من أهل الملل الضالة ؛ فلو عملوا من الأعمال ما عملوا لا يقبلها الله منهم ؛ كما قال تعالى : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ) . [ الفرقان : 23 ] . ومصيرهم إلى النار وبئس القرار .
بعد هذا التفريق الواضح الجلي من رب العالمين بين الإسلام والمسلمين ، وبين الكفر والكافرين ! يذهب أناس - يَدَّعُون الإسلام - يَدْعُونَ إلى الخلط والمساواة بين الإسلام والنحل الكافرة ! ويطلبون من الأمم المتحدة والهيئات الدولية أن تصدر قرارات تسوي بين الأديان ، ولا مانع - عندهم - أن يكون الإسلام في ذيل الأديان ! عياذًا بالله من هذه المواقف الذليلة .
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ . وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) . [ آل عمران : 100 - 101 ] .
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ . بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ) . [ آل عمران : 149 - 150 ] .
فعلى المخدوعين بقضايا الحوار وحرية الرأي وحرية التدين : أن يدركوا : أن الغرب الاستعماري إنما يريد فرض منهجه الفكري ، ويرفض الحوار إلا مع نفسه أو السائرين على نهجه .
اقرأ ما يقوله أحد فلاسفة الغرب وهو : الكاتب الفرنسي ريجيس دوبريه ؛ في تعليقه على قضية الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتبرًا : أنَّ النهج الفكري الأوروبي ما زال استعماريًا . وطلب دوبريه في لقاء مع أسبوعية " لو نوفيل أوبسرفاتور " الفرنسية من الأوروبيين التخلي عن محاولات فرض أفكارهم على عالم يلعب فيه الدِّين الدور الأكبر . ويقول : ( لقد خلعنا الخوذة ، ولكن تفكيرنا بقي استعماريًا ) . يقول دوبريه موضحًا : ( نريد أن يكون العالم شبيهًا بنا وإلاَّ حكمنا عليه بالتخلّف والبربرية ) .
ويضيف : ( أن هذا العيب الحسي التاريخي لدى الفوضويين والإباحيين في بلداننا يتحدَّر من ضمير محض استعماري ) .
ويقول : ( الغرب يفاخر بنظامه المتعدد النقدي ، ولكنه يرفض التحاور إلا مع نفسه أو مع شرقيين ذوي ثقافة غربية نُوكِّل إليهم مهمة إخبارنا بما نحب سماعه ) . أ.هـ . [7] .
وأكبر شاهد لما يقول - وقد أدركه قبله ذووا العقول واليقظة - : أنه منذ نادى رؤساء النصرانية من حوالي ثلاثين عامًا بحوار الأديان وعقدت مؤتمرات لحوار الأديان ؛ فلم يتحرك هؤلاء إلى الإسلام خطوة واحدة ، وإنما يتحرك إليهم وإلى مناهجهم من يحاورهم ويدعوا إلى حوارهم ، ولو واجهوهم بحقائق الإسلام لتوقف الحوار ولفر الكنسيون فرار الأرانب من الأسود .
ويجب التنبه إلى ذوي الثقافة الغربية الحريصين على هذا الحوار ، ويجب أن تعرف أهدافهم كما انتبه لهم هذا الفيلسوف وبيَّن واقعهم .
وأخيرًا : أدعوا المسلمين - حكامًا وشعوبًا - إلى التَّمسُّك الجاد بالإسلام ، والاعتزاز به ، وتربية الحكَّام لأبنائهم وشعوبهم وجيوشهم على الإسلام ؛ عقائده ومناهجه وأحكامه وسياسته عن طريق المدارس والجامعات والإذاعات والصُّحف والمجلات وشبكات المعلومات ، وضبط هذه الوسائل وتوجيهها بل وإلزامها بنشر عقائد الإسلام ومناهجه وأخلاقه .
قال تعالى : ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) . [ الحج : 41 ] .
وصلى الله على نبيِّنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا .
• ملاحظة : أصل هذا المقال كان بعنوان : [ حرية الرأي ] للشيخ ربيع كتبه بتاريخ : 21 صفر 1427 هـ . ثمَّ زاد عليه زيادات نفيسة - لتعمَّ به الفائدة - بهذا التاريخ 17 جمادى الثانية 1431 هـ .
-----------------------------------------------
الحواشي :
[1] أخرجه البخاري في كتاب " الرقاق " : [ باب : حفظ اللسان ] : (6475) ، ومسلم في كتاب " الإيمان " : [ باب : الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير وكون ذلك كله من الإيمان ] : (173) .
[2] أخرجه البخاري في كتاب " الرقاق " : [ باب : حفظ اللسان ] : (6477) ، ومسلم في كتاب " الزهد والرقائق " : [ باب : التكلم بالكلمة يهوي بها في النار ] : (7481) .
[3] انظر " شرح صحيح مسلم " للنووي : (18/117) .
[4] "صحيح " أخرجه أحمد (6/305 رقم : 21511) ، والترمذي في كتاب : " الإيمان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " : (2616) ، وغيرهما ، وقال الترمذي : ( حسن صحيح ) . وانظر " صحيح سنن الترمذي " : (590) ، و " إرواء الغليل " : (2/138 رقم : 413) للعلامة الألباني - رحمه الله - .
[5] " صحيح " أخرجه أحمد (3/644 رقم : 12279) ، والترمذي في كتاب : " البر والصلة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " [ باب : ما جاء في الفحش والتفحش ] : (1974) ، وابن ماجه في كتاب : " الزهد " : [ باب : الحياء ] : (4185) ، وغيرهم ، وقال الترمذي : ( هذا حديث حسن غريب ) . وصححه الألباني في " صحيح سنن الترمذي " : (449) ، و " صحيح سنن ابن ماجه " : (695) .
[6] " صحيح " أخرجه الترمذي في كتاب : " البر والصلة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " : [ باب : ما جاء فيحسن الخلق ] : (2002) ، وابن حبان في " صحيحه " في كتاب : " البر والإحسان " : [ باب : ذكر البيان بأن الخلق الحسن من أثقل ما يجد المرء في ميزانه يوم القيامة ] : (2/230 رقم : 481) ، وقال الترمذي : ( حسن صحيح ) .
ولشطره الأخير شواهد من حديث عبد الله بن عمر ، وأسامة بن زيد ، وابن مسعود : راجع " سلسلة الأحاديث الصحيحة " للعلامة الألباني - رحمه الله - : (2/536 - 537 رقم : 876) .
[7] " جريدة الوطن " - الاثنين 21 محرم 1427 هـ / الموافق 20 فبراير 2006 م : [ العدد : 1970 السنة السادسة - ص 27 ] .