فارس المنتدى
الجنس : العـمـل : الحمد لله هوايتي المفضلة : الانترنات و الرياضة وسام : وسام العضو منتديات عائلة تابلاط :
| موضوع: فن المقالة الأدبية الجمعة 9 أبريل 2010 - 0:37 | |
| المقالة الأدبية(1) :
لكتابة المقالة الأدبية شروط ومواصفات معينة ينبغي أن يعيها الكاتب، وأن يتقيد بها حين يمارس هذا اللون من الكتابة الأدبية.
لعل في مقدمتها أن تكون المقالة في حجم معين محدد، كالعمود الصحفي الواحد مثلاً؛ والخروج بها عن حد الحجم المعقول يفضي بها إلى أن تكون بحثاً أو دراسة.
وأمر آخر يتصل بالأسلوب، وهو أن تكتب بلغة عربية فصيحة، سلسة، واضحة، لا غموض فيها ولا التواء ولا إغراب، وهذا يعني أن تعرض الفكرة التي يراد عرضها عرضاً واضحاً، ولكن في لغة تخلو من الكلمات العامية التي لا تمت إلى الفصحى بصلة.
ولابد أن تشتمل المقالة على فكرة معينة يريد أن يطرحها الكاتب، أو مشكلة يريد أن يعرضها للمناقشة واقتراح الحل الذي يراه مناسباً.
وقد تكون الفكرة أو المشكلة أدبية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو سياسية، أو ما يتصل بشؤون الحياة وقضاياها.
ويتركب هيكل المقالة من المقدمة، والعرض، والخاتمة. ويشترط في المقدمة أن تكون إرهاصاً للفكرة أو المشكلة التي يراد عرضها، وذات صلة بها، وهذا مايسميه علماء البلاغة ببراعة الاستهلال.
والعرض هو طرح الفكرة أو المشكلة، ومناقشتها مناقشة واضحة من جميع جوانبها.
أما الخاتمة فتتضمن الحل المقترح غالباً.
ولابد أن تكون المقدمة والخاتمة أقصر من العرض؛ لأن مدار المقالة هو طرح الفكرة ومناقشتها، وهذا هو لب الموضوع وجوهره.
ونشأت المقالة في أحضان الصحافة، ولا سيما الصحافة اليومية؛ لأنه يناسبها هذا اللون من الكتابة الأدبية الخفيفة التي لا ترهق القارئ، ويجد الوقت لقراءتها في مختلف الظروف والأحوال.
وإذا كانت المقالة بنت الصحافة فمن الطبيعي أن يعرفها الغرب قبل الشرق؛ لأن الصحافة وجدت في أوروبا قبل أن تعرفها بلدان الشرق بأكثر من مائتي عام، وحين أذكر ذلك فإنما أريد الصحافة الحديثة التي شاعت بعد أن اخترع حنا جوتنبرج (1400 ¯¯ 1468م) الطباعة، أما إذا تلمسنا تاريخاً قديما لنشأة الصحافة، فالصينيون يبدون أسبق الأمم لإصدار أول صحيفة في العالم، كان ذلك في عام 911 ق.م. وعرفت المقالة طريقها إلى الشرق العربي حينما انتشرت الصحافة، وكانت الشؤون السياسية الموضوع الأول الذي تصدر فن المقالة بحكم خضوع البلدان الشرقية في ذلك الوقت للاستعمار.
ولكن الأسلوب الذي عولج به هذا الفن في تلك الفترة كان امتداداً لأساليب العصور الوسطى، من حيث الاحتفال بالسجع وسائر ضروب البديع، والتضحية بالمضمون في أكثر الأحيان في سبيل تزويق الشكل وتنميقه، وإخراجه في الصورة التي عرفت عند كثير من الكتاب قبيل عصر النهضة الحديثة.
وعند الرجوع إلى الأدب العربي القديم، إلى العصر العباسي بخاصة، نلاحظ نماذج من النثر لا تختلف اختلافاً ملحوظاً عن فن المقالة كما عرفناه، فالرسائل الإخوانية والأدبية والعلمية التي شاعت في القرن الثاني والثالث من الهجرة تتوافر فيها شروط المقالة ومقاييسها الفنية إلى حد كبير، وحسب القارئ في هذا أن يطلع على بعض رسائل عبدالحميد الكاتب وصديقه ابن المقفع، وعلى رسائل العتابي، ومحمد بن زياد الحارثي، وابن سيابة، وجبل ابن يزيد، والجاحظ وغيرهم.
ويمكن له أن يطلع على كثير مما ذكر في الجزء الثاني والثالث والرابع من جمهرة رسائل العرب لأحمد زكي صفوت، وسيجد فيها ما لا يتوافر في كثير من الكتب مجتمعة. | |
|