تصريح 28 فبراير 1922 هو تصريح اعلنته بريطانيا من طرف واحد في لندن والقاهرة في هذا التاريخ. اعلنت فيه انهاء الحمايه البريطانيه على مصر، وان مصر " دوله مستقله ذات سياده "، لكن احتفظت بريطانيا بحق تأمين مواصلات امبراطوريتها في مصر، وحقها في الدفاع عنها ضد أي اعتداء أو تدخل اجنبى، وحماية المصالح الاجنبيه والاقليات فيها، وابقاء الوضع في السودان على ما هو عليه.
وكانت الحركة الوطنية تسعى في ذلك الوقت إلى تحرير مصر من الاحتلال البريطاني وليس الانفصال عن الدولة العثمانية والاستقلال التام عنها لان ذلك في نظر الشعب المصري من شأنه أن يفتت وحدة العالم الإسلامي، ولكن هذا الوضع اخذ يتغير عندما قامت الحرب العالمية الأولى(1914 – 1918م) ودخلت الدولة العثمانية في حرب ضد إنجلترا، وقد انتهزت إنجلترا الفرصة لإنهاء السيادة العثمانية وفرض الحماية البريطانية في نوفمبر1914م، وفي الوقت نفسه كانت الظروف العالمية تتهيأ على نحو يخدم الشعب المصري، فلكي تجذب الولايات المتحدة شعوب العالم للتحالف ضد ألمانيا وتركيا والنمسا, لذلك أعلن رئيسها ولسون مبدأ حق تقرير المصير ومبدأ تأليف عصبة الأمم لحل المشكلات سلميا ودون حرب، وعد انتهاء الحرب وهزيمة الدولة العثمانية وسقوط فكرة الجامعة الإسلامية معها أدرك الشعب المصري أنة غير ملزم بقبول السيادة العثمانية وبرزت فكرة الجامعة المصرية (القومية المصرية) وهكذا تبلورت الحركة الوطنية حول فكرتين أساسيتين:
1. إنهاء الاحتلال البريطاني.
2. إعلان مصر دولة مستقلة ذات سيادة.(1)
وقد تعلق أمل المصريين في تحقيق هذين الهدفين على مؤتمر الصلح المقرر عقدة في باريس 28 يونيه 1919م، وقد اندهش المندوب السياسي البريطاني عندما تحدث سعد زغلول وأصحابة عن السماح لهم بالذهاب لمؤتمر الصلح لأنهم تحدثوا عن الشعب لذلك ألف سعد زغلول واعوانة (الوفد المصري) وعندما علمت إنجلترا بالتحالف قررت نفى سعد زغلول وبعض أعضاء الوفد إلى جزيرة مالطة واندلعت الثورات رد على هذا الفعل، وقد شملت كل طوائف وطبقات الشعب وهنا علمت إنجلترا أنها أمام ثورة شعبية شاملة لذا سارعت بتعديل ما فعلته، وقد تمثلت التعديلات في :
1. التساهل في الإفراج عن سعد وزملائه والسماح لهم بالسفر إلى باريس.
2. سد الطريق أمام الوفد من خلال اعتراف دول المؤتمر بالحماية على مصر.
3. الحصول على اعتراف الشعب ذاته بإرسال (لجنة ملنر) لإقناعهم.
و بذلك فوجئ الوفد المصري باعتراف المؤتمر بالحماية ولكنة لم ييأس وظل سعد زغلول في باريس يقود الحركة في مصر من خلال لجنة الوفد المركزية والتي كان لها الفضل في فشل خطة بريطانيا في إقناع الشعب حيث أمرت جميع طبقات الشعب بمقاطعة اللجنة، وهنا شعر ملنر أنة لا سبيل له مع المصريين سوى بالتفاوض وبدأت المرحلة الأولى بين (سعد وملنر) وكان هدفها إلغاء الحماية البريطانية على مصر والاعتراف باستقلال مصر التام الداخلي والخارجي ولكنها فشلت بسب إصرار بريطانيا على تحويل استقلال مصر لاستقلال شكلي عن طريق: (2)
ü حماية المصالح الأجنبية. ü حرمان مصر من إقامة أي علاقات مستقلة مع دول أخرى.
و من ثم رفض سعد زغلول إبرام أي اتفاقيات واعتقل ونفى للمرة الثانية ولكن إلى جزيرة سيشل تمهيدا لإعلان ما عرف باسم (تصريح 28 فبراير) الذي نص على :
ü إنهاء الحماية البريطانية على مصر وتكون مصر ذات سيادة. ü تلغى الأحكام العرفية التي أعلنت في 24 نوفمبر1914. ü إلى حين إبرام الاتفاقيات بين الطرفين يكون لانجلترا بعض التحفظات: (3)
1) تأمين مواصلات الإمبراطورية البريطانية في مصر. 2) الحق في الدفاع عن مصر ضد أي اعتداءات أو تدخلات خارجية. 3) الحق في حماية المصالح الأجنبية في مصر وحماية الأقليات. 4) الحق في التصرف في السودان. و بتحليل هذه التحفظات نجد أنها لا تعطى مصر استقلال فعلى فهي تستمر في فرض الأحكام العرفية حيث : 1) برر وجود جيش بريطاني في مصر. 2) يعنى حرمان مصر من تكوين جيش مصري. 3) برر التدخلات البريطانية في شئون مصر. 4) تعنى فصل مصر عن السودان.
و لذلك رفضه الشعب المصري ولكن رغم ذلك فان أهم الايجابيات هو دخول مصر في المرحلة الليبرالية وتعنى الأمة المصرية أصبحت هي مصدر السلطات فلقد تألفت لجنة لوضع الدستور الجديد (دستور1923) ولكن الملك تدخل لإعطاء نفسه بعض الصلاحيات في الدستور للتدخل في الشئون حيث أصبح من حقه حل البرلمان دون قيد أو شرط أو إقالة الوزارة مهما كانت رغبة الشعب، ومن هنا بدء تمرد الشعب واضح من خلال الثورات والجمعيات الوطنية واغتيال الجنود الأجانب الذي أثار ذعر الجاليات الأجنبية حيث كان يتم في وضوح النهار.