بعض الخصائص التشريحية والوظيفية للأيائل
تشترك الأيائل في أنها جميعاً من آكلات الأعشاب والثمار والأزهار، ومنها ما يعيش في الغابات، وما يعيش في مناطق الأعشاب الطويلة (السافانا)، ومنها ما يعيش على حواف الصحارى أو التندرا في المنطقة القطبية، والمناطق الجبلية.
ويمكن تمييز معظم أنواع الأيائل من حجمها، ولونها، والصفات الخارجية الأخرى، مثل طول الذيل، وحجم الأذن، وشكل وحجم القرون، وإن كانت هناك صعوبات بالغة في كثير من الأحوال.
الشكل العام
تُشْبه الأيائل كثيراً من المجترات خاصة الظباء، ولها أجساد طويلة ورشيقة، وسيقان رفيعة، وذيول قصيرة، ورؤوس مثلثة الشكل. وعلى جانب الرأس عينان كبيرتان مستديرتان، وأعلاه أذنان مثلثة أو بيضاوية.
القرون
تحمل ذكور الأيائل قروناً عظمية، هائلة تميزها عن باقي الحيوانات المجترة. كما أن لإناث بعض أنواع الأيائل، مثل أيل الرنة أو الكاريبو قرون شبيهة بقرون الذكور. والرأي السائد أن قرون إناث الكاربيو تساعدها في بحثها على الغذاء. فهي تحفر الثلوج بقرونها بحثاً عن الغذاء. وخلافاً لقرون الحيوانات الأخرى، فان الأيائل تستبدل بقرونها قروناً جديدة كل عام. وتختلف قرون الأيائل في أشكالها، حسب نوعها وجنسها.
وتَحكم عملية نمو القرون في الأيائل الهرمونات الذكرية، التي تفرزها الخصى، وهرمون النمو، الذي تفرزه الغدة النخامية الموجودة بقاع المخ. فتحت تأثير هذه المواد الكيماوية ذات الأهمية البالغة، يبدأ الجلد المخملي المغطى بالفراء عند قاعدة القرن، في النمو والتفرع ليكوّن قروناً إسفنجية مليئة بالدم، الذي يحمل لها مقومات النمو والحياة. وفي فصل الخريف من كل عام ينقطع تزويد الجلد المخملي بالدماء ويجف، وتحك الأيائل قرونها في النباتات وجذوع الأشجار ليسقط هذا الجلد الجاف، مما يزيد القرون صلابة. وتعتبر القرون سلاحاً أساسياً للأيائل في صراعها لامتلاك الإناث، في هذا الفصل من السنة.
وفي أواخر فصل الشتاء أو أوائل الربيع (يناير ـ مارس)، تلقى بعض أنواع الأيائل عن رؤوسها عبئها الثقيل، ولكن سرعان ما تبدأ القرون الجديدة في النمو. وبعض أنواع الأيائل، كالأيل الأحمر والكاريبو، قد تقتات على قرونها عندما تنقص أجسادها بعض العناصر المعدنية الهامة لحياتها، مثل عنصر الكالسيوم.
وتتنوع أشكال القرون وأطوالها، ودرجة تفرعها، وعدد نتوءاتها. وبعض القرون ناعمة، وبعضها له حلقات دائرية، وقرون الإناث أقصر من قرون الذكور.
وعظام الأيائل أكثر قوة من عظام حيوانات المزارع، وأكثر سمكاً. وهي مزودة بدعامات داخلية تعطيها قوة وصلابة، مما يساعد على حمايتها من الكسر. وهي من نوع العظام الكثيفة، ونادراً ما نجد عظاماً إسفنجية في الأيائل.
الجلد
تختلف جلود الأيائل في ألوانها بدءاً من الرمادي بدرجاته المختلفة، إلى البني والأحمر أو الأصفر. وتكون المناطق السفلي في جسم الحيوان، أخف لوناً من الأجناب والظهر، وتوجد ـ غالباً ـ منطقة قاتمة اللون حول فتحة الشرج.
وكثير من صغار بعض أنواع الأيائل، وكذلك بعض الأفراد البالغة، تكون مرقطة أو منقطة، حيث تغطي جلودها الداكنة بقع فاتحة أو بيضاء اللون، مبالغة في التخفي، مثل أيل الفالو. وتغير هذه الأيائل جلودها مرتين كل عام، في الربيع والخريف.
الأسنان
الأيل مثل باقي الحيوانات المجترة، ليس لها قواطع في الفك العلوي، وقد استُبدلت بها وسادة لحمية. كما أن بعض أنواعها تفتقد الأنياب العليا أيضاً. وفي حالة وجودها فإنها إمّا أن تكون عادية، أو تستطيل كثيراً كما في ذكور أيل الماء، لتستخدم في القتال.
الشعر
كل أنواع الأيائل تقريباً أجسادها مغطاة بالشعر، ولكن لكل نوعٍ، ما عدا أيل الرنة، بقعة عارية من الشعر عند الخطم.
يتميز شعر الأيائل بالغزارة وعند فحصه تحت المجهر تجده يشبه الشبكة، مما يعطيه شدة تدفئة وقوة تماسك. والشعرة مجوفة وتهيئ للجلد الفرصة لعزل الحرارة صيفاً وشتاءً فلا يفقد الحيوان الحرارة شتاءً ولا يتأثر بحرارة الجو صيفاً.
والجلد على قوته، سهل النزع بعد ذبح الحيوان. كما أن الشعر سهل النزع بعد الدبغ. ويلاحظ أن الجلد سهل القطع أو الخدش، لذا لا يستعمل إلاّ في العرض فقط، وليس له أغراض صناعية مثل جلود حيوانات المزرعة.
الحوافر
قوية ومدببة ومشقوقة بعمق، وأغلب استعمالها في حفر الأرض لتغطية الفضلات، أو الحفر في الثلوج لكشف الأعشاب والتغذية عليها. وهي تساعد على سرعة العدو، كما أن قوة المادة القرنية للحافر تحافظ عليه من الكسر أو الشق، عند الجري فوق الصخور.
بعض الصفات الطبيعية للأيائل
تتمتع الأيائل بحواس شم وبصر وسمع قوية، شأنها في ذلك شأن باقي الحيوانات المعرّضة لهجوم اللواحم. فعند الإحساس بالخطر يرفع الأيل رأسه، ويحملق بحدة، وتستدير الأذنان للأمام للتعرف على مصدر الخطر.
وفيما يتعلق بالنظر والرؤية، فنادراً ما يفلت شيء من مدى بصر الأيائل. ولكنها إذا نظرت إلى غير متحرك فإنها لا تبدي رد فعل، سواء كان هذا الكائن صديقاً أو عدواً، فإذا ما تحرك أدركت هويته عن طريق الحركة. وتعرف الأيائل كل تفاصيل البيئة حولها وتتذكرها، وأي إضافة أو حذف تجذب انتباهها، ويثير فضولها. وعيون الأيائل بارزة من محجريها قليلاً مما يعطيها زاوية واسعة للرؤية، كما أن قوة إبصارها تمكنها من الرؤية على بعد 5 ـ 6 كيلومتر.
ومعظم الأيائل البالغة تعبر عن غضبها أو قلقها، بزمجرة أو صرخة قوية تخرج من أنوفها.
وحياة الأيل تعتمد على سرعة عدوها عند الهرب من الأعداء. وهي صفة مثيرة للانتباه لأن الأيائل قد تركض بسرعة تصل إلى 50 ميلاً في الساعة أو أكثر، ويمكنها تغيير اتجاهاتها فجأة وبالسرعة نفسها وبمناورة عالية.
وتتميز الأيائل بقدرتها الفائقة على السباحة، فهي تضطر في معظم مواسم الهجرة إلى عبور موانع مائية، قد يصل عرضها إلى عشرات الأمتار، وتستطيع أن تقاوم دفع التيارات المائية لتصل إلى الهدف الذي حددته على الشاطئ المقابل. وقد تعبر الأيائل بعض المسطحات المائية لتصل إلى بقعة لا تصل إليها الضواري سباحة، فتنعم بالراحة والاسترخاء.
وفيما يتعلق بعلاقة الأيائل بالحيوانات الأخرى، فإن الأيائل تحاول دائماً أن توثق علاقتها بالحيوانات العشبية الأخرى، مثل الماعز والأغنام بصرف النظر عن فروق النوع أو السن أو الحجم. ولم تسجل أي علاقة بين الأيائل وأحد آكلات اللحوم.
وتنام الأيائل، ولكن على فترات قصيرة، نوماً غير متصل ليلاً أو نهاراً، كما أنها شديدة اليقظة أيضاً ليلاً أو نهاراً. وتوقظها أي رائحة غريبة أثناء نومها، وتجذب انتباهها وتحفزها للدفاع أو الهرب.
السلوك الجنسي والتناسل
تستخدم الأيائل حاسة الشم لمعرفة أماكن الأيائل الأخرى من نوعها طلباً للتزاوج. وتتبع ذكور الأيل الأحمر آثار الإناث، التي تكون في حالة الاستعداد للتزاوج عن طريق شم الأرض المشبعة ببول هذه الإناث، وما تحتويه من مواد كيماوية جاذبه (فرمونات). ومعظم أنواع الأيائل لها غدد خاصة ما بين أظلافها. كما أن جميع الأنواع لها غدد في أعلى الرأس، على مقربة من مقلة العين، تفرز روائح قوية مميزة.
والاتصال عن طريق الصوت بين الأيائل الكبيرة وصغارها، يبدو مقصورا على بعض الأصوات كالثغاء المتبادل بين الأم وأطفالها، أو صيحات التنبيه عند الشعور بالخطر. ولكن يبدو أن عدداً من الأصوات الأخرى، تصدر عن بعض الأنواع خلال موسم التزاوج.
هجرة الأيائل
من الأيائل أنواع مهاجرة، ومنها من لا يبرح موطنه. فالكاريبو، مثلاً، له هجرة موسمية من مكان لآخر، حيث يتغير المرعى والغذاء والارتفاعات، وهذا يعطيها حرية في الحركة وتحمل نقص الأكسيجين الجوى على المرتفعات. ولكنه يفضل نمو الصغار على سفوح الجبال.
وعلى كل، فإن وفرة الغذاء في البيئات هو الذي يحدد كثافة أعداد الحيوانات، فكلما زاد الغذاء زادت الحيوانات.