حقيقة من القرآن ستغيّر العالم
د. زيد قاسم محمد غزاوي
الموقع الالكتروني: www.quran-miracle.com
مقدمة:
يقول الحق جل و على في القرآن الكريم في سورة الحجر – الآية (87): (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)، حيث يخبرنا المولى في هذه الآية الكريمة أن القرآن هو عظيم و هذه القوة للقرآن تظهر إذا تفكر الإنسان في آياته و ليس فقط القراءة السردية للكتاب. لأن مجرد القراءة للقرآن لا تظهر قوة القرآن و لا تجعل القرآن قابل للتطبيق في حياة الإنسان.
في هذه المقالة سأبين بهدى الله عز و جل حقيقة يمكن تعلمها من تدبر آيات القرآن الكريم بحيث أنها ستغيّر حال البشر في العالم أجمع، و إذا استخدمت سيجعلها المولى سببا في هداية البشر أجمعين إلى القرآن و إلى دين الإسلام.
كيفية تعلّم هذه الحقيقة:
يبحث البشر بشكل دائم إلى حل لمشاكلهم في هذه الحياة و يبذلوا الجهد، الوقت، و المال في سبيل ذلك، و لكن الواقع هو أن هذه المشاكل في تزايد مستمر و حال البشر يزداد صعوبة مع مرور الوقت و إذا تفكرنا في مشاكل البشر نجد بأنه يمكن تلخيص أسبابها في الأمور التالية:
1. أعمال السوء: من أسباب مشاكل البشر و المجتمعات هو أعمال السوء و يمكن تلخيص هذه الأعمال فيما يلي:
· قتل و تعذيب الإنسان لنفسه: و من أمثلة هذا الانتحار و التعذيب الذاتي.
· قتل و تعذيب الإنسان لغيره: و من أمثلة هذا قتل الغير (الجريمة) و تعذيب الإنسان لغيره بالسجن و التعذيب.
· إساءة الإنسان لغيره: و من هذا الشتم، المعاملة السيئة، الغيبة و النميمة، السرقة، و الكذب.
2. أعمال الفحشاء: و من أمثلة هذه الأعمال ما يلي:
· الزنا و مشاكله
· الخيانة الزوجية و مشاكلها
· زنا المحارم
· اللواط
· كشف العورات
· الكلام البذيء
3. أعمال القول على الله بما لا يعلم الإنسان: و من أمثلة هذه الأعمال هي ما يلي:
· التهجم على القرآن الكريم
· التهجم على القيم الدينية الطاهرة
· التهجم على أنبياء الله عز و جل
· تشويه الدين و تغيّره
· عمل دين يتوافق مع رغبات الإنسان و أهواءه
فإذا يمكن تلخيص جميع مشاكل البشر في ثلاثة أعمال و هي مبيّنة في صورة (1).
صورة (1): الثلاثة أعمال التي تجلب الألم و الحسرة للإنسان في هذه الحياة و الآخرة.
تشخيص و علاج مشاكل البشر بهدي القرآن:
كما سيتبين في ما يلي فإن الله عز و جل يعلمنا تشخيص و علاج جميع مشاكل البشر عن طريق التفكر في آيات القرآن الكريم، و لتوضيح ذلك فإني أورد المثال التالي و هو يتعلق بتشخيص و علاج أي مرض يجلب الألم و التعب للإنسان و طريقة تشخيص و علاج أي مرض مبيّنة في صورة (2).
صورة (2): الطريقة الصحيحة لتشخيص و علاج أي مرض.
الخطوة الأولى في تشخيص و علاج مشاكل البشر:
أول خطوة في تشخيص و علاج جميع مشاكل البشر تكمن في معرفة المسبب لهذه المشاكل و في هذا يعلمنا الله عز و جل المسبب لجميع مشاكل البشر في سورة البقرة – الآيات (168-169): (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، حيث يعلمنا المولى هنا أعراض تأثير الشيطان على الإنسان و هي مبيّنة في صورة (3).
صورة (3): أعراض تأثير الشيطان على الإنسان.
و إذا قارنا أعراض مشاكل البشر مع أعراض تأثير الشيطان على الإنسان نجد تطابق كامل بين الاثنين كما هو مبين في صورة (4).
صورة (4): تطابق كامل بين أعراض مشاكل البشر و أعراض تأثير الشيطان على الإنسان.
إذا ما دام هناك تطابق كامل بين أعراض تأثير الشيطان على الإنسان كما يخبرنا بها المولى في القرآن و أعراض مشاكل البشر إذا الاستنتاج الوحيد من هذا هو أن الشيطان هو المسبب لجميع مشاكل البشر.
الخطوة الثانية في تشخيص و علاج مشاكل البشر:
تكمن الخطوة الثانية في تشخيص و علاج مشاكل البشر في معرفة آلية تأثير المسبب أي معرفة آلية تأثير الشيطان على الإنسان، و يمكن معرفة هذه الآلية عن طريق التفكر في آيات القرآن الكريم كما هو مبين فيما يلي:
1. التفكر في آية 4 من سورة الناس (مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ):
يبين هنا الله عز و جل بأن هناك أذى و شر من وسوسة الشيطان للإنسان و نتعلم من هذا بأن طريقة تأثير الشيطان على الإنسان هي الوسوسة (الْوَسْوَاسِ) أي أن الشيطان يتحدث للإنسان مثل ما يتحدث شخص لآخر، و يذكر المولى أيضا بأن الشيطان في ذات الوقت خناس أي مستتر و متخفي (الْخَنَّاسِ)، أي أن الشيطان يتخفى من الإنسان أي لا يشعر الإنسان بوجوده.
فالسؤال الآن هو كيف يستطيع الشيطان أن يتحدث للإنسان و في ذات الوقت لا يشعره بوجوده؟ تكمن الإجابة على هذا السؤال في التفكر فيما يلي:
· آية 16 من سورة ق (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ): حيث نتعلم من هذه الآية الكريمة بأن لكل إنسان فينا صوت نفس (تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) و هذا الصوت هو الذي يتحدث به الإنسان و هو في ذات الوقت الصوت الذي يسمعه الإنسان في عقله عندما يفكّر الإنسان مع نفسه بهدوء (أي بدون النطق بالقول). و من ناحية هندسية يمكن تسجيل صوت الإنسان و تحليله كما هو مبين في صورة (5).
صورة (5): تسجيل صوت الإنسان (a) تسجيل لمدة 3 ثواني (b) تسجيل لمادة نصف ثانية.
حيث تبين صورة (5) بأن صوت الإنسان يتألف من طاقة على هيئة أمواج الماء و إذا أخذنا واحدة من هذه الأمواج و قمنا بتحليل المتغيرات الرئيسية التي تحدد مواصفات هذه الموجة نجد بأن من أهم العوامل التي تميّز هذه الموجة هو الطول الموجي (l) و الذبذبة (f) كما هو مبين في صورة (6).
صورة (6): تحديد صفات الموجة بواسطة الطول الموجي و الذبذبة.
فالله عز و جل يخبرنا بأن الشيطان يتحدث إلينا و في ذات الوقت لا يشعرنا بوجوده فالطريقة الوحيدة لكي يتحقق ذلك هو إذا قام الشيطان بمطابقة صوته من حيث الطول الموجي و الذبذبة لصوت نفس الإنسان الذي يسمعه الإنسان في عقله عندما يفكر مع نفسه بهدوء و بالتالي يعتقد الإنسان بأنه يسمع صوت من مصدر واحد في عقله (أي نفسه) و لكنه في حقيقة الحال فإنه يسمع صوتين من مصدرين مختلفين و لكن لأن قرين الإنسان (شيطانه) يطابق صوته لصوت نفس الإنسان فإن الإنسان يعتقد بأن جميع الأفكار التي يسمعها في عقله هي من نفسه و هذا يوافق قول الحق بأن الشيطان هو وسواس و خنّاس في ذات الوقت.
2. التفكر في آية 4 من سورة الفلق (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ):
يبين المولى هنا بأن هناك شر و أذى من نفث (أي نفخ) الشيطان في العقد، فالسؤال الآن هو عن ماهية هذه العقد؟ تكمن الإجابة في الآية 21 من سورة الذاريات (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) حيث يعظنا المولى بالتفكر في خلقه لأجسامنا فإذا قمنا بذلك نجد بأن هذه العقد هي العقد العصبية في الدماغ البشري كما هو مبين في صورة (7).
صورة (7): العقد العصبية في الدماغ البشري للإنسان.
حيث أن كل عقدة عصبية في الدماغ مسئولة عن وظيفة معينة في الجسم، فهناك عقد عصبية في الدماغ وظيفتها تحفيز العضلات في الجسم و يتم هذا التحفيز عن طريق توليد اهتزازات في هذه العقد و بعدها ينتقل سيال عصبي للعضلة المراد شدّها كما هو مبين في صورة (8).
صورة (8): انتقال السّيال العصبي لتحفيز و شد العضلات من أثر تحفيز العقد العصبية في الدماغ.
فالسؤال الآن هو عن علاقة الشيطان بهذا الأمر؟
يمكن معرفة الإجابة من التفكر في الآية 20 من سورة سبأ (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) حيث نتعلم من هذه الآية الكريمة أن إبليس يحاول أن يصدق كذبه و ظنه على البشر و من هذه الطرق هي أن يوّلد قرين الإنسان (شيطانه) شعور مطابق للفكرة التي وسوس بها للإنسان و لتوضيح ذلك أعطي المثال التالي:
يوسوس قرين الإنسان (شيطانه) له بفكرة عن طريق الصوت المطابق لصوت النفس و يسمعها الإنسان في عقله تقول له بأنه نجس و غير نظيف و لذلك فإن عليك إعادة الاغتسال أو الوضوء مرارا و تكرارا و ليصدق إبليس هذه الكذبة على الإنسان فإنه يوجه صوته (الذي هو عبارة عن اهتزازات) الذي يوسوس به للإنسان على العقد العصبية في الدماغ التي تحفز و تشد العضلات في منطقة الصدر و بالتالي تولّد ضيق في الصدر و شعور بالخوف و القلق لدى الإنسان مما يدفع الإنسان إلى تصديق هذه الكذبة أكثر و أكثر، و بالتالي يوّلد ذلك عقدة النجاسة.
الخطوة الثالثة في تشخيص و علاج مشاكل البشر:
بعدما علّمنا الله عز و جل بأن الشيطان هو المسبب لمشاكل البشر و علّمنا برحمته أيضا آلية تأثير الشيطان علينا، فإن الخطوة التي تلي هذا هي العلاج من تأثير الشيطان علينا، و يمكن تعلّم هذا العلاج من التفكر في آيات القرآن الكريم كما هو مبيّن فيما يلي:
1. التفكر في آية 200 من سورة الأعراف: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ): حيث نتعلم من هذه الآية الكريمة أن أول خطوة في العلاج من تأثير الشيطان على الإنسان هي أن يستعيذ الإنسان بالله عندما يسمع فكرة من الشيطان في عقله بصوت مطابق لصوت النفس و هذا يعني بأن يتذكر الإنسان عند سماعه الفكرة من قرينه (شيطانه) بأن هذه الفكرة التي سمعتها للتو هي ليست من نفسه و لكن من قرينه (شيطانه) و أنه عدو له و يريد له الألم و الحسرة بتنفيذه بما وسوس له به في عقله و أن الله لن يحاسب الإنسان على سماع هذه الفكرة و لكن سيحاسبه على تنفيذه لها أم لا.
2. التفكر في آية 169 من سورة البقرة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ): بعد إدراك أن أفكار السوء، الفحشاء، و القول على الله بما لا يعلم الإنسان هي من الشيطان و ليست من نفس الإنسان و أن هذه الأفكار مصممة لتدمير الإنسان و جلب الألم و الحزن له تكون الخطوة الثانية في العلاج هي أن لا يتّبع الإنسان خطوات الشيطان أي أن لا يصّدق و لا ينفّذ الأفكار التي يوسوس بها الشيطان له.
أمثلة على كيفية تطبيق ما سبق: (مثال على السوء: دفع الشيطان الإنسان للانتحار)
الأعراض: سماع الإنسان لأفكار في عقله من قرينه (شيطانه) تقول له بأنه لا فائدة من هذه الحياة و أن لا شيء جيد سيحدث له و أنه لا يوجد سبب للعيش.
التشخيص و العلاج:
1. معرفة المسبب: قرين الإنسان (شيطانه) بصوت مطابق لصوت النفس.
2. معرفة الآلية: يطابق الشيطان صوته لصوت نفس الإنسان الذي يفكر به الإنسان مع نفسه و يسمعه الأفكار حول عدم أهمية الحياة و يدفع الإنسان للانتحار و يعطيه المبررات لذلك.
3. العلاج: أولا أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم أي أن يتذكر الإنسان أن الأفكار التي سمعها الإنسان في عقله حول الانتحار هي من الشيطان و أن هذا القرين يريد للإنسان الألم و الحسرة. ثانيا أن لا يصّدق و لا ينفّذ الإنسان هذه الأفكار من الشيطان التي تدفعه للانتحار و يدرك بأن الشيطان يأتيه بصفة الناصح ليرقق قلب الإنسان للذي يوسوس له به.
كيف ستغير معرفة كيفية تأثير الشيطان على الإنسان العالم؟
السؤال الآن هو: كيف ستغير حقيقة معرفة كيفية تأثير الشيطان على الإنسان العالم؟
الجواب هو أنه عندما يدرك كل إنسان بأن الأفكار التي تأتيه في عقله من أفكار سوء، فحشاء، و القول على الله بما لا يعلم الإنسان هي من قرينه (شيطانه) و أن جميع هذه الأفكار صممها الشيطان ليتسبب بالأم و الحسرة للإنسان في هذه الحياة و الآخرة و عندما يقاوم الإنسان هذه الأفكار عن طريق عدم تصديقها و تنفيذها فإن مشاكل البشر جميعها ستبدأ بالانحسار و يكون هناك سلام و رحمة و سعادة لجميع البشر.