التعريف
الجمل حيوان ضخم وقوي يعيش في الصحراء. ويمكنه السفر إلى مسافات بعيدة عبر الصحاري الحارة الجافة المحرقة، مكتفياً بالقليل من الماء والطعام. وتسير الجمال فوق الرمال الناعمة بيسر وخفة، لذلك سمي الجمل سفينة الصحراء. إضافة إلى أنها تستطيع نقل الأثقال والأمتعة من مكان إلى آخر حيث تنعدم الطرق، ويصعب الترحال. وتساعد الجمال الإنسان، الذي يعيش في الصحراء في كثير من أوجه الحياة المختلفة.
ويحتفظ الجمل بطعامه في سنامه، الذي يحمله على ظهره، إذ يُخزّن فيه كميات من الدهون يحصل منها على الطاقة اللازمة متى تعذر وجود الطعام.
الجمل في اللغة
والجمل هو الذكر من الإِبل، وتُسمى أنثاه الناقة، وصغيرة الحوار، والجمع جمال وأجمال وجمائل وجمالات، وكنيته أبو أيوب وأبو صفوان.
التصنيف البيولوجي
يعتبر الجمل من شعبة الحبليات ـ شعيبة الفقاريات ـ طائفة الثدييات ـ رتبة وجنس الجمال. وهناك نوعان من الجمال، هما: الجمل العربي ذو السنام الواحـد Arabian Camel,Camelus dromedarius ، والجمل البكتيري ذو السنامين Camelus bactrianus Bactrian Camel
، وهما أكبر عائلة الجمال، التي تشمل حيوان اللاما "لاما جلاما Lama glama" وحيوان الألباكا "Lama pacos " اللذان تم استئناسهما منذ عدة قرون، وحيوان الغوْناق "لاما جواناكو Lama guanicoe"وحيوان الفيكونـا أو الفونـاق "Lama vicugna" اللذان ما زالا يعيشان حياة برية.
نبذة تاريخية
يؤكد بعض الباحثين أن الجمال نشأت في أمريكا الشمالية، وأن بعض حيوانات هذه الفصيلة كانت تعيش في تلك البلاد قبل 40 مليون سنة. وفى أواخر العصر البلستوسيني، وحلول العصر الجليدي، هاجر الجمل عبر ألاسكا إلى آسيا، ليكون على مر العصور النوعين الرئيسين المعروفين اليوم. ومن غرب آسيا انتقل الجمل وحيد السنام، عبر شبه الجزيرة العربية إلى شمال أفريقيا. وفى ذلك الوقت نفسه من الماضي السحيق، تحركت بعض الجماعات الصغيرة من فصائل الجمال جنوباً من أمريكا الشمالية إلى أمريكا الجنوبية، لتُكوّن مع الوقت الفصائل الأربعة السابق الإشارة إليها. وعلى العكس من ذلك يُرجّح آخرون أن الجمال نشأت في منغوليا وتركستان، حيث تعيش الملايين منها في أنحاء كثيرة من آسيا حتى الآن.
وتشير الأدلة العلمية إلى استئناس الجمل في جنوب شبه الجزيرة العربية، قبل حوالي أربعة آلاف سنة. وهناك من البراهين ما يؤكد أن الجمال استخدمت في غزو فلسطين قبل 3100 سنة. ويبدو أن استئناس الجمل كان مرتبطاً بالحاجة إليه في التجارة، خاصة نقل التوابل والملح، مما يُرجّح أنها استأنست قبل 5000 أو 5500 سنة. ومن المعتقد أن الجمال العربية لم تكن أليفة قبل ذلك، بل كانت حيوانات برية في شبة الجزيرة العربية. وبعد استئناسها انتقلت الجمال من جنوب شبه الجزيرة العربية، إلى القرن الأفريقي والصومال وبلاد الشمال الأفريقي وأسبانيا وكذلك غرب آسيا والهند
ويعتقد أن الجمل لم يكن معروفاً في مصر حتى الغزو الآشوري أو الفارسي، في القرنين السابع والسادس الميلاديين (2700 ـ 2600 ق 0 م) حيث دخل إلى مصر وشمال أفريقيا عن طريق جنوب غرب آسيا. وخلافاً لذلك يرى آخرون أن الجمال عاشت قبل استئناسها على الحدود المصرية في عصر ما قبل التاريخ، ثم اختفت لتدخل مرة أخرى بعد استئناسها. ومما يؤكد ذلك العثور على حبل مصنوع من وبر الجمل منذ 4700 سنة.
نُقل أول جمل عربي إلى أستراليا عام 1840م، وتلي ذلك جلبُ أعداد كبيرة منها إلى تلك البلاد لاستخدامها في الاستكشافات، وأعمال المحطات في الأراضي الجرداء. وما زال هناك عدد يربو على 25 ألف جمل تعيش حياة برية في مناطق استراليا الصحراوية. ويبدو أن الجمال ازدهرت حيثما ذهبت، بينما انقرضت وانعدم وجودها من أمريكا الشمالية موطنها الأصلي.
أعداد الجمال في العالم
بينما ينتشر الجمل العربي ذو السنام الواحد حالياً، في شبه الجزيرة العربية وبعض بلاد أفريقيا واستراليا، يظل الجمل ذو السنامين أقل استئناساً من الجمل العربي، ويقطن الصحارى الصخرية في آسيا الوسطى، مثل صحراء جولي في منغوليا. وتؤكد إحصاءات هيئة الأغذية والزراعة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة وجود حوالي 12 مليون جمل عربي في أفريقيا، منها 70% في السودان والصومال وأثيوبيا وتشاد وكينيا. والباقي موزع على عدة بلدان مثل الجزائر ومصر و ليبيا وتونس والمغرب وجيبوتي ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا والسنغال فولتا العليا. أمّا في آسيا فيوجد نحو 3 ملايين جمل، منها 40% في الهند و 28% في باكستان إضافة إلى أعداد أخرى غير قليلة في أفغانستان والعراق والمملكة العربية السعودية واليمن وأعداد أقل كثيراً في البحرين وإيران وفلسطين والأردن والكويت ولبنان وعَمّان وقطر وسوريا وتركيا والإمارات العربية المتحدة
سلالات الإبل في الوطن العربي
تختلف سلالات الإبل في الوطن العربي في أحجامها وألوانها. ومن أشهرها:
1. السوداني
تتميز هذه السلالة بضخامة الحجم، وقوة العضلات وبروزها من عمق القفص الصدري، مع سمك عظام القوائم، ويغلب عليها اللون الأشقر. وتصل سرعة هذه الجمال 4 كيلومترات في الساعة، وتحمل ما بين 150 ـ 200 كيلوجراماً. ويستعمل هذا النوع في الأغراض العسكرية والأمنية لقدرته على السير في الطرق الوعرة. وتوجد أعدادٍ كبيرة منه في مناطق غرب السودان
2. البشاري
تتميز بخفة الوزن، ونحافة القوائم، ووفرة النشاط والسرعة. وهي من إبل الركوب، وتصل سرعتها إلى 10 كيلومترات في الساعة، وهي ذات لون بنى. وتنتشر هذه الإبل في شمال شرق السودان ناحية البحر الأحمر، ولدى قبائل البشارية.
3. الصومالي
وهي متوسطة الحجم، وتتميز بلون وبرها الفاتح مع لون أسود على السنام والظهر. ويستخدم هذا النوع في الركوب كما يُربى للحمه ولبنه.
4. العربي النجدي
تنتشر هذه السلالة ذات اللون البني الداكن في شمال الجزيرة العربية، وتتميز بتكيفها مع الظروف المناخية القاسية وقدرتها على العمل الشاق. وهي تستخدم في نقل الأحمال كما تُربى للحمها وألبانها.
5. العُماني
تنتشر هذه السلالة في عَمّان جنوب شرق الجزيرة العربية. وهي ذات لون أبيض أو عسلي فاتح، وتتميز بالسرعة الفائقة التي قد تصل إلى 35 كيلومتراً في الساعة. وهي من أشهر إبل سباقات الهجن في منطقة الخليج العربي، ويطلق على هذه الإبل "المغاتير".
استخدامات الإبل
في كثير من بلدان آسيا وأفريقيا يعتمد الناس على الإبل في قضاء معظم احتياجاتهم اليومية. ففي الأراضي التي تقع على حافة الصحاري، يُستخدم الجمل في جر المحاريث لإعداد الأراضي الزراعية وتجهيزها. كما يُستفاد منه أيضاً في السواقي لري الحقول وحمل الغلال إلى الأسواق. أمّا في أعماق الصحاري فان الإبل تعتبر الوسيلة الوحيدة لنقل الأطعمة والملابس والأغطية. وفى المقابل فإن الإبل في حاجة إلى الإنسان لمدها بالماء من الآبار، حتى تعيش خلال فترة الصيف قائظ الحرارة.
ويمكن للإبل أن تحمل أثقالاً قد تصل إلى 150 كيلوجراماً لمدة ثماني ساعات متواصلة. وقد تئن وتتأوه تحت وطأة هذا الثقل، ولكنها تواصل السير.
وتُعد الإبل مصدراً هاماً من مصادر الغذاء لسكان الصحاري، فيأكلون لحومها ويذيبون شحومها التي يأخذونها من سنامها ويستعملونها في الطهي. كما يشربون لبنها، ويصنعون منه الجبن. ويستخدمون جلودها في صناعة الملابس، وينسجون وبرها الناعم لصناعة أغطية صوفية ناعمة، ومن جلود الإبل القوية المتينة تصنع الأحذية والحقائب والسروج. ومن الناس من ينحت عظام الإبل الجافة كما يفعلون بالعاج، ويصنعون منها بعض أنواع الحلي والأواني. كما يستفاد من روثها الجاف وقوداً.
وتظهر الإبل بحجم أكبر من حجمها الحقيقي بسبب وبرها السميك ذي اللون البني، المتدرج من اللون الأبيض تقريباً إلى اللون الأسود. ووبر الجمل العربي أقصر كثيراً من وبر الجمل ذي السنامين، الذي قد يصل طوله إلى نحو 25 سم عند رأسه وعنقه وسنامه. لذا يفضل الوبر الطويل للجمل ذو السنامين على غيره في نسج الملابس الصوفية. ومن المعروف أن الإبل تفقد وبرها في فصل الربيع لتستبدل به وبراً سميكاً جديداً في فصل الخريف المقبل.