السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته :
يحكى أن أحد الحكماء خرج مع ابنه خارج المدينة ليعرفه على تضاريس الحياة في جو نقى سلك
الاثنان واديا عميقا تحيط به جبال شاهقة .. وأثناء سيرهما تعثر الطفل في مشيته .. سقط على
ركبته.. صرخ الطفل على اثرها بصوت مرتفع تعبيرا عن ألمه : آآآآه فاذا به يسمع من أقصى
الوادي من يشاطره الألم بصوت مماثل :آآآآه نسي الطفل الألم وسارع في دهشة سائلا مصدر
الصوت : ومن أنت؟؟ فاذا الجواب يرد عليه سؤاله : ومن أنت ؟؟
انزعج الطفل من هذا التحدي بالسؤال فرد عليه مؤكدا .. : بل أنا أسألك من أنت ؟ ومرة أخرى
لا يكون الرد الا بنفس الجفاء والحدة : بل أنا أسألك من أنت؟ فقد الطفل صوابه بعد أن استثارته
المجابهة في الخطاب .. فصاح غاضبا :"أنت جبان" ..فهل كان الجزاء الا من جنس
العمل ..وبنفس القوة يجيء الرد: أنت جبان وقبل أن يتمادى في تقاذف الشتائم تملك الابن أعصابه
وترك المجال لأبيه لادارة الموقف حتى يتفرغ هو لفهم هذا الدرس تعامل _الأب كعادته _ بحكمة
مع الحدث .. وطلب من ولده أن ينتبه للجواب هذه المرة وصاح في الوادي: اني أحترمك " كان
الجواب من جنس العمل أيضا .. فجاء بنفس نغمة الوقار:" اني أحترمك " .. ذهل الطفل مما
سمع ولكن لم يفهم سر التحول في الجواب ولذا صمت بعمق لينتظر تفسيرا من أبيه لهذه التجربة
الفيزيائية ، علق الحكيم على الواقعة بهذه الحكمة :أي بني ..نحن نسمي هذه الظاهرة الطبيعية في
عالم الفيزياء صدى .. لكنها في الواقع هي الحياة بعينها .. ان الحياة لا تعطيك الا بقدر ما
تعطيها .. ولا تحرمك الا بمقدار ما تحرم نفسك منها..الحياة هي مرآة أعمالك وصدى أقوالك:
اذا أردت أن يحبك أحد فأحب غيرك ....
اذا أردت أن يوقرك أحد فوقر غيرك ....
اذا أردت أن يرحمك أحد فارحم غيرك ....
اذا أردت أن يسترك أحد فاستر غيرك ....
اذا أردت الناس أن يساعدوك فساعد غيرك ....
اذا أردت الناس أن يستمعوا اليك ليفهموك فاستمع اليهم لتفهمهم أولا....
لا تتوقع من الناس أن يصبروا عليك الا اذا صبرت عليهم ابتداء....
أي بني .. هذه سنة الله التي تنطبق على شتى مجالات الحياة وهذا ناموس الكون الذي تجده في
كافة تضاريس الحياة ، انه صدى الحياة.. ستجد ما قدمت وستحصد ما زرعت { من جد وجد
و من زرع حصد }...
ارضاء الناس غاية لا تدرك ، فاللهم لا ملجأ و لا منجا منك الا اليك ، اللهم غفرانك ، اللهم آآآمين.
هــمــ الحنين ــس