إن أكثر ما أطلق من مركبات الفضاء إثارة، وأعظمها تعقيدا، تلك المركبات التي صممت من أجل التعرف على الأحوال التي يتعرض لها رجال الفضاء على القمر والكواكب . ففي عام 1962، أرسلت أمريكا إلى الزهرة مركبة فضاء تزن 447 رطلا، هي مارينر 2، وقد تميزت بكونها قمة ما تمخضت عنه المهارة، ومرت على بعد نحو 34.637 كيلو مترا من الزهرة، بعد أن قطعت 55.6 مليون كيلو متر بعيدا عن الأرض، فكانت مثلا أعلى لملاحة الفضاء . وحملت مارينر 2 معها أجهزة لقياس الرياح الشمسية، وشدة المجال المغناطيسي في الفضاء، وعدد جسيمات الغبار الكوني والنيوترونات التي تعترض سبيلها أثناء رحلتها .
ولقد دهش العلماء تماما، عندما وجدوا أن الزهرة ليس لها مجال مغناطيسي، أو أن مجالها المغناطيسي صغير، ومن ثم ليس لها أحزمة إشعاع من حولها ( الماجنيتوسفير ) . ويعتقد علماء الفيزياء أن المغناطيسية الأرضية سببها دوران الأرض، ومن ثم تحرك المادة السائلة التي في باطنها . وعلى ذلك، فإن الزهرة إذا لم يكن لها مجال مغناطيسي، فإن معنى ذلك أنها تدور وتلف ببطء شديد، أو أنها لا تدور حول محورها على الإطلاق .
وحملت مارينر معها أيضا أجهزة لملاحظة الحرارة والأشعة الراديوية التي تشعها الزهرة . ودلت تلك الأرصاد، على أن سطح الزهرة ( من تحت طبقة السحب السميكة المتقطعة التي تضرب نطاقا من حولها ) تصل درجة حراراته إلى نحو 800ف، أي نحو 500م، أي تكفي لانصهار الرصاص . ومن الواضح أن الزهرة لا يمكن أن توجد عليها حياة ( أو إحياء ) من نوع ما تحمله الأرض، وتبدو أنها كوكب لا يمكن سكناه .