مــقــدمــة:
العلم نور والجهل ظلام، عبارة يرددها الناس قاطبة، أتراهم يدركون معناها؟
بالعلم ترقى الأمـم إلى الحضارة و العُلَى، و العلم مطلوب من كل انسان، كل فرد يتعلم نوعا يستطيع أن يعمل به على إسعاد نفسه وإسعاد من حوله، فالمعلم بعلمـه يعمل على نشر العلم، والطبيب بما تعلَّمه يحاول أن يُخَفِّفَ من آلام الناس...
عبد الحميد ابن باديس من الرجال الذين وهبوا حياتهم لأجل نشر العلم ومحو العلم، لهذا اتخذنا ذكرى وفاته لنحيي يوم العلم و نخلد ذكرى المرحوم...
مـــولـــده :
ولد عبد الحميد ابن باديس بمدينة قسنطينة، سنة 1889، نشأ في أسرة عريقـة معروفة بالعلم والجاه والثراء. والده محمد المصطفى بن مكي بن باديس، كان صاحب مكانة معروفة في قسنطينة جعلته موضع احترام وتقدير من المواطنين والحاكمين، وكان عضوا في المجلس الجزائري الأعلى، والمجلس العام بقسنطينة.
نشـأته وثـقـافـتـه:
لقـي عبد الحميد ما يكفي من الرعاية من والده، ثم قدمه إلى الشيخ محمد المداسي الذي لَقَّنَهُ سور القرآن الكريم حتى أتم حفظه بإتقان. ثم أكمل تعلمه عـلى يـد الشـيـخ الـونيسي الذي أخذ عنه مبادئ العلوم العربية و الدينية.
تزوج عبد الحميد في سن الخامس عشر فوُلِد له محمد عبده. و في عام 1908 سافر إلى تونس ليكمل دراسته في جامع الزيتونة، حـيث تتلمذ على يد الشيخ محمد النخلي القيرواني، والشيخ محمد الطاهر بن عاشور و الشيخ الخضر بن الحسين الجزائري الأصل، فنال شهادة الجامعة سنة 1911. و بقي في تونس عاما بعد تخرجه يشتغل بالتدريس هناك.
رحلته إلى الحجاز:
عاد عبد الحميد إلى وطنه من تونس سنة 1913 ليبدأ عمله مدرسا بلا أجر في سبيل نشر العلم واللغة والدين،
سافر إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وهناك التقى بشيخه الونيسي، وتعرف على الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، الذي كان قد هاجر مع أسرته إلى المدينة المنورة، ونشأت بينهما صداقة، فكانا يجتمعان في المدينة المنورة كل مساء، يتحدثان عن الجزائر.
عودته إلى الجزائر:
كانت رحلته إلى الحجاز نافعة كثيرا، فقد أصبح متحمسا لمتابعة الكفاح ضد الاستعمار الظالم. و زاد من حماسه بعض العلماء الذين لقيهم في رحلته.
عند عودته إلى البلاد، مر على مصر حيث التقى بالشيخ بخيت العالم الأزهري، فأخذ عنه و تأثر به.
نشاطه الفكري في الإصلاح:
لقد درس عبد الحميد في الجامع الأخضر للأطفال والكبار الذين ساعدوه في نشر العلم بعد أن تم تكوينهم.لم يكتف ابن باديس بالتعليم بل راح ينشر الـمقالات في جريدة المنقذ التي أصدرها بنفسه، بل ونشر المدارس في كل أرجاء الوطن الجزائري، عاملا فيها على نشر العلم، وتثقيف أبناء و بنات الجزائر ثم محاربة الاستعمار.
تأسيس جمعية علماء المسلمين:
عند ظهور حركات الإصلاح في العالم الإسلامي على يد محمد عبده ورشيد رضا، و جمال الدين الأفغاني، عمل عبد الحيد على محاولة الإصلاح في بلاده فأسس جمعية العلماء المسلمين من أجل الإصلاح، واختار مدينة قسنطينة مقرا لها.
وفـاتـه:
ظل عبد الحميد يواصل عمله، وهو مريض إلى أن اشتد عليه المرض وافته المنية في السادس عشر من أفريل سنة 1940.