الشيوخ المتقدمون رحمهم الله كانوا في مجموعهم أهل علم وصلاح, علموا الناس وذكروهم, وماتوا ولم يتركوا شيئا, فرحمهم الله وجازاهم الله خيرا, لا نذكرهم إلا بوزن ما جاءنا عنهم من الأقوال والإعمال والأحوال بميزان الكتاب والسنة فما وافق قبلناه وما خالف طرحناه, ونحن في ذلك موافقون لوصاية أكبر الشيوخ الزهاد المتقدمين الإمام الجنيد رحمه الله لما قال:" أمرنا هذا مقيد بالكتاب والسنة" .
ولوصاية كبير من أشهر المتأخرين الشيخ التجاني رحمه الله تعالى لما قال :" اعرضوا ما جاءكم عني على الكتاب والسنة فما وافق فاقبلوه و ما خالف فاضربوا به عرض الحائط".
وقد قال إمام الأئمة ونجم السنة مالك بن انس رحمة الله عليه, كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر يعني النبي –ص, أما شيوخ اليوم فإنهم اعرضوا عن العلم واقبلوا على كتب منسوبة إلى المتقدمين, متمسكين بكل ما فيها من غث وسمين, ودعوا إلى طرقهم المتعددة المتشعبة كل يرى طريقته على الحق وغيرها على الباطل, فأحدثوا العداوة والفرقة بين المسلمين, وانسوهم الوحدة الإسلامية التي تجمعهم .
فهؤلاء إخواننا في الإسلام, نحب لهم ما نحب لأنفسنا, ونكره لهم ما نكره لأنفسنا, كما يفرضه علينا الإسلام, فلهذا ندعوهم بدعاية الله إلى كتاب الله وسنة رسول الله وما كان عليه السلف التقدم لا يكون إلا بالعلم فتعلموا وتقدموا, ويا أيها المتكاسلون عن العمل المنتظرون لأوساخ الناس والآكلون لأموالهم بالباطل اعملوا واكدحوا وكلوا خبزكم بعرق جبينكم, وتقوتوا من كد يمينكم, ويا أيها المعرضون عن كتاب الله وسنة رسوله ارجعوا إلى دينكم من الكتاب والسنة فانه لا نجاة إلا بهما ,ولا خير إلا فيهما, واجعلوهما حجة على غيرهما, ولا تجعلوا غيرهما حجة عليهما ويا أيها الذاهبون في سبل متعددة متباينة اعدلوا عن بنيات الطريق، واسلكوا الجادة ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله, فإنكم ما دمتم على هذه النسب المتباينة يضل بعضكم بعضا, وينفر بعضكم من بعضا, لا يرجى لكم اتفاق ولا اتحاد ,فارجعوا إلى اسم الإسلام الذي يجمعنا, وطريقه الوحيد المستقيم الذي كان عليه محمد وأصحابه والصالحون أسلافنا, وكتابه النور والتذكرة والتبصرة الذي نجتمع عليه ونتفق على الاهتداء به ويطمئن قلب كل مؤمن إليه. هذه دعوتنا لإخواننا, هؤلاء الذين اتخذوا دينهم لعبا, وذهبوا فيه طرائق قددا, ونحن لا نضمر لأحد المسلمين بغضا ولا حقدا, بل لا ننطوي لهم إلا على الحب والشفقة والإخلاص " ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان, ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا, ربنا انك رؤوف رحيم"
قاله وكتبه خادم العلم وأهله صبيحة الأحد 22 شوال 1345 ببلدة تلمسان حماها الرحمان الرحيم, بطلب من الأخ في الله سيدي محمد بوصالح وجماعة من الحبين في الله, راجيا في ذلك ما يرجوه كل داع إلى الله و دينه القويم و السلام.
* الشهاب العدد : 99 الخميس 2 ذي الحجة 1345هـ/ 2 جوان 1927م.