تسارع حركة القطب الشمالي
تحرك القطب الشمالي المغناطيسي يهدد الحركة على الأرض
قد يبدو الأمر غير محتمل، لكنها الحقيقة، فالقطب الشمالي المغناطيسي يتحرك أسرع من أي وقت في التاريخ البشري، وهو ما يهدد كل شيء على الأرض من سلامة أنظمة النقل الحديثة إلى طرق الملاحة التقليدية للطيور المهاجرة.
ويقول العلماء إن الشمال المغناطيسي، الذي كان لمدة قرنين في البرية الجليدية لكندا، يتحول حاليا باتجاه روسيا بمعدل 40 ميلا في السنة. وقد تزايدت سرعة حركته بمقدر الثلث في العقد الماضي، وهو ما يثير تكهنا بأن المجال يمكن أن يكون على وشك الانقلاب مما يجعل البوصلة تتحول وتتجه جنوبا بدلا من شمالا، وهو الأمر الذي يحدث بين ثلاث وسبع مرات كل مليون سنة.
وأشارت إندبندنت إلى أن هذه الظاهرة تسبب مشاكل في مجال الطيران، فقد قضى مطار تامبا الدولي في ولاية فلوريدا الأميركية شهرا لإعادة تسمية مدرجاته الثلاثة، التي تحدد بنفس طريقة معظم المطارات الأميركية باستخدام أرقام لها علاقة بالاتجاه، بالدرجات، تواجه بوصلة ما.
ويشار إلى أن المعدل الحالي لحركة الشمال المغناطيسي بعيدا عن جزيرة إليسمير الكندية يسبب انحرافا للبوصلة بنحو درجة كل خمس سنوات، وهو ما يجعل إدارة الطيران الفدرالي الأميركية تعيد تقييم أسماء المدرجات في أنحاء البلد كل خمس سنوات. وهناك تغيرات مشابهة تمت مؤخرا في مدرجات فورت لودرديل وبالم بيتش.
ويعتقد العلماء الجيولوجيون أن القطب الشمالي المغناطيسي (وهو مختلف عن القطب الشمالي الذي تدور الأرض على محوره) يتحرك بسبب تغيرات في نواة الأرض المنصهر الذي يحتوي على حديد سائل. وقد حددوا أول تحرك عام 1831 وكانوا يحاولون تتبع التقدم المحرز منذ ذلك الحين.
وتشير السجلات إلى أن موقع القطب بالكاد تحرك في العقود الأولى، لكن في نحو العام 1904 بدأ يتتبع الشمال الشرقي بمعدل نحو تسعة أميال سنويا، وهذه السرعة تزايدت كثيرا من العام 1989. ويعتقد الآن أن القطب يتجه نحو سيبيريا بنحو 37 ميلا سنويا.
ويذكر أن أنظمة تحديد المواقع التي تعتمد على الأقمار الصناعية قد حلت محل البوصلة وسيلة توجيه لأغلبية الملاحين المتمرسين. لكن البوصلة ما زالت ذات قيمة ويستخدمها كثيرا الرحالة وغيرهم من هواة قراءة الخرائط.
وفي بعض البيئات، مثل أعماق البحار وتحت الأرض، التي لا تستطيع إشارات الأقمار الصناعية الوصول إليها ما زالت البوصلات هي الخيار الوحيد. كذلك تحتاج صناعة النفط، التي تستخدم المغناطيسات لتحديد زاوية الحفر في الأرض، إلى اقتفاء أثر المكان المحدد للشمال المغناطيسي.
ويمكن للطيور المهاجرة التي تهاجر جنوبا في الشتاء أن تواجه ارتباكا، والحيوانات المعمرة مثل الحيتان والسلاحف قد تحتاج في المستقبل لإعادة معايرة غرائزها الملاحية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه ليس هناك أحد يستطيع التنبؤ بتأثير ما يعرف بـ"الانعكاس القطبي"، الذي سينعكس خلاله الشمال والجنوب المغناطيسي، بما أنه لم يحدث واحد منذ 78 ألف سنة، وهي أطول مدة مستقرة في الخمسة ملايين سنة الماضية.
ويعتقد بعض الجيولوجيين أننا يمكن أن نكون على وشك اكتشاف الأمر، رغم اعتقادهم بأن التغيرات الحالية في الشمال المغناطيسي يمكن أن تكون المراحل الأولى لما يعرف بالانقلاب. لكن أحد العلماء يقول إننا لا ينبغي أن نشغل بالنا بهذا الأمر كثيرا، لأن "الانعكاسات تستغرق نحو 10 آلاف سنة لتحدث وقبل 10 آلاف سنة لم تكن هناك حضارة. وهذه العمليات بطيئة ولهذا ليس هناك ما نقلق بشأنه".