الإمام محمد الشيخ : الشيتة سلوك لا يرضاه الإسلام والوشاية بالزملاء حرام
أستاذ علم الاجتماع سعدي الهادي : ظاهرة الشيتة تقتل الكفاءات
معوزون يقتطعون من خبزة أبنائهم لشراء الهدايا لأصحاب النفوذ
سيطرت ظاهرة "الشيتة" أو"ضرب البروصة" للحصول على الترقيات والعلاقات بين الموظفين والمسؤولين في الإدارات والمؤسسات العمومية والخاصة والهيئات التابعة للدولة، وأصبح الانبطاح للمسؤولين مقياسا أساسيا من مقاييس الترقية، الأمر الذي أدى إلى عدم الكفاءة في المؤسسات والإدارات..
- حيث أصبحت التعيينات تتم حسب درجات الولاء والطاعة والانبطاح، وحتى المسؤولين الأقل رتبة يتملقون بالمدح والإطراء والهدايا والعطايا لمن هم أعلى رتبة منهم، ومن يتفوق على أقرانه في مدح المسؤول الأكبر وخدمته، ينال المناصب والترقيات والمنح والتعويضات والامتيازات.
الوشاية بالزملاء لإرضاء المسؤولين
ومن بين أساليب التودد كذلك الإسراع إلى مساعدة المسؤول في حمل حقيبته بمجرد رؤيته يدخل أو ينزل من السيارة، والتنافس على إشعال سجارته أثناء الاجتماعات، أو انتظاره عند باب المكتب كل صباح لإلقاء التحية الصباحية عليه، والأخطر من كل ذلك هو الوشاية بالزملاء للمسؤول الأعلى ونقل كل ما يحدث في المكاتب أوفي ورشات العمل له.
*وفي هذا الصدد يقول "عبد الكريم.ب" وهو مهندس في كهرباء السيارات يعمل لدى أحد الوكلاء المعتمدين إن "بعض الموظفين الذين يحرصون على التودد لرئيس المؤسسة يتصرفون وكأنهم أكثر حرصا على المؤسسة من صاحبها".
* وقال "منير. ل" 40 سنة وهو مدير الموارد البشرية في مؤسسة خاصة لصناعة العصير في الجزائر العاصمة إن "التملق والتودد للمسؤولين في مؤسستهم وصل إلى درجة أن بعض الموظفين "الشياتين" يحضرون أطباق الكسكس والرشتة والشخشوخة للمسؤول الأول في مكتبه، بمناسبة وبدون مناسبة، بعيدا عن أعين الزملاء للفوز برضاه"..."وبعضهم يهرعون إلى مساعدته في ارتداء سترته بمجرد رؤيته يقف من كرسيه أو يهم بالخروج، ويعدلون له ربطة العنق..ويتسابقون إلى إعلان الولاء له، وإلقاء التحية عليه، يحرصون كل الحرص على توطيد علاقتهم به، ويوافقونه في كل أرائه، حتى وإن كان على خطإ، حتى وإن كانت آراؤه ضد مصلحة العمال".
* ويكون هؤلاء مستعدين للقفز في أي لحظة أثناء الاجتماع، قبل أن يسبقهم أحد إلى تقديم خدمة التزلف والتقرّب...ولوحظ في العديد من المؤتمرات والمحافل التي يحضرها رجال الدولة وأصحاب النفوذ وتدعى إليها الصحافة أنه إذا أخرج أحد من أصحاب النفوذ الوزير سيجارة، لم يكد يضعها بين إصبعيه حتى يقفز أحدهم من مكانه على المباشر، ودون أدنى حرج، ليسبق أقرانه في إشعال سيجارة "صاحب النفوذ".
نواب ومناضلون يتدافعون ويتزاحمون لمصافحة الوزراء
* وفي هذا الصدد قال "ع.ن" عضو قيادي في حركة مجتمع السلم أن ظاهرة "الشيتة والتودد للمسؤولين" منتشرة بشكل أوسع وأكثر انبطاحا في الأوساط الحزبية والسياسية سواء في حركة مجتمع السلم أو في الأفلان أو في الأرندي، والسياسية، ونشطاء المنظمات والحركات الجمعوية، للتقرب من رؤساء الأحزاب والوزراء ورؤساء المنظمات، خاصة عند اقتراب الانتخابات التشريعية والمحلية أو عند اقتراب المؤتمرات الحزبية"، وقد رصد صحفيو الشروق اليومي "المناضلين الحزبيين في العديد من اللقاءات والمواعيد الحزبية وهم يتدافعون ويتزاحمون لمصافحة وزراء الحزب والثناء عليهم، والتضرع لله أمامهم بأن ينجحهم ويصلح أحوالهم ويسدد خطاهم، وبأن يبارك فيهم، ويرعاهم".
-الإمام محمد الشيخ
نوجه الكلمة للمسؤولين... حذار من كلمات الإطراء
- قال الإمام محمد الشيخ في اتصال مع الشروق اليومي "الشيتة سلوك مشين لا يرضاه الإسلام لأنه يسمى "التزلف في غير وجه حق"، والذي يفعل هذا ماذا يريد من تقديم مثل هذه الخدمات والهدايا للمسؤولين؟ إنما يفعل ذلك لأنه يريد أن يصنع لنفسه "حظوة" لدى المسؤول، قد يحتاج إليها في يوم من الأيام... علماؤنا وفقهاؤنا حرّموا على القاضي أخذ الهدية رغم أنهم لم يعتبروها رشوة، ولكن كونها ليست رشوة، لا يعني جوازها، لأنّه لو لم يكن قاضيا لما قدمت له هذه الهدية، أو يقاس على ذلك المسؤولون، مما يعني أن صاحبها يريد أن يدخر هذه الهدية ليوم من الأيام بالتالي كثير من الناس يلجؤون إلى مهاداة المسؤولين... وثمة من يتقرّب للمسؤول بالهدايا أو ثمّة من يتقرب بالخدمة وثمّة من يتقرّب بالوشاية، حيث يشي بزملاءه للمسؤول".
*"الشيتة لا تجوز لأنّها مدح في غير محله، هذا لا يعني أن لا نمدح المسؤول إن استحق المسؤول المدح فعلا، لكن في يحدث في حالات الشيتة أن البعض يزينون للمسؤول أعماله حتى وإن كان على خطإ، ويقولون له هذا هو الصواب بعينه، لأنهم يشعرون أن المسؤول يتلذذ حينما يستمع للمدح والإطراء منهم... في حين أن الإنسان يجب أن يكون على وسط في تعامله مع المسؤولين".
*وأضاف "نحن نوجه الكلمة للمسؤولين ونقول لهم حذار من كلمات الإطراء... غير أن اللّوم يقع على كلاهما، فالذي يفعل ذلك نقول له ليست هذه هي الطريق للوصول، والذي يستمع نقول له إحذر، والوشاية محرّمة في الإسلام، اللهم إلا إذا كانت وظيفة الموظف هي مراقبة دخول وخروج وحضور وغياب الموظفين أو تأخرهم فإذا أخبر المدير يجوز له لأنها وظيفته الأصلية"..."أما من يقول للمسؤول فلان يحبك، وفلان يبغضك، وفلان قال فيك، وفلان فعل فإن ذلك محرم لأنه يعتبر وشاية".
* وقال محمد الشيخ "وحتى وإن كان الموظف يسعى من وراء هذه الشيتة إلى الحصول على الترقية فإنه سلوك مشين في الإسلام والوشاية محرمة ومهاداة المسؤولين لا تجوز، ونقول لهؤلاء الترقية تأتي عن طريق العمل وليس عن طريق التزلّف".
*أستاذ علم الاجتماع سعدي الهادي
*تهميش الكفاءات سبب اللجوء إلى "الشيتة" للفت نظر المسؤولين إليهم
* وحول انتشار هذه الظاهرة في الإدارات والمؤسسات الجزائرية ومختلف الهيئات قال أستاذ علم الاجتماع سعدي الهادي، في اتصال مع "الشروق اليومي " أن هذه الظاهرة تقتل الكفاءات، لأن الذي لا يتودد للمسؤولين يبقى مهمّشا حتى وإن كان كفؤا، خاصة وأن أصحاب الكفاءات عادة لا يقبلون اللجوء إلى هذه الأساليب للاستفادة من الترقيات والمناصب، لأنها أساليب مذلة ومهينة وتخدش كرامة الشخص، ويفضل إظهار كل ما لديه من طاقات وكفاءات للإستفادة من الترقية، ولكن أمام سيطرة ظاهرة الشيتة، نجده يبقى مهمّشا بعيدا عن المناصب لأنه لم يتودد للمسؤولين ولم يتقرب منهم، وهذا إشكال كبير، لأن هناك الكثير من الناس يصلون للمسؤوليات بدون كفاءة بل لأنهم مقربون من فلان وإبن فلان".
- وأضاف "نحن في مجتمعنا لا نعترف بالكفاءة بسرعة، وأحيانا لا نلاحظ الإنسان الكفء، ولا أحد يهتم به، مما يدفعه إلى البحث عن طرق أخرى يلفت بها نظر المسؤولين إليه، ولهذا نجد هؤلاء يتقربون من المسؤولين لإظهار كفاءاتهم، والذي لا يظهر كفاءته يتركونه على الهامش لأن هناك إهمال للآخرين وهذه الأمور تدفع أصحاب الكفاءات يحبون إظهار كفاءتهم عن طريق الشيتة.