هو الخليفة يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشي الأموي الدمشقي. وكنيته أبو خالد. وأمه عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. ولد سنه 71 هـ. ولي الخلافة بدمشق بعد عمر بن عبد العزيز سنة 101 هـ وهو ابن تسع وعشرين سنة في قول هشام بن محمد بعهد من أخيه سليمان بن عبد الملك وكان عادلا.
خلافته
قال "عبد الرحمن بن زيد بن أسلم": لما ولى يزيد الخلافة قال سيروا بسيرة عمر بن عبد العزيز فأتى بأربعين شيخا فشهدوا له ما على الخلفاء حساب ولا عذاب وقال ابن الماجشون لما مات عمر بن عبد العزيز قال يزيد والله ما عمر بأحوج إلى الله مني فأقام أربعين يوما يسير بسيرة عمر بن عبد العزيز ثم عدل عن ذلك وقال "سليم بن بشير": كتب عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن عبد الملك حين أحتضر سلام عليك أما بعد فإني لا أراني إلا لملبي فالله الله في أمة محمد فإنك تدع الدنيا لمن لا يحمدك وتقضي إلى من لا يعذرك والسلام.
كانت أيامه أيام فتوحات وغزوات، أعظمها حرب الجراح الحكمي في بلاد ما وراء النهر مع الترك واللان وأنتصر عليهم. وفي سنة 102 هـ، خرج يزيد بن المهلب على الخلافه فوجه إليه مسلمة بن عبد الملك فهزم يزيد وقتل وذلك بالعقير موضع بقرب كربلاء قال الكلبي: نشأت وهم يقولون ضحى بنو أمية يوم كربلاء بالدين ويوم العقير بالكرم.
وكان يزيد بن عبد الملك من أصحاب المروءات مع إفراط في طلب الملذات، فقد هام حبا بجاريتين من جواريه، إحداهما تدعى (حبابة) والأخرى تسمى (سلامة) وقد تتيم بحب حبابة وبنى لها قصرا جميلا بدمشق وزينة وجهزه بأفضل الزينة واشتهرت قصة حبابة أيما شهرة في التاريخ، ومات بعد موتها بأيام يسيرة يقال سبعة عشر يوما. ولا يعلم خليفة مات عشقا غيره. وقد ذكرت روايات غير مؤكده عنه بما لا يليق بسبب عشقه للجاريات، وإلى ما ذلك غير أن بعض المؤرخين ومنهم المؤرخ ابن تغري بردي صاحب كتاب (النجوم الزاهرة) يرفضون هذه الروايات ويردونها إلى نقمة العباسيين المتمردين على الأمويين وخاصة في هذه الفترة من أواخر حكم الأمويين، وأنها مدسوسة ومغرضة.
عدالته ونزاهته
خطب يزيد بن عبد الملك بالناس قائلا (ايها الناس انه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق انما الطاعة لله فمن اطاع الله اطيعوه ما اطاع فأذا عصى أو دعي إلى معصية فهذا أهل ان يعصى ولايطاع أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). وقد ارسل في نفس هذه السنة إلى من كان تحت إمرته في العراق (يوسف بن عمر) وأحضره إلى دمشق وعندما وقف أمامه وبين يديه وكان ذو لحية طويلة فأخذ بلحيته ووبخه وانبه وعزله من منصبة بسبب عدم عدله وبسبب حنقه على اليمانية وهم قوم خالد بن عبد الله القسري، وهذا التصرف وهذه الخطبة ليزيد بن عبد الملك دلالة على عدالته في الحكم، ونزاهته وبعده عن الشبهات.
وفاته
مات يزيد في أواخر شعبان سنة 105 هـ، ويقال بأنه مات وعمره أربعة وثلاثون عاما، وفي روايات أخرى غير ذلك ودام حكمه أربعة سنوات ونيف من الأشهر. قيل إنه مات بحوران ونقل إلى دمشق وصلى عليه ابنه الوليد وكان عمره خمسة عشر عاما وأخوه هشام بن عبد الملك وتذكر الروايات إنه حمل على أعناق الرجال ودفن بين باب الجابية في