نقاط فوق الحروف
فضائل حسان في شهر رمضان (2-2)
تطرقنا في الجزء الأول من مقالنا بجملة من فضائل الصوم، ويسرُّنا استكمال طرحنا هنا، ونبدأ في أن في الصوم فرصة لتربية ملكة الأمانة في شعور الصائم ووجدانه؛ إذ إن معرفة الصائم بأن الصوم دَيْن عليه، وأمانة في عنقه، ثم قام بواجبات هذه الأمانة وفي حقوقها، كان أحرى بأداء العبادات والمعاملات الأخرى على خير وجه.
وفريضة الصيام تربي في نفسية الصائم مَلَكة النظام في جميع أعماله، فإنه حينما يلتزم وقتًا محددًا لصومه وإفطاره، وسحوره وقيامه، وتلاوته للقرآن، وزيارة الأقارب والأصحاب، فإن ذلك يربي عنده حب النظام، والمحافظة على ترتيب الأعمال، وفي شهر رمضان يتجلَّى مظهر الوحدة والاتحاد بين المسلمين، فهم جميعًا يمسكون عن كل مفطر في وقت واحد قبيل مطلع الفجر، ثم يقبلون جميعًا على الإفطار في وقت واحد عند غروب الشمس.
ونضيف إلى ما سبق من الخصائص والسمات، والفضائل المرتبطة بفريضة الصيام في شهر رمضان المبارك أيضًا، إن في الصوم فرصة لإذابة شحوم المترهلين، وإفناء المواد السامة المترسبة في الأبدان، ولا سيَّما أبدان المترفين أُولي النهم، قليلي العمل، وتطهير الأمعاء من السموم التي تحدثها البطنة، فكثير من المرضى يتعافون أثناء شهر رمضان، وصدق من قال: ((صوموا تصحوا)).
وعن يسر الإسلام ومرونته تخفيفه - سبحانه وتعالى - وترخيصه لأصحاب الأعذار بالفطر في رمضان؛ حيث قال - عز وجل -: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾، ومن المعلوم أن الإطاقة أدنى درجات المكْنة، والقدرة على الشيء، يقول العرب في الرجل أطاق الشيء إذا كانت قدرته عليه في نهاية الضَّعف.
والمراد بالذين يطيقونه الشيوخ الضعاف والمرضى الذين لا يرجى برء أمراضهم، ومَن في حُكْمهم، فهؤلاء لا صيام عليهم، وإنما تجب عليهم الفدية، وهي: إطعام مسكين عن كل يوم من وسط ما يطعمون منه أهليهم.
وحاصل ما سبق وخلاصة القول:
فإن في فريضة الصيام في شهر رمضان فضائل وحِكْم، وخصائص لا توجد في غيره؛ مما يعني تأكيد اغتنام هذه الفضائل بنية صادقة، والإخلاص لله - سبحانه - رجاء الثواب الجزيل.