يحكى أنه عندما قرر النمرود إحراق سيدنا إبراهيم في النار وبينما كانت النار تشتعل كان هناك غراب متجه نحو النار وهو يحمل عشبا ليزيد من اشتعال النار وبينما هو سائر في طريقه لمح من بعيد نملة تحمل فوق طاقتها ماءا ومتوجهة أيضا نحو النار فاستغرب لأمرها وتوجه نحوها يسألها ساخرا عن جدوى ما تفعله مادام جهدها لن يفيد في شيء فالنار أقوى من أن تطفئها نملة ... لم تعر النملة لسؤاله اهتماما فأجابته باقتضاب وهي تسرع الخطى بأنها تعرف هدفها جيدا وتفعل ما بوسعها للوصول إلى هدفها دون النظر مدى جدوى ما تقوم به....
قد يتساءل البعض عن جدوى سرد هذه القصة في منتديات عائلة تابلاط و ما علاقتنا بالنملة والغراب.؟؟؟
إذا قمنا بإسقاط هذه القصة على واقعنا نجد أن هناك تشابها كبيرا بين النملة والغراب من جهة وبيننا نحن من جهة أخرى... كيف ذلك؟؟
الكل يجمع الآن أن الشر هو السائد في العالم وأن الظلم انتشر في كل مكان وأن قوى الحق والعدالة تراجعت بشكل مخيف حيث لا صوت يعلو الآن فوق صوت أمريكا وحلفائها... لن أتحدث عن المشاكل الكبرى (فلسطين-العراق-أفغانستان-العنصرية ضد المسلمين-...) فنحن لا قدرة لنا على تغيير العالم.
ولكن سأتحدث عن مشاكل تهمنا مباشرة نأثر فيها ونتأثر بها كالرشوة-المحسوبية-الفساد الأخلاقي-الأمانة-المسؤولية...
إذا سألنا أحدهم لم تعطي الرشوة؟؟ لم تكذب؟؟؟ لم تشهد الزور؟؟ لماذا لم تنقذ مظلوما؟ لماذا لا تنصح الناس؟؟....
سيكون الجواب على الأرجح .. ما جدوى ذلك ما دام الكل يفعل....؟؟؟؟؟ ما جدوى ذلك ما دام مجهودي سيضيع هباءا؟؟؟؟ هل أنا من سيغير الوضع؟؟؟؟؟
اليد الواحدة لا تصفق......
أتساءل ؟
لماذا لم تجب النملة كما نجيب نحن الآن؟؟؟؟
أنتم جميعا تعلمون أن الله عز وجل قد نصر سيدنا إبراهيم وجعل النار بردا وسلاما عليه...
نعم إن النملة لم تكن سببا مباشرا في هذه المعجزة الإلهية ولكنها أخذت بالأسباب وآمنت بما تقوم به والتوفيق يأتي من عند الله
ماذا لو آمن كل منا بما يجب أن يقوم به؟ وأن ينفض عن ذهنه تلك النظرة المتشائمة عن الأمر الواقع والتسليم بالأمر؟؟
لهذه الأسباب أصبحنا مجتمعا سلبيا لا يؤثر إيجابيا ويتأثر سلبيا...
الناس 3 أنواع
1-منهم من يرى نفسه كتلك النملة؟؟ يفعل ما بوسعه و مايجب عليه فعله ويترك البقية على الله؟؟؟
2-منهم من يشبه الغراب ؟؟؟ يسكب الزيت على النار ويزيد من نار الفتنة بحجة أن الكل يفعل؟؟؟
3- كثير منهم كالنعامة يدفن رأسه في التراب ولا يهمه سوى نفسه. لا يؤثر ولا يتأثر؟؟؟
لن أسألكم من أنتم ولكن أسألكم ما رأيكم؟؟
هل نستسلم للأمر الواقع؟؟؟ أم نحارب ضد أنفسنا أولا وضد الشر؟؟ حتى ولو لم يكن هناك أمل؟؟
وكما قال الشاعر
" وإذا لـم يـكـن مـن الموت بد *** فـمـن الـعـجز أن تموت جبانا "