هل نحن من شِرارُ الناس ؟
الشيخ:- السيد عبد الله الغنيمى
هل نحن شرار الناس ؟ سؤال سألته لنفسي عندما قرأت بعضا من أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي سوف تقرؤها معي ، وبعد تفكير ونظر ، كانت الإجابة : لا ، لسنا من شرار الناس ، لأننا لسنا بعد في زمن شرار الناس ، ولأن شرار الناس الذين ذكرهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس فيهم خير البتة ، أما نحن والحمد لله فالخير فينا وبيننا ، لكن كثيراً ما نضيعه بإهمالنا واللامبالاة التي أصبحت تحكم كثيراً من حياتنا ، فهل نحن بذلك سائرون لنكون شرار الناس ؟ هل نرضى ذلك لأنفسنا ؟ إذا استطعت الإجابة عن هذه الأسئلة فأنت لست من شرار الناس ، قد تقول وكيف حكمت ؟ أجيبك : تعرف على شرار الناس تدرك كيف حكمت ؟
___________________________________________
عن عبدالعزيز بن أبي بكرة :- " أن أبا بكرة تزوج امرأة من بني غدانة ، وأنها هلكت فحملها إلى المقابر فحال إخوتها بينه وبين الصلاة فقال لهم : لا تفعلوا فإني أحق بالصلاة منكم ، قالوا : صدق صاحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فصلى عليها ، ثم إنه دخل القبر فدفعوه دفعا عنيفا فوقع فغشي عليه فحمل إلى أهله فصرخ عليه يومئذ عشرون من ابن وبنت له ، قال عبد العزيز : وأنا يومئذ من أصغرهم ، فأفاق إفاقة فقال لهم : لا تصرخوا علي فوالله ما من نفس تخرج أحب إلي من نفس أبي بكرة ، ففزع القوم فقالوا : لم يا أبانا . فقال : إني أخشى أن أدرك زمانا لا أستطيع أن آمر بالمعروف ولا أنهى عن منكر ولا خير يومئذ " . رواه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال : رجاله ثقات.
وفي الحديث عن عروة بن مسعود الثقفي قال : سمعت عبدالله بن عمرو ، وجاءه رجل ، فقال : ما هذا الحديث الذي تحدث به ؟ تقول : إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا . فقال : سبحان الله ! أو لا إله إلا الله . أو كلمة نحوهما . لقد هممت أن لا أحدث أحدا شيئا أبدا . إنما قلت : إنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما ، يحرق البيت ، ويكون ، ويكون . ثم قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : " يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين ( لا أدري : أربعين يوما ، أو أربعين شهرا ، أو أربعين عاما ) . فيبعث الله عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود ، فيطلبه فيهلكه ، ثم يمكث الناس سبع سنين ، ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام ، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته ، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه ، حتى تقبضه " . قال : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال " فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع . لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا..." . رواه مسلم .
___________________________________________
هؤلاء هم شرار الناس هل عرفتهم ؟ وتعرفت على ما جعلهم شرار الناس ؟
ولقد قص علينا القرآن الكريم من قصص بني إسرائيل ، ما يجعلنا نحتاط ، ونحذر أن نكون من هذا الصنف ،
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ثم قال : ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ) إلى قوله ( فاسقون ) ثم قال " كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن علي يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ، أو تقصرنه على الحق قصرا " ( ) رواه أبو داود
وعندما ندقق النظر في الحديث نجد أن بني إسرائيل لم يكونوا صامتين عن إنكار المنكر ، فلم تختبئ ألسنتهم في أفواههم .، كلا ، لكنهم كانوا ينكرون وينصحون ويبينون ، لكنهم كانوا بعد ذلك لا يبالون ولا يغارون على انتهاك محارم الله ، فذاك الذي كان فيه هلاكهم وعذابهم ؟! فما بالنا بمن لا يأبهون أصلا ولا يعيرون الأمر بالا ؟ فلا يأمرون ولا ينهون ولا ينصحون ولا يغارون ؟ لأجل ذلك عمت البلوى ومحقت البركة ، وماجت الفتن ، قال : النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها وقال مرة فأنكرها كان كمن غاب عنها ، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها " ( ). رواه أبو داود . فهل نرحم أنفسنا ، ونتقي جميعا غضب الله وعقابه وانتقامه ، ونأخد بيد بعضنا البعض للحياة السعيدة في رحاب الله في شهر رمضان ، بالتناصح ، والدعوة للخير والفضائل لتسود فيما بيننا ، فلا نكون من شرار الناس ، وإنما نحافظ على عنوان خيريتنا ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) سورة آل عمران (110 )