منتديات عـــــــــائـلة تـــــــابــــلاط
. بين يدي رمضان 933339 .
بقلوب ملؤها المحبة


وأفئدة تنبض بالمودة
وكلمات تبحث عن روح الاخوة
نقول لكِ أهلا وسهلا
اهلا بكِ بقلوبنا قبل حروفنا
بكل سعادة وبكل عزة
منتديات عائلة تابلاط

منتديات عـــــــــائـلة تـــــــابــــلاط
. بين يدي رمضان 933339 .
بقلوب ملؤها المحبة


وأفئدة تنبض بالمودة
وكلمات تبحث عن روح الاخوة
نقول لكِ أهلا وسهلا
اهلا بكِ بقلوبنا قبل حروفنا
بكل سعادة وبكل عزة
منتديات عائلة تابلاط

منتديات عـــــــــائـلة تـــــــابــــلاط
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


عائلــ الاخلاق الصدق الصبر العدل العفو الرفق التعاون الحلم الامانة الاخوة العمل الامل المشورة التواضع ــة تابــلاط
 
الرئيسيةعائلة تابلاطأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بين يدي رمضان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فارس المنتدى

فارس المنتدى


بين يدي رمضان Hh7.net_13102023561
الجنس : ذكر
العـمـل : الحمد لله
هوايتي المفضلة : الانترنات و الرياضة
وسام : وسام العضو
منتديات عائلة تابلاط : توقيع المنتدى

بين يدي رمضان Empty
مُساهمةموضوع: بين يدي رمضان   بين يدي رمضان Clockالسبت 13 أغسطس 2011 - 22:49

الحمد لله الذي أعظم على عباده المنَّة، بما دفع عنهم من كيد الشيطان ورَد أمله، وخيَّب ظنّه، إذ جعل الصَّوم حصنًا لأوليائِه وجُنَّة، وفتحَ لهم به أبواب الجنة، وعرَّفهم أنَّ وسيلة الشَّيطان إلى قلوبهم الأهواءُ المستكنة، وأن بِقَمْعِهَا تصبح النَّفس مطمئنَّة، ظاهرة الشوكة في قصْمِ خَصْمِها قوية المنَّة، وصَلَّى الله على عبده ورسوله محمد، قائد الغُرِّ المُحجَّلين ومُمَهِّد السُّنَّة، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعدُ:
فإنَّ حكمة الله - جَلَّ وعَلا - اقتَضَتْ أن يجعل هذه الدنيا مزرعة للآخرة، وميدانًا للتَّنافُس، وكان من فضله - عَزَّ وَجَلَّ - على عباده وكرمه أن يجزيَ على القليل كثيرًا، ويضاعفَ الحساب، ويجعلَ لعباده مواسم تعظم فيها هذه المُضاعَفة؛ فالسَّعيد مَنِ اغتنمَ مواسم الشهور والأيام والسَّاعات، وتقرَّب فيها إلى مَوْلاه بما أمكنَه من وظائف الطَّاعات؛ عسى أن تصيبَه نفحة من تلك النَّفَحات، فيسعد بها سعادةً يأمن بعدها منَ النار وما فيها منَ اللَّفَحات، قال الحسن - رحمَه الله - في قول الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62]؛ قال: "مَن عجز بالليل كان له من أول النهار مستعتب؛ ومن عجز بالنهار كان له منَ الليل مستعتب".

ومن أعظم هذه المَوَاسم المُبَارَكة وأجلِّها شهرُ رمضان، الذي أُنزل فيه القرآن المجيد؛ ولذا كان حريًّا بالمؤمن أن يحسنَ الاستعدادَ لهذا القادم الكريم؛ ويتَفَقَّه في شروط ومستحبَّات وآداب العبادات المرتبطة بهذا الموسم الحافل؛ لئلاَّ يفوته الخير العظيم؛ ولا ينشغل بمفضول عن فاضل؛ ولا بفاضل عمَّا هو أفضل منه.

أخي المسلم:
استَحْضِرْ في قلبكَ الآن أحب النَّاس إليكَ؛ وقد غابَ عنكَ أحد عشر شهرًا، وَهَبْ أنَّك بُشِّرتَ بقدومه وعودته خلال أيام قلائل، كيف تكون فرحتكَ بقُدُومه؟! واستبشارك بقربه؟! وبشاشتكَ لِلِقَائِه؟!

إنَّ أَوَّلَ الآداب الشَّرعيَّة بين يدي رمضان أن تَتَأَهَّبَ لقدومه قبل الاستهلاك، وأن تكونَ النَّفس بقدومه مستبشرة، ولإزالة الشك في رؤية الهلال منتظرة، وأن تستشرفَ لنظره استشرافها لقدوم حبيبٍ غائبٍ مِن سَفَره؛ إذ إنَّ التَّأَهُّب لشهر رمضان والاستعداد لقدومه مِن تعظيم شعائر الله - تباركَ وتعالى - القائل: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].

يفرح المؤمنونَ بقُدوم شهر رمضان، ويستبشرونَ ويَحْمَدونَ الله أن بلَّغهم إيَّاه، ويعقدون العزم على تعميره بالطَّاعات، وزيادة الحسنات، وهَجْر السَّيئات، وأولئكَ يبشَّرون بقول الله - تباركَ وتعالى -: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]؛ وذلك لأنَّ محبَّة الأعمال الصالحة والاستبشار بها فَرْع عن محبَّة الله - عَزَّ وَجَلَّ - قال - تعالى -: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: 124]، فترى المُؤمنينَ مُتلَهفينَ مُشْتاقينَ إلى رمضان، تحنُّ قلوبهم إلى صوم نهارهِ، ومُكابَدة ليله بالقيام والتَّهَجُّد بين يدي مولاهم، وتراهم يُمَهِّدون لاستقبال رمضان بصيام التَّطَوُّع خاصَّة في شعبان.

باع قوم منَ السَّلف جارية لهم لأحد الناس، فلمَّا أقبل رمضان أخذَ سَيِّدُها الجديد يَتَهَيَّأ بألوان المطعومات والمشروبات لاستقبال رمضان - كما يصنع كثيرٌ منَ الناس اليوم - فلمَّا رأتِ الجاريةُ ذلكَ منهم قالت: "لماذا تصنعونَ ذلكَ؟!"، قالوا: "لاستقبالِ شهر رمضان"، فقالت: "وأنتم لا تصومونَ إلاَّ في رمضان؟ واللهِ لقد جئتُ من عند قوم، السَّنَةُ عندهم كأنَّها كلها رمضان، لا حاجةَ لي فيكم، رُدُّوني إليهم"، ورجَعتْ إلى سَيِّدها الأول.

سمعَ المؤمنونَ قول رسولِ الله: ((كُلُّ عمل ابنِ آدم يضاعف: الحسنةُ بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال - تعالى -: إلاَّ الصَّوم؛ فإنَّه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي))؛ الحديث رواه مسلم. فعلموا أنَّ الامتناع عنِ الشَّهَوات لله - عَزَّ وَجَلَّ - في هذه الدُّنيا سبب لنَيْلِها في الآخرة؛ كما أشارَ إلى ذلكَ مفهوم قولِ رسول الله: ((مَن شربَ الخمر في الدُّنيا، ثمَّ لم يَتُب منها حُرمها في الآخرة))؛ مُتّفق عليه.

وقوله: ((مَن لبسَ الحريرَ في الدُّنيا لم يلبسْه في الآخرة))؛ متفق عليه، وقوله: ((مَن ترك اللباس تواضعًا لله - وهو يقدر عليه - دعاهُ الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيره مِن أيِّ حلل الإيمان شاءَ يلبسها))؛ رواه التِّرمذي وحَسَّنه، والحاكم وصَحَّحه؛ ووافَقَه الذَّهَبي.

وعن ابن عَبَّاس - رضيَ الله عنهما - أنَّ رسولَ الله بعثَ أبا موسى على سريَّة في البحر، فبينما هم كذلكَ قد رفعوا الشراع في ليلة مُظلِمة، إذا هاتف فوقهم يهتفُ: "يا أهل السَّفينة! قفوا أخبركم بقضاء الله على نفسه"، فقال أبو موسى: "أخبِرْنا إن كنتَ مُخْبَرًا"، قال: "إنَّ الله - تباركَ وتعالى - قَضَى على نفسه أنَّه مَن أعطش نفسه له في يوم صائفٍ، سقاهُ الله يوم العطش"؛ رواه البَزَّار، وحَسَّنَه المُنذري.

وفي رواية عن أبي موسى - رضيَ الله عنه - قال: "إنَّ اللهَ قَضَى على نفسه أنَّ مَن عطَّش نفسه لله في يوم حارّ، كان حقًّا على الله أن يَرْويه يوم القيامة"، قال: فكان أبو موسى يَتَوَخَّى اليوم الشَّديد الحر، الذي يكاد الإنسان ينسلخ فيه حرًّا، فيصومه"؛ رواه ابن أبي الدنيا.

وعن سهل بن سعد - رضيَ الله عنه - عن النَّبي قال: ((إنَّ في الجنَّة بابًا يُقال له الرَّيَّان، يدخل منه الصَّائمونَ يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق، فلم يدخل منه أحد، فإذا دخل آخرهم أغلق، ومَن دخل شرب، ومَن شربَ لَمْ يظمأ أبدًا)).

وعن جابر بن سَمُرة - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((أتاني جبريل، فقال: يا محمد، مَن أدرك أحد والديه فمات، فدخل النار فأبعده الله؛ قل: آمين، فقلت: آمين، قال: يا محمد، مَن أدرك شهر رمضان فمات، فلم يُغفر له فأُدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين؛ قال: ومَن ذُكِرتَ عنده فلم يصلِّ عليك، فمات فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين))؛ رواه الطَّبَراني في "الكبير"؛ وصَحَّحه الألباني.

فهل تعجب أخي المؤمن أنَّ جبريل ملك الوحي يقول في هذا الحديث، وفيما رواه مسلم: ((مَن أدرك شهر رمضان ولم يُغفر له، باعدَهُ اللهُ في النار))؟!

ثم يؤمِّن خليل الرحمن الصَّادق على دُعائه؟! وأي عَجَب! ورمضان فرصة نادرة ثمينة، فيها الرَّحمة والمغفرة، ودواعيها مُتَيسرة، والأعوان عليها كثيرونَ، وعوامل الفساد محدودة، ومَرَدة الشياطين مُصَفَّدون، ولله عتقاء في كل ليلة، وأبواب الجنَّة مُفَتحة، وأبواب النيران مغلقة، فمَن لم تنلْه الرَّحمة مع كل ذلك فمتى تناله إذًا؟! ولا يهلك على الله إلاَّ هالك، ومَن لم يكن أهلاً للمغفرة في هذا الموسم، ففي أيِّ وقت يتأهل لها، ومَن خاضَ البحر اللجاج ولم يَطَّهَّرْ، فماذا يطهره؟!
إِذَا الرَّوضُ أمْسَى مُجْدِبًا فِي رَبيِعِهِ فَفِي أَيِّ حِينٍ يَسْتَنِيرُ ويخْصبُ؟
لقد بيَّن الصادق المصدوق اختلاف سعي الناس في الاستعداد لرمضان، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - بمحلوف رسول الله -[1]: ((ما أتى على المسلمينَ شهر خير لهم من رمضان، ولا أتى على المنافقين شهر شَرّ لهم من رمضان؛ وذلك لما يعدُّ المؤمنون فيه منَ القوة للعبادة[2]، وما يعد فيه المنافقون من غَفلات الناس وعوراتهم[3]؛ هو غنْمٌ للمؤمن[4] يغتنمه الفاجر))[5]؛ أخرجه الإمام أحمد، ونسَبَهُ ابن حجر في "التعجيل" إلى صحيح ابن خُزَيمة؛ وصَحَّحَه العَلاَّمة أحمد شاكر رقم 8350.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - من طريق آخر مرفوعًا: ((أظلَّكم))؛ أي: أشرف عليكم وقرب منكم ((شهركم هذا بمحلوف رسول الله؛ ما مَرَّ بالمؤمنين شهر خير لهم منه؛ ولا بالمنافقين شهر شر لهم منه، إنَّ الله - عَزَّ وَجَلَّ - لَيَكْتب أجْرَه ونوافله من قبل أن يُدخِله، ويكتب إصره؛ أي: إثمه وعقوبته، (وشقاءَه من قبل أن يُدخلَه)؛ لأنه يعلم ما كان، وما يكون، ((وذلك أنَّ المؤمن يعدُّ فيه القوة للعبادة منَ النَّفَقة، ويعد المنافق اتباع غفلة الناس واتباع عوراتهم، فهو غنم للمؤمن، يغتنمه المنافق))؛ رواه الإمام أحمد، والبيهقي، والطبراني في "الأوسط"؛ وابن خُزَيمة في صحيحه؛ وسكت عنه المُنذري؛ وأَوْرَده الهيثمي؛ وقال: رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" عن تميم مولى ابن رمانة، ولم أجد من ترجمه. ا هـ.

ماذا يحدث في أول ليلة من رمضان؟
عن أبي هُرَيرة - رضيَ الله عنه - قال رسول الله: ((إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، صُفِّدت الشياطين، ومَرَدة الجن، وغُلِّقت أبواب النار فلم يُفتح منها باب، وفُتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، ويُنادي منادٍ: يا باغيَ الخير أقْبِل، ويا باغي الشر أقْصِر، ولله عتقاء منَ النار، وذلك كل ليلة))؛ رواه التِّرمذي، وابن ماجَهْ؛ وابن خُزَيْمة في صحيحه، والبيهقي.

إنَّ خير الهدي هدي محمد؛ ومِن هَدْيه في هذا الموضع المُبَادرةُ إلى تذكير الناس ببركات هذا الموسم العظيم؛ فقد قال لأصحابه في أول ليلة من رمضان: ((أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدَة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرِمَ))؛ رواه النسائي، والبيهقي؛ وحَسَّنه الألباني.

كيف يستقبل باغي الخير رمضان؟

أولاً: بالمُبَادرة إلى التَّوبة الصَّادقة المستوفية لشروطها، وكثرة الاستغفار؛ لأنَّه شرع في استفتاح بعض الأعمال؛ كما في خطبة الحاجة ((نَحْمَده؛ ونستعينه؛ ونستغفره))؛ كما نُدب إليه مطلقًا، وقال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8].

ثانيًا: بتَعَلُّم ما لا بدَّ منه من فقه الصيام؛ أحكامه وآدابه، والعبادات المُرتَبطة برمضان من اعتكاف، وعمرة، وزكاة فِطر وغيرها؛ قال رسول: ((طَلَب العلم فريضةٌ على كل مسلم)).

ثالثًا: عقد العزم الصَّادق، والهمَّة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصَّالحة، قال - تعالى -: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد: 21]؛ وقال - جَلَّ وعَلا -: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة: 46]، وتَحَرِّي أفضل الأعمال فيه وأعظمها أجرًا.

رابعًا: استحضار أنَّ رمضان كما وَصَفَه الله - عَزَّ وَجَلَّ - أيام معدودات، سرعان ما يولي، فهو موسم فاضل؛ ولكنَّه سريع الرَّحيل، واستحضار أنَّ المشقَّة الناشِئة عن الاجتهاد في العبادة تذهب أيضًا، ويبقى الأجر، وشَرْح الصَّدر، فإن فَرَّطَ الإنسان ذَهَبَتْ ساعات لَهْوِه وغفلته، وبقيت تبعاتُها وأوزارها.

خامسًا: الاجتهاد في حفظ الأذكار والأدعية المُطلَقة منها والمُوَظَّفة، خصوصًا الوظائف المتعلقة برمضان؛ استدعاءً للخشوع، وحضور القلب؛ واغتنامًا لأوقات إجابة الدُّعاء في رمضان، والاستعانة على ذلك بدعاء: ((اللهمَّ أعنِّي على ذكركَ، وشكركَ، وحُسن عبادتك))، وهاكَ الأذكار الثابتة المُتَعَلِّقة بوظائف رمضان:

ما يقول إذا رأى الهلال[6]:
- يقول مستقبلاً القبلةَ[7]: ((الله أكبر؛ اللهم أَهِلَّه علينا بالأمن والإيمان، والسَّلامة والإسلام، والتوفيق لما تحبُّ وترضى، ربنا وربكَ الله)).
- وإذا رأى القمر، قال: ((أعوذ بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب))[8].
- ((وإذا صام، فلا يرفث، ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتَمه فلْيَقُل: إني صائم، إني صائم))[9] (مرتين أو أكثر).

ماذا يقول عند الإفطار؟

- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((ثلاث دعوات مُستَجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر)).
وهذه الدَّعوة التي لا ترد تكون عند فطره، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عنِ النبي: ((ثلاث لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة مظلوم))، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضيَ الله عنهما - قال رسول الله: ((إنَّ للصائم عند فطره لدعوة ما ترد)).
- وأفضل الدعاء الدُّعاء المأثور عن رسول الله، فقد كان يقول إذا أفطر: ((ذهبَ الظَّمَأ، وابْتَلَّتِ العُرُوق، وثبت الأجر - إن شاء الله)).
- وعن معاذ بن زهرة أنَّ النَّبي كان إذا أفطر قال: ((اللهمَّ لك صُمتُ، وعلى رزقكَ أفطرتُ))؛ رواه أبو داود مرسلاً، وقال الألباني: "لكن له شواهد يَتَقَوَّى بها".
- وكان ابن عمر - رضيَ الله عنهما - يقول عند فطره: ((اللهمَّ إنِّي أسألكَ برحمتكَ التي وسعتْ كل شيء أن تغفرَ لي))؛ رواه أبو داود.

سادسًا: الاستكثار منَ الأعمال الصالحات، فإنَّ من ثواب الحسنة، الحسنة بعدها، ومن ذلك:
1- صيام شعبان: استعدادًا لرمضان، فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما رأيتُ رسول الله استكملَ صيام شهر قط إلاَّ رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان".

2- تلاوة القرآن الكريم: فإنَّ رمضان هو شهر القرآن، فينبغي أن يُكْثرَ العبد المسلم من تلاوته، وحفظه، وتدبُّره، وعرضه على مَن أقرأ منه.
كان جبريل يُدَارس النَّبيَّ القرآن في رمضان، وعارضه في عام وفاته مرتين، وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يختم القرآن الكريم كل يوم مَرَّة، وكان بعض السَّلَف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرؤونَ القرآن في الصلاة وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وكان الأسود يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان، وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الزُّهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومُجَالَسة أهل العلم، ويقْبلُ على تلاوة المصحف.
وكان سفيان الثوري إذا دَخَلَ رمضان ترك جميع العبادة، وأقْبَل على قراءة القرآن، قال الزُّهري: "إذا دخل رمضان فإنَّما هو قراءة القرآن، وإطعام الطعام".
قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: "وإنَّما وَرَدَ النَّهي عن قراءة القرآن في أقلَّ من ثلاث على المُدَوَامة على ذلك، فأمَّا الأوقات المفضلة - كشهر رمضان - خصوصًا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر - أو في الأماكن المُفَضَّلة - كمَكَّة لِمَن دَخَلَها من غير أهلها - فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتنامًا للزَّمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما منَ الأئمَّة، وعليه يدل عمل غيرهم". ا هـ.

3- قيام رمضان: فعَن أبي هريرة - رضيَ الله عنه - قال: "كان رسول الله يُرَغِّب في قيام رمضان، من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفرَ له ما تَقَدَّمَ من ذنبه))"، وجاء رسولَ الله رجلٌ من قضاعة، فقال: يا رسول الله! أرأيتَ إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنَّكَ رسول الله، وصَلَّيت الصلوات الخمس، وصُمتُ الشهر، وقُمت رمضان، وآتيت الزَّكاة؟"، فقال النبي: ((مَن مات على هذا كان منَ الصِّدِّيقينَ والشُّهداء".

4- الصَّدَقة: فقد كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان أجود بالخير منَ الرِّيح المُرسَلة، ولا يُسأل شيئًا إلاَّ أعطاه، وقال: ((أفضل الصدقة صدقة في رمضان)).
ومِن صور الصَّدَقة: إطعام الطعام، وتفطير الصوام، قال: ((مَن فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا يَنْقصُ من أجر الصائم شيئًا))، فإن عجز عن عَشائه فطَّره على تمرة أو شربة ماء أو لبن، وقال: ((اتَّقوا النار، ولو بشق تمرة))، وعن عليّ - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((إنَّ في الجنَّة غُرفًا، يُرَى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعَدَّهَا الله تعالى لِمَن أطعم الطعام، وَأَلاَنَ الكلام، وتابَعَ الصيام، وصَلَّى باللَّيل والنَّاس نِيَام))، وقال: ((صنائع المعروف تقي مصارع السُّوء، وصَدَقة السِّر تُطْفئ غَضَب الرَّب، وصِلة الرَّحم تزيد في العمر))،
وقال رسول الله: ((أيما مؤمن أطعمَ مؤمنًا على جوع، أطْعَمَه الله مِن ثمار الجنَّة، ومَن سقى مؤمنًا على ظمأ؛ سقاهُ الله منَ الرَّحيق المختوم)).
وقال بعض السَّلَف: ((لأن أدعو عشرة من أصحابي، فأطعمهم طعامًا يشتهونه أحب إليَّ من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل)).
وكان كثير منَ السَّلَف يؤثر بفطوره وهو صائم، منهم: عبدالله بن عمر، وداود الطَّائي، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر إلاَّ مع اليتامى والمساكين، وربَّما علم أنَّ أهله قد ردوهم عنه، فلم يفطر في تلك الليلة.
وكان منَ السَّلَف من يطعهم إخوانه الطعام وهو صائم، ويجلس ليخدمهم، منهم: الحَسَن، وابن المبارك، وقال أبو السوار العدوي: "كان رجال من بني عَدِي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد مَن يأكل معه أَكَل، وإلاَّ أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس وأكل الناس معه"، قال الإمام الماوردي - رحمه الله -: "ويُستَحَبُّ للرَّجل أن يوسع على عيالِه في شهر رمضان، وأن يحسنَ إلى أرحامه وجيرانه، لا سيما في العشر الأواخر منه". ا هـ.
وإذا دُعي المسلم الصائم عليه أن يجيبَ الدَّعوة؛ لأن مَن لم يجب الدَّعوة فقد عصى أبا القاسم، وينبغي عليه أن يعتقدَ جازمًا أنَّ ذلكَ لا يضيع شيئًا من حسناته، ولا ينقص شيئًا من أجره،
ويُستَحب للمدعو أن يدعوَ للدَّاعي بعد الفراغ منَ الطعام بما جاء عن النَّبي، وهو أنواع؛ كقوله: ((أكل طعامَكم الأبرارُ، وصَلَّت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون)).
((اللهمَّ أطعم مَن أطعمني، واسقِ مَن سقاني)).
((اللهمَّ اغفر لهم وارحمهم، وبارِك لهم فيما رزقتهم)).

5- المكث في المسجد بعد صلاة الفجر: فقد كان إذا صَلَّى الغداة جلسَ في مصلاَّه حتى تطلع الشمس، وقال: ((مَن صَلَّى الفجر في جماعة، ثُمَّ قَعَد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صَلَّى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة، تامة، تامة، تامة)).
فعلى المرء أن يجمعَ همته ليغتنمَ هذا الزمان الشريف، ولا يضيره انصراف أكثر الناس عن هذه السُّنَّة؛ بل الحازم ينظر في أمر الدِّين إلى مَن هو فوقه، ومَن هو أنشط منه: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].
وقد يُحرم المرء من هذه السُّنَّة الجليلة لإفراطِه في السَّهَر أو السَّمَر بعد العشاء.

6- الاعتكاف: فقد كان يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلمَّا كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يومًا.

7- العمرة: فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ النَّبي لَمَّا رجع من حجة الوداع، قال لامرأة من الأنصار اسمها أم سنان: ((ما منعك أن تحجي معنا؟))، قالت: أبو فلان - زوجها - له ناضحان[10]، حج على أحدهما، والآخر نسقي عليه، فقال لها النبي: ((فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تعدل حجة، أو قال: حجة معي)).

ومما ثبت في فضائل العمرة:
قوله: ((العمرة إلى العمرة كَفَّارة لما بينهما)).
وقوله: ((الحُجَّاج والعُمَّار وَفْد الله: دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهُم)).
وقال: ((مَن طافَ بهذا البيت أسبوعًا؛ أي: سبعة أشواط، فأحصاه، كان كعتق رقبة، لا يضع قدمًا، ولا يرفع أخرى إلاَّ حَطَّ الله عنه بها خطيئة، وكتبَ له بها حسنة)).

8- تَحَرِّي ليلة القدر: التي قال تعالى في شأنها: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1 - 3].
قال: ((مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفرَ له ما تَقَدَّمَ من ذنبه)).
وقال: ((مَن قامَها ابتغاءها، ثمَّ وَقَعَت له؛ غُفِر له ما تَقَدَّمَ من ذنبه وما تَأَخَّرَ)).
وكان يَتَحَرَّى ليلة القدر، ويأمر أصحابه بتَحَريها، وكان يعتكف لذلك، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر؛ رجاء أن يدركوها.
وعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلتُ: يا رسول الله، إن وافقتُ ليلة القدر ما أقول؟ قال: ((قولي: اللهمَّ إنَّكَ عَفُو تحب العفو، فاعف عني)).
ويستحب أن يَتَحَرَّى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، خصوصًا الليالي الوتر منها، لقوله: ((التمسوها في العشر الأواخر في الوتر))، ورَجَّحَ بعض العلماء أنَّها ليلة السابع والعشرين.

9- الإكثار منَ النوافل بعد الفرائض: كالسُّنن القَبْلِيَّة والبَعديَّة، وصلاة الضحى، والذكر والاستغفار، والدُّعاء، خصوصًا في أوقات الإجابة، وعند الإفطار، وفي ثلث الليل الآخر، وفي الأسحار، وساعة الإجابة يوم الجمعة.
حق شهر الصيام شيئان - إن كنت منَ الموجبين حق الصيام -: تقطع الصوم في نهاركَ بالذِّكر، وتفني ظلامه بالقيام.

10- المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد: والاجتهاد في تطبيق قول رسول الله: ((مَن صَلَّى لله أربعين يومًا في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان: براءة منَ النار، وبراءة منَ النِّفاق)).
قال سعيد بن المُسَيب: "مَن حافظ على الصلوات الخمس في جماعة، فقد ملأ البر والبحر عبادةً".

هذه إِلْمَامَة عجلى ببعض مظاهر الخير، الذي ينادي من يقصده وينويه في أول ليلة من رمضان: "يا باغي الخير أقبل"، فماذا عن باغي الشر الذي يُقال له في نفس الليلة: "يا باغيَ الشَّر أقصر"؟

يا باغي الشر... أقصر!!
يا مستثقلاً رمضان... أقصر!!
إن أول شر يرتكبه أهل الغفلة وبُغاة الشر هو أنهم يستثقلونه، ويعدون أيامه ولياليه وساعاته، لأنَّ رمضان يحجب عنهم الشهوات، ويمنعهم اللذات، يقول شاعرهم:
أَلاَ لَيْتَ اللَّيلَ فِيهِ شَهْرٌ وَمَرَّ نَهَارهِ مَرُّ السَّحَابِ
ويقول آخرُ:
رَمَضَانُ وَلَّى هَاتِهَا يَا سَاقِي مُشْتَاقَةٌ تَسْعَى إِلَى مُشْتَاقِ
مَا كَانَ أَكْثَرُهُ عَلَى أُلاَّفِها وَأَقَلّهُ فِي طَاعَةِ الخَلاَّقِ
حُكي أنَّه كان لهارون الرَّشيد غلام سفيه، فلما أقبل رمضان ضاق به زرعًا، وأخذ ينشد:
دَعَانِيَ شَهْرُ الصَّومِ - لاَ كَانَ مِنْ شَهْرِ وَلاَ صُمْتُ شَهْرًا بَعْدَهُ آخِرَ الدَّهْرِ
فَلَوْ كَانَ يُعْدِيني الأَنَامُ بِقُوَّةٍ عَلَى الشَّهْرِ لاَسْتَعْدَيْتُ قَوْمِي على الشَّهرِ
فأُصيبَ بِمَرَض الصَّرْع، فكان يصرع في اليوم عدَّة مَرَّات، وما زالَ كذلكَ حتى ماتَ قبل أن يصوم رمضان الآخر.

يا متعمد الإفطار في نهار رمضان... أقصر!
ومِن بغاة الشر مَن لا يستثقلون رمضان أصلاً؛ لأنَّهم لا يصومون؛ بل يجاهرون بالفطر في الطُّرُقات[11]، دون حياء منَ الله، ولا من عباد الله.
صح عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله يقول: ((بينما أنا نائم أتاني رجلان، فأخذ بضبعي - عضدي - فأتيا بي جبلاً وعرًا، فقالا: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: "سنسهله لك"، فصعدت إذا كنت في سواد الجبل إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلق بي، فإذا أنا بقوم مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دمًا، قلت: ((مَن هؤلاء؟)) قال: "الذين يُفْطِرُونَ قبل تَحِلَّة صومهم)).
فإذا كان هذا وعيد مَن يفطرون قبل غروب الشمس ولو بدقائق معدودات، فكيف بمَن يفطر اليوم كله؟!
وقد قال: ((ثلاث أحلف عليهنَّ: لا يجعل الله مَن له سَهْمٌ في الإسلام كَمَن لا سَهمَ له، وأسهم الإسلام ثلاثة: الصَّلاة، والصَّوم، والزَّكاة... الحديث)).
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -: ((مَن أفطر عامدًا بغير عذر كان تفويته لها من الكبائر)) ا هـ.
وقال الحافظ الذَّهبي - رحمه الله -: "وعند المؤمنين مقرر أنَّ مَن تَرَكَ صوم رمضان بلا عذر أنَّه شر منَ الزَّاني ومُدمن الخمر؛ بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزَّندَقة والإخلال " ا هـ.

يا تارك الصلاة أقصر!
وأعظم بُغَاة الشر في رمضان تارك الصلاة، الذي لا يتوب مِن جريمة كبرى، قال الله سبحانه في شأن تاركها: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 42، 43]، وقال في شأنها رسول الله: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن تَرَكَها فقد كَفَر))، وقال: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر: تَركُ الصلاة))، وعن عبدالله بن شقيق قال: "كان أصحاب رسول الله لا يرون شيئًا منَ الأعمال تركهُ كفر غير الصلاة"، وعن عمر - رضي الله عنه - قال: "أما إنَّه لا حَظَّ لأحدٍ في الإسلام أضاعَ الصلاة"، وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "مَن تركَ الصَّلاةَ فلا دينَ له".
وعن نوفل بن معاوية - رضيَ الله عنه - أنَّ النَّبيَّ قال: ((مَن فَاتَتْه صلاة، فكأنَّما وُتِرَ أهله وماله)).
وعن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي قال: ((مَن حافظ على الصلاة كانت له نورًا، وبرهانًا، ونجاةً يوم القيامة، ومَن لم يحافظْ عليها، لم يكن له نور، ولا برهان، ولا نجاة يوم القيامة، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان، وأُبيِّ بن خلف)).
قال الإمام ابن حزم - رحمَه الله تعالى -: ((لا ذنب بعد الشِّرك أعظم من تَركِ الصلاة حتى يخرج وقتها، وقتل مؤمن بغير حق)) ا هـ.
وقال الحافظ الذهبي - رحمه الله -: ((ترك كل صلاة أو تفويتها كبيرة، فإن فعل ذلك مَرَّات فهو من أهل الكبائر إلاَّ أن يتوبَ، فإن لازمَ ترك الصلاة فهو منَ الأخسرين الأشقياء المُجرمينَ)) ا هـ.
وقال الإمام المُحَقِّق ابن القيم - رحمه الله -: "لا يختلف المسلمون أنَّ تركَ الصلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر، وأن إثْمه عند الله أعظم من إثْم قتل النَّفس، وأخذ الأموال، ومن إثْم الزِّنا، والسَّرقة، وشُرب الخمر، وأنَّه مُتَعرِّض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة" ا هـ.
وبعيدًا عن الخلاف الفقهي في كُفر تارك الصلاة، هل هو كفر أكبر مُخرِج منَ الملَّة، أو هو كفر لا يخرج من الملة؟ فدَعْني أهمسُ في أذنكِ يا تاركَ الصلاة: هل تقبل أن يكونَ انتماؤكَ لدين الإسلام، وإيمانكَ بالله ورسوله وكتابه قضية محل خلاف، فعلماء يقولون: "أنتَ كافر مثل فرعون، وقارون، وأبي جهل، وأبي لهب"، وفريق آخر يقول: "بل فاسق مجرم شرير، أشد خبثًا من قاتل النفس، وسارق المال، وآكل الربا، والزاني، وشارب الخمر؟!".
يَا تَارِكًا لِصَلاَتِهِ إِنَّ الصَّلاَةَ لَتَشْتَكِي
وَتَقُولُ فِي أَوْقَاتِهَا: اللهُ يَلْعَنُ تَارِكِي
يا أيتها المتبرجة... أقصِري!
ومن بغاة الشَّر في هذا الشَّهر الكريم المُتَبرجات بالزِّينة اللاَّئي لا ينوينَ التوبة من هذه الكبيرة، بل يبغينَ الفساد بالإصرار على إظهار الزِّينة للأجانب منَ الرِّجال، والخروج إلى الأسواق والطُّرقات والمجامع مُتَعطرات مُتَطيبات، كاسيات عاريات، فاتَّق الله يا أمَةَ الله في نفسِكِ، وفي عباد الله الصائمينَ، ولا تكوني رسول الشيطان إليهم لتفسدي قلوبهم وتشوشي صيامهم؛ بل قَرِّيِ في بيتك، فإن خرجتِ ولا بدَّ فاسْتَتري بالحجاب الكامل، وتَأَدبي بآداب الإسلام.

يا أهل الفن والإعلام: أقصروا!
إنَّ رمضان فرصة ثمينة للتوبة والإنابة إلى الله - عَزَّ وَجَلَّ -، وأنتم تُحَوِّلونه إلى فرصة لنشر الفساد وإشاعة الفواحش، فانضَمُّوا إلى صفوف أولياء الله المتقينَ، وسخروا الإعلام في خدمة الدِّين، وإشاعة المعروف، والنَّهي عن المنكر، وذكِّروهم بالقرآن والسُّنَّة، ولا تشغلوهم بالأغاني والمسلسلات، والفوازير، والقصات، قبيحٌ بكم أن تبارزوا ربكم بالحرب في شهره الكريم، وتكثفوا حربكم على الدِّين والأخلاق، كأنَّكم تشفقون من بوار تجارتكم الشَّيطانيَّة في هذا الشهر المُبارك، فتُضَاعفون من مجهودكم؛ لتصدوا الناس عن سبيل الله - عَزَّ وَجَلَّ -، وتبغوها عوجًا.

إنَّ المنادي يناديكم من أول ليلة في رمضان: أقصروا يا بغاة الشَّر، فإن أصْرَرْتُم فإنَّ ربَّكم لَبِالْمِرْصَاد، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ} [النور: 19].

ويا أيها المسلمون الصائمون:
فِرُّوا منَ الفيديو، والتلفاز، والصحف الفاسدة فراركم منَ الأسد، إن الفنانينَ هم قُطَّاع الطريق إلى الله، إنَّهم ممَّن قال الله فيهم: {أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 221]، وقال: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]، وقال تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى * فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى} [طه: 15، 16]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 27، 28].

فتذكر يا عبد الله الصَّائم قوله - تبارك وتعالى -: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 36]، وأهل الفن يدعونكَ إلى زنا العين، وزنا الأُذُن، فكيف تطاوعهم وأنت مسلم؟!

وكيف تشاركهم وأنت صائم؟! وكيف لا تقول إذا دعاكَ الشياطين إلى هذه المعاصي: "إني صائم، إني صائم"؟! وإذا كنتَ في الصيام تحرم الحلال منَ الطعام والشراب والشهوة؛ امتثالاً لأمر الله، فكيف تستبيح ما هو حرامٌ قطعًا من إطلاق البَصَر إلى النِّساء الفاجرات، ألا ما أصْدق قول الصَّادق المصدوق: ((مَن لَم يدع قول الزُّور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))، وقوله: ((رُبَّ قائم حظُّه من قيامه السَّهر، ورُبَّ صائمٍ حظُّه من صيامه الجوع والعطش))، وقوله: ((الصيام جُنَّة، فإذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم)).

فيا عاكفين أمام الممثلات والراقصات:
{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52]، وأين أنتم مِن عباد الرحمن الذين: {لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72]، و{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3]، لقد بَيَّنَ الله - سبحانه وتعالى - الحكمة من تشريع الصيام في قوله - جل وعلاَّ -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]،
ولقد سأل أميرُ المؤمنينَ عمر - رضي الله عنه - أُبَيَّ بن كعب - رضي الله عنه -: ما التقوى؟، فقال أُبَي: يا أمير المؤمنين أما سلكتَ طريقًا ذات شوك؟، قال: بلى، قال: فماذا صنعتَ؟، قال: شمَّرتُ واجتهدتُ، قال: فذلك التقوى.
وسُئِل أمير المؤمنين عليٌّ - رضي الله عنه - عن معنى التقوى، فقال: "هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل".
خَلِّ الذُّنُوبَ صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا ذَاكَ التُّقَى
وَاصْنَعْ كَمَاشٍ فَوْقَ أَرْ ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ مَا يَرَى
لاَ تَحْقِرَنَّ صَغِيرَةً إنَّ الجِبَالَ مِنَ الحَصَى
ولقد قال رسول الله: ((الصيام جُنَّة))؛ أي: وقاية نَتَّقي بها كل ما نخشاه، وننال به كل ما نَتَمَنَّاه، فالصَّوم وقاية للسان في نطقهِ، وللعين في بصرها، وللأُذُن في سماعها، وهكذا كل الجوارح تتقي ما نُهِي عنه، قال جابر بن عبدالله - رضيَ الله عنهما -: ((إذا صُمْتَ فلْيصم سمعُكَ، وبصركَ، ولسانُكَ عن الكذب والمَآثِم، ودَع أذى الجار، ولْيَكن عليكَ وقارٌ وسكينة يوم صومكَ، ولا تجعل يوم فطرك ويوَم صومِك سواءً)).
يا خائضًا في أعراض الناس... أقصر!!
فقد قال تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]، وقال: ((الغيبة: ذِكركَ أخاكَ بما يكره))[12]،
قال القرطبي - رحمه الله -: ((لا خلافَ أنَّ الغيبة منَ الكبائر، وأنَّ مَن اغتابَ أحدًا عليه أن يتوب إلى الله - عَزَّ وَجَلَّ)) ا هـ[13].
وعن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((لما عُرج بي، مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يَخْمِشُون[14] وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟، قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم[15])).
وعن أبي برزة الأسلمي، والبراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال رسول الله: ((يا معشرَ مَن آمنَ بلسانِه، ولم يدخل الإيمانُ قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنَّه مَن تَتَبَّع عورة أخيه المسلم، تَتَبَّعَ الله عورته، ومَن تَتَبَّعَ الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته[16])).

أثر الغيبة في الصوم:
عنِ الحسن بن وهب الجُمَحي قاضي مكة قال: وقعت في رجل من أهل مكة، حتى قلت: إنه مُخَنَّث"، فصَلَّيت الظهر؛ فعرض في قلبي شيء، فسألت عطاء بن أبي رباح، فقال: "يعيد وضُوءه، وصلاته، وصومه".
وعن الضَّحَّاك بن عبدالرحمن بن أبي حوشب: أن رجلاً أتى إلى ابن أبي زكريا، فقال: "يا أبا يحيي! أشعرت أن فلانًا دخل على فلانة؟" قال: "حلال طيب"، قال: "إنه دخل معه برجل"، فقال ابن أبي زكريا: "إنَّا لله! فقد وقع في نفسك لأخيكَ هذا؟! حرج عليك بالله أن تكلمني بمثل هذا"، فلما دنا من باب المسجد قال: "والله لا تدخل حتى ترجع، فتوضأ مما قلت".
وعن أبي صالح أنه أنشد بيت شعر فيه هجاء، فدعا بماء فتمضمض.
وعن رجاء بن أبي سلمة قال: قلت لمجاهد: "يا أبا الحجاج: الغيبة تنقض الوضوء؟"، قال: نعم، وتفطر الصائم.
وعن أبي المتوكل الناجي قال: كان أبو هريرة وأصحابه إذا صاموا، جلسوا في المسجد، قالوا: "نطهر صيامنا".
وعن طليق بن قيس قال: قال أبو ذر - رضي الله عنه -: "إذا صمت فتحفظ ما استطعت"
فكان طليق إذا كان يوم صيامه دخل، فلم يخرج إلاَّ إلى صلاة.
وعن مجاهد قال: "ما أصاب الصائم شوى[17]، إلاَّ الغيبة والكذب"، وعنه قال: "مَن أحبَّ أن يسلم له صومه، فليتجنب الغيبة والكذب".
وعن حفصة بنت سيرين قالت: "الصيام جُنَّة، ما لم يخرقها صاحبها، وخرقها الغيبة".
وعن ميمون بن مهران: " إنَّ أهون الصَّوم ترك الطعام والشراب".
وعن عَبيدة السلماني قال: "اتقوا المُفْطِّرينِ: الغيبة، والكذب".
وعن أبي العالية قال: "الصائم في عبادة ما لم يغتب، وإن كان نائمًا على فراشه".
وقال الشاعر في هذا المعنى:-
وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ لاَ تَكُونُ تَصُومُهُ حَتَّى تَكُونَ تَصُومهُ وَتَصُونهُ
وقال آخر:
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّمْعِ مِنِّي تَصَوُّنٌ وَفِي بَصْرِي غَضٌّ وَفِي مَنْطِقِي صَمْتُ
فَحَظِّي إِذًا مِنْ صَوْمِي الجُوعُ وَالظَّمَأُ وَإِنْ قُلْتُ إِنِّي صُمْتُ يَوْمًا فَمَا صُمْتُ.
وقال الإمام ابن حزم - رحمه الله -:
"ويُبطل الصومَ أيضًا تعمّدُ كلِّ معصية - أي معصية كانت - لا تحاش شيئًا - إذا فعلها عامدًا ذاكرًا لصومه؛ كمباشرة من لا يحل له... " إلى أن قال: "أو كذب، أو غيبة، أو نميمة، أو تعمد ترك صلاة، أو ظلم، أو غير ذلك من كل ما حرم على المرء فعله" [18].
وقد استدل بقوله: ((والصيام جُنَّة، وإذا كان يومُ صومِ أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب))[19].
وبقوله: ((مَن لم يدع قول الزور والعمل بهِ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))[20].
وبما رُوي أنه أتى على امرأتينِ صائمتينِ تغتابانِ الناس، فقال لهما: ((قيئا))، فقاءتا قيحًا ودمًا ولحمًا عبيطًا، ثم قال: ((ها، إن هاتين صامتا عن الحلال، وأفطرتا على الحرام))[21].
وقال الإمام النووي - رحمه الله تعالى -: "فلو اغتابَ في صومه عصى، ولم يبطل صومه عندنا، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، والعلماء كافة، إلاَّ الأوزاعي، فقال: يبطل الصوم بالغيبة، ويجب قضاؤه " [22].
وقد استدل الإمام الأوزاعي - رحمه الله - بقوله: ((رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع)) [23]، وبأدلة ابن حزم، وقال النووي: "وأجاب أصحابنا عن هذه الأحاديث... بأن المراد أن كمال الصوم وفضيلته المطلوبة، إنَّما يكون بصيانته عن اللغو والكلام الرَّديء، لا أن الصوم يبطل به"[24] ا هـ.
يا ورثة الأنبياء هذه فرصتكم

هذه وصايا مجمَلة للدعاة إلى الله - عَزَّ وَجَلَّ - في هذا الموسم المبارك الذي هو فرصة ثمينة للتجارة الرابحة مع الله - عَزَّ وَجَلَّ -:
- حث الناس على أن لا ينشَغلوا بفرصة رمضان التي لم تحن مع الذهول عن فرصة شعبان الذي كان رسول الله يصوم أكثره.
- عليكم أن تدعوا المسلمين لتوثيق روابطهم مع القرآن الكريم، ختمًا، ومراجعة، وحفظًا، وتفسيرًا، وتجويدًا.
- حذروا الناس من قُطَّاع الطريق إلى الله من أهل الفن، والإعلام، والصحافة.
- حرضوهم على الكسب الطَّيِّب الحلال، وتوقِّي الحرام والشُّبهة.
- ذكروهم بأحكام الصوم، والقيام، والاعتكاف، وآداب ذلك كله.
- حث الناس على الصدقة الجارية من توزيع المصاحف، والكُتبيات، والأشرطة النافعة.
- عقد حلقة يوميَّة لمدة عشر دقائق عقب صلاتَيِ العصر والفجر؛ يدرس فيها واحد أو اثنان منَ الكتب الآتية لعموم المصلين: "رياض الصالحين" - "الأذكار النووية" - "زاد المعاد".
- تحذير المسلمينَ من فتور الهمة بعد الشِّرَّة[25] التي تكون في أول رمضان، ثم لا تلبث أن تتلاشَى وتخور العزائم، فتخلو المساجد من عُمَّارها؛ خاصَّة في صلاتي الفجر والعشاء، أثقل صلاتين على المنافقين.
- لَفْت نظر المسلمينَ إلى سهولة تطبيق نظم الحياة، طبقًا للشريعة الإسلامية إذا صدقت النوايا، وآية ذلك أن رمضان يُحدِث - في ساعات قلائل بمجرد رؤية هلال - ثورةً شاملةً في دولاب حياة المجتمع كله، وتغييرًا عميقًا على كل صعيد، فهذا يعكس قدرة الإسلام على إعادة صياغة نظم الحياة كلها في سلاسة وطواعية مُدهشة، وهذا كله دليل رائع على حيويَّة هذا الدِّين، وبقاء الخير في أمة محمد.
- حض المسلمينَ على تَذَكُّر إخوانهم في الدِّين في البوسنة، والهرسك، والصومال، وبورما، وتايلاند، وفلسطين، والشيشان، وأفغانستان، وغيرهم منَ المجاعات والحروب والظلم، والدعاء لهم مع التَّداعي لنصرتهم ونجدتهم، فإذا رأيت أطفالكَ على مائدة الإفطار تذكر أطفال ويتامى المسلمين الجَوْعَى والعراة.
- لا تقصر نشاطكَ على رُوَّاد المساجد؛ بل انتقل إلى أهل الحي في مجامعهم، ومنازلهم، ونواديهم، فإن المفرِّط المُقَصِّر هو ضالَّة الداعية.
- تهيئة المساجد لاستقبال المصلين بتنظيفها، وتطيبها[26]، وعمارتها، وصيانة مرافقها.
- إذا صَلَّى القائم لنفسه فليطول ما شاء، وكذلك إذا كان المأمومون يوافقونه على التَّطويل، وكلَّما أطال فهو أفضل، أما إذا كان إمامًا لقوم لا يرضون بالتطويل، فعليه أن لا يشق عليهم، قال رسول الله: ((إذا قام أحدُكم للناس فليخفِّف الصلاة، فإنَّ فيهم الصَّغير والكبير، وفيهم الضَّعيف والمريض، وذا الحاجة، وإذا قام وحده فليطل صلاته ما شاء))؛ متفق عليه، واللفظ لمسلم.

تنبيهات ووصايا:
وهذه وصايا لكل أخ مسلم وأخت مسلمة في هذا الشهر الكريم:
- ينبغي أن يقدم في شعبان قضاء ما فاته من صيام رمضان الماضي.
- من سُّنَّة المصطفى: صيام أغلب شهر شعبان؛ لأنه لرمضان كنوافل للصلاة.
- احرص على قيام أول ليلة من رمضان وهي ليلة الرؤيا، ولا تفوتها، كي تنال فضيلة قيام رمضان كله.
- اصبر على القيام خلف إمامك في التراويح إلى أن ينصرف، كي يُكتبَ لك قيام ليلة كاملة.
- احرص على صلاة المغرب في جماعة المسجد، فإنَّه ينبغي تعمير المساجد بالجماعة في رمضان أكثر من غيره.
- لا تضيع سُّنَّة العشاء البعدية، وهما ركعتان بعد العشاء، وقبل القيام.
- لا تسهر سهرًا يضر بمواظبتكَ على حضور صلاة الفجر بالمسجد.

احرص على تطبيق الأحاديث الشريفة التالية:
1- عن أبي أُمامة - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((صلاة في إثر صلاة لا لغوَ بينهما؛ كتاب في عليين))؛ رواه أبو داود - حسن.
2- عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((مَن صَلَّى الفجر في جماعة، ثم قَعَدَ يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صَلَّى ركعتين، كانتْ له كأجر حجة، وعمرة، تامة، تامة، تامة))؛ رواه الترمذي - صحيح.
3- عن أم حبيبة - رضي الله عنها - قال رسول الله: ((مَن صَلَّى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة، بُني له بيت في الجنة: أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الغداة))؛ رواه الترمذي - صحيح.
4- عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((مَن صَلَّى لله أربعين يومًا في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان: براءة منَ النار، وبراءة منَ النفاق))؛ رواه الترمذي - حسن.
5- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((مَن أصبح منكم اليوم صائمًا؟))، قال أبو بكر: أنا، قال: ((مَن شهد منكم اليوم جنازة؟))، قال أبو بكر: "أنا"، قال: ((مَن أطعم اليوم مسكينًا؟))، قال أبو بكر: "أنا"، فقال: ((ما اجتمع هذه الخصال في رجل في يوم إلاَّ دخل الجنة))؛ رواه مسلم والبخاري في "الأدب".
وصَلَّى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] قوله - رضي الله عنه -: "بمحلوف رسول الله"، يقسم أبو هريرة بما أقسم به النبي: ((أنه ما أتى على المسلمين شهر خير لهم من رمضان)).
[2] قوله: ((وذلك لما يعد المؤمنون فيه منَ القوة للعبادة))؛ أي: ما يقويهم عليها في رمضان؛ كادخار القُوت، وما ينفقه على عيالِه فيه، وقد فَسَّره في طريق ثانية بقوله: ((وذلك أنَّ المؤمن يعد فيه القوة للعبادة منَ النَّفَقة))؛ أي: لأن اشتغالهم بالعبادة فيه يمنعهم مِن تحصيل المعاش أو يُقَلِّل منه؛ فقيامُ اللَّيل يستدعي النَّوم بالنهار، والاعتكاف يستدعي عدم الخروج منَ المسجد، وفي هذا تعطيلٌ لأسباب المعاشِ، فَهُمْ يُحَصِّلونَ القوت وما يلزم لأولادهم في رمضان قبل حلوله؛ ليَتَفَرّغوا فيه للعبادة، والإقبال على الله - عز وجل -، واجتناء ثمرة هذا الموسم، فهو خير لهم لِمَا اكتسبوه فيه منَ الأجر العظيم، والغفران العَمِيم.
[3] قوله: ((وما يعد فيه المنافقون من غفلات الناس وعوراتهم))؛ يعني: أنَّ المنافقينَ يستعدون في شهر رمضان للإيذاء بالمسلمينَ في دنياهم، وتَتَبُّع عوراتهم أثناء غفلتهم عنِ الدّنيا، وانقطاعهم إلى الله - عَزَّ وجَلَّ - فكأنَّ ذلك غنيمة اغتنموها في نظرهم؛ ولكنَّها في الحقيقة شَر لهم لو كانوا يعلمون، وما أعده الله لهم في الآخرة منَ العَذَاب المقيم، وحرمانهم من فضله العميم - نعوذُ بالله من ذلك - وما أدق هذا الوصف في حق أهل الفنِّ والإعلام، الذين يغتنمونَ موسم الطاعة لصَدِّ الناس عن سبيل ربهم، وفِتْنَتِهِم عن طاعة الله - عز وجل.
[4] قوله: ((هو غنم للمؤمن))؛ أي: هو فوز للمؤمنينَ بالأجر والثواب الجزيل من غير مشقَّة كبيرة؛ وذلكَ لما ينزله الله - سبحانه - على عباده منَ الرَّحَمات؛ ويفيضه عليهم منَ النفحات؛ ويوسع عليهم منَ الأرزاق والخيرات؛ ويجنبهم فيه منَ الزلات، حيث يفتح لهم أبواب الجنان، ويغلق عنهم أبواب النيران، ويصفد فيه مَرَدَة الجان، فهو للأمة ربيعها، وللعبادات موسمها، وللخيرات سوقها، فلا شهر أفضل للمؤمن منه، ولا عمل يفضل عما فيه، فهو بحق غنيمة المؤمنين.
[5] قوله: ((يغتنمه الفاجر))، وفي رواية البيهقي: ((ونقمة للفاجر))، والمعنى: أنَّ الله - عز وجل - ينتقم منه، ويذيقه العذاب الأليم بسوء فعله وإيذائه المؤمنينَ، وتتبع عوراتهم، فيكون نقمة له. وأما المسلمُ فرمضان غنيمة له اكتسبَهُ من صيام أيامه وقيام لياليه، والانقطاع إلى - عَزَّ وجَلَّ - بالعبادة فيه، انظر: "الفتح الرَّبَّاني" [9/ 230 - 232].
[6] أي: هلال أيِّ شهر، ولا يختص برمضان.
[7] وذلكَ لأنَّه "لا يستقبل بالدعاء إلا ما يستقبل بالصلاة".
[8] الغسق: الظلمة، والوقوب: الدخول في الظلمة ونحوها، "فلَعَلَّ سبب الاستعاذة منه في حال وقوبه؛ لأن أهل الفساد ينتشرونَ في الظلمة، ويَتَمَكَّنونَ فيها أكثر مما يتمكنون منه في حال الضياء، فيقدمون على العظائم، وانتهاك المحارم، فأضاف فعلهم في ذلك الحال إلى القمر؛ لأنَّهم يَتَمَكَّنونَ منه بسببه، وهو من باب تسمية الشَّيء باسم ما هو من سببه، أو ملازم له"؛ أفادَه الحافظ أبو بكر الخطيب.
[9] والأظهر: أنَّه يسمعه ذلك لينْزَجِر.
[10] الناضح: الدابة يُسْتَقَى عليها.
[11] ومن شركاء هؤلاء في الوِزْر، أصحاب المطاعم الذين يفتحون محالهم لترحب بالفاسقين المفطرين بغير عذر، ويعاونونهم على الإثم والعدوان، ومعصية الله ورسوله.
[12] رواه مسلم (2589)، وأبو داود (4874)، والترمذي (1934)، وقال: "حسن صحيح".
[13] "الجامع لأحكام القرآن" (16/337).
[14] ي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بين يدي رمضان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كن ولا تكن في رمضان
» حدث في 5 رمضان
» حدث في 20 رمضان
» حدث في 6 رمضان
» فضل رمضان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات عـــــــــائـلة تـــــــابــــلاط :: فــئـة الاسلاميــــات ::  خيمة شهر رمضان-
انتقل الى:  
....................
اخر الاخبار الوطنية
جميع حقوق منتديات عائلة تابلاط محفوظة
 جميع الحقوق محفوظة لـ{منتديات عائلة تابلاط} ®
حقوق الطبع والنشر © 2010 - 2011

جميع ما يكتب في المنتدى يعبر عن وجهة نظر الكاتب شخصيا ولا يمثل رأي منتديات عائلة تابلاط ولا القائمين عليه أو اهدافهم أو توجهاتهم
الترحيـب و التواصل مع الاعضاء|التهانـي والتبريكات|الدعاء للمرضى و التعازي و المواساة|تابلاط للاخبار اليومية+مواقع للصحف الجزائرية |ملتـقـى عائلة تابلاط|كل ما يخص مدينة تابلاط|تاريخ و ثقافة الـجزائـر|شخصيات جزائرية هامة|خصوصيات ادم|خصوصيات حواء|الـطفـل و الـطــفولـة|مطبخ المنتدى|الاثات و الديكور|الاناقة والجمال|نصائح و تجارب منزلية|طبيب عائلة تابلاط|تطوير الذات|الحورات و النقاشات الهامة والجادة |العلوم و المعلومات العامة|فلسطين الحبيبة|البـيـئة والطبيعة و عالم الحيوانات| شخصيات عربية و عالمية |القصص و الرويات المتنوعة |حدث في مثل هذا اليوم| الأعياد والمناسبات|السيارات والشاحنات و الدرجات|الأمثال و الحكم و الأقوال|تابلاط الافـكار و المواهـب|أشعاري و خواطري|منتدى الشريعة و الحيـاة|خيمة شهر رمضان|دليلك في الحج و العمرة|التاريخ و الحضارة الاسلامية|تـابلاط الدردشة و الفرفشة|تابلاط نكت*نكت|المسابقـات و الالغـاز|السيـاحة بكل انواعها| صـور*صـور|كرة القدم الجزائرية|كرة القدم العالمية|رياضات متنوعة|بحوث مدرسية|المحاضرات و البحوث الجامعية|معلومات و اخبار|جامعية التعليم و الدراسة بالمراسلة|السنة الاولى ثانوي|السنة الثانية ثانوي|بكالوريــا2011|السنة الاولى متوسط|السنة الثانية متوسط|السنة الثالثة متوسط|السنة الرابعة متوسط (bem)|مواقـع مفيــدة و اخرى مسلية|بـرامج الهـاتف|برامج الكمبيوتر و الانترنات|الالعاب الالكترونية|استقبال القنوات +أنظمة التشفير التلفزيونية|التقنيات المتقدمة |قسم الاعلانات الادارية للاعضاء| معلومات موقع منتديات عائلة تابلاط|السيرة العطرة و قصص الانبياء|الاعجاز العلمي في القران و السنة|
وقف لله
تــنــويـة : أبـريء ذمتي أنا صـاحـب ومـؤسس منتديات عائلة تابلاط أمام الله ان حـصـل تعارف أو صداقات غير شرعية بين الأعضاء داخل المنتدى
منتديات عائلة تابلاط لا يهدف الى الربح أو التجارة بأي شكل من الاشكال
المنتدى وقف لله تعالى لي و لوالدي و لجميع الأعضاء والمسلمين و المسلمات الأحياء منهم والأموات
-
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلا مُتَقَبَّلا-