مترجم القرآن الكريم إلى الأمازيغية سي حاج الطيب لـ''الخبر''
ختمتُ القرآن في صغري دون أن أفْهَم معانيه
5سنوات في الترجمة، عامان في التصحيح و22 يوماً في التّسجيل الصوتي بالمملكة العربية السعودية، تلك هي المدّة التي استغرقها الشيخ سي حاج محند الطيّب ليترجم معاني
القرآن الكريم إلى اللغة الأمازيغية، في سابقة مكّنَت كبار السن بالمنطقة من الاطلاع على المعاني التي تتضمّنها آيات الذِّكر الحكيم.
نذر الشيخ سي حاج محند الطيب عمله لخالقه، حيث رفض أن يتسلّم أيّ مقابل مادي رغم عدم حصوله ولو على سنتيم واحد من السلطات المحلية والمركزية، وتحمِل جميع الأشرطة والأقراص المضغوطة التي تحتوي التّرجمة عبارة ''لا يُباع''.
وكشف مترجم معاني القرآن الكريم إلى الأمازيغية، في جلسة مع ''الخبر'' في بيته بتيزي وزو، أنّه تأثّر في صغره كثيراً حينما كان يتردّد عل الكتاتيب بمسقط رأسه بإفرحونان بولاية تيزي وزو لحفظ القرآن الكريم، فختمه دون أن يفهم ولو آية واحدة، إلى درجة أنّه اقتنع وهو صغير أن القرآن يُحْفَظ ولا يُفهم. وانتقل إلى زاوية تمغراست بضواحي ولاية بجاية، حيث تلقّى بعض الدروس جعلته يفهم معنَى بعض الآيات.
وحينما أنهى دراسته الجامعية راودته فكرة ترجمة القرآن الكريم ''إلاّ أنّني سرعان ما دفنتُ تلك الرّغبة نظراً لصعوبة الأمر''. وبعد تقاعده من قطاع التربية كمفتش للغة العربية وبالتحديد العام 2000م، يقول محدثنا ''تلقيت من وزير الشؤون الدينية فكرة ترجمة القرآن الكريم إلى الأمازيغية''، فشَرَع في أولى الخطوات، قبل أن تتبنّى المملكة العربية السعودية عن طريق سفارتها بالجزائر الفكرة، حيث أرسل في البداية ترجمة 10 أحزاب، وحينما طُبعت في السعودية يقول سي حاج محند الطيب ''لاحظتُ أخطاءً في المعاني واقترحت أن أكون حاضراً في السعودية عند الطباعة والتّنقيح حتّى وإن كان التّنقّل والإيواء على حسابي الخاص''، وهو ما حدث حيث تمّت دعوته للسّفر إلى المملكة وأقام بمجمّع الملك فهد لطباعة المصحف الشّريف عدّة أسابيع، قام هناك بالتّسجيل الكامل للتّرجمة.
ويروي الشيخ سي حاج رحلته مع الترجمة التي دامت 5 سنوات تلتها سنتان للتّصحيح، حيث يقول ''كنتُ أستعين في كلّ آية قرآنية بـ 4 تفاسير على الأقل وبعض الترجمات إلى اللغة الفرنسية لأستأنس بها، بل وكنتُ أستمَع حتّى لبعض أشرطة المغنين للبحث عن الكلمات المناسبة التي أضعها''. ويضيف محدثنا أنّ العقبة التي كانت تواجهه أحياناً تتمثّل في غياب المصطلح المقابل في اللّغة الأمازيغية ''وقد يحدث لي أن أنام وأستيقظ أثناء اللّيل للبحث عن الكلمات المناسبة، وكنتُ أتوخّى توظيف الكلمات المتداولة عند العامة''.
وبعدما كان سي حاج يستعين بإحدى بناته في بداية مشواره لتكتُب له على الحاسوب لأنّه لم يكن يتقن استعماله، أصبح بعد مدّة يستعمل هذا الجهاز بكلّ مهارة وهو اليوم في أواخر العقد السابع من عمره.
وفي يوم 16 مارس 2005م، يقول محدثنا، ''عندما أنهيتُ ترجمة آخر آية قرآنية، صلّيتُ ركعتين لله تعالى وبكيتُ لأنّني لم أكُن أصدّق إن كنتُ في حلم أم في يقظة، ولم أكن أدري أنّني أملك القدرة والكفاءة على إتمام هذا الإنجاز، وقد شعرتُ براحة لم أشعر بها من قبل ولَن أشعر بها من بعد، لأنّ الإنجاز لم يتم سوى بعون وتوفيق من الله''.
ويعتبر مترجم معاني القرآن الكريم إلى الأمازيغية أنّ جزاءه مقابل هذا العمل ناله، تماماً ويتمثّل في الأعداد الهائلة من المواطنين والمواطنات الذين يوقفونه في الطريق ليشكروه على كونه الدافع في فهم معاني القرآن الكريم من طرف شيوخ وعجائز لا يعرفون سوى اللغة الأمازيغية.