الكاتب الشيخ صالح بن غانم السدلان
حضرات الإخوة الأعزاء الفضلاء من طلاب العلم الحريصين عليه في بلاد الجزائر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إجابة على رسالتكم رقم (بدون) وتاريخ (بدون)، وقد تضمنت رسالتكم عددا من الأسئلة، وقد رأيت أن تكون عامة ليس فيها ذكر أسماء ، وإنما فيها بيان للحق وتحذير مما سواه، ويتلخص ذلك في:
1-على الإنسان أن يكون حريصا على السنة بعيدا عما سواها، قال الله جل وعلا: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران:31].
2-على المسلم أن يعرض أعماله وأقواله على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يتمسك برأي شخص معين إلا إذا كان موافقا للكتاب والسنة ، فإن الرجال يعرفون بالحق وليس الحق يعرف بالرجال ، قال الله جل وعلا : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف:108]
3-علينا أن ندعو إلى الحق وما سواه باطل ، فإن الضد يبينه الضد ، قال الله سبحانه وتعالى : ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) [يونس: 32]، والحق واحد لا يتعدد والله تعالى لم يتركنا سدى ولم يخلقنا عبثا وقد أنزل الله على نبيه هذا الكتاب ومن يرد أن يضله فلن تجد له وليا مرشدا ، والله حفظ لنا هذا الكتاب وهذه السنة قال الله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك " . وقد من الله عليكم بالعلم والمعرفة وتبين الحق من الباطل فاحمدوا الله على ذلك.
4-علينا أن نعامل الناس بالخلق الحسن وندعو إلى الله على علم وبصيرة، ونحرص كل الحرص على ما يجمع القلوب ويوحد الصفوف ويحقق الأخوة الإسلامية بين طبقات العلماء والمتعلمين ، وأن يكون لكم مرجعية علمية معتدلة تتمسك بالسنة وتدعو إليها ، قال تعالى : (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) [النساء:115]، وقال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) [الحجرات:10]، وقال صلى الله عليه وسلم : " وكونوا عباد الله إخوانا ".
5-يلزم الدعاة إلى الله تعالى أن يسلكوا المسلك الذي نهجه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله: " ما بال أقوام"، وأن يبتعد الدعاة عن التسمية والتخصيص فإن ذلك مما يسبب الفرقة والافتراق ويدعو إلى الاختلاف، والمسلم عليه أن يكون حريصا على كل ما يوحد الكلمة ويؤلف القلوب بعيدا عن ما يخالف ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ".
6-على الدعاة إلى الله أن يسلكوا في دعوتهم ما يحقق لها النجاح ويقوي شأنها ويجعلها مقبولة محببة إلى نفوس المدعوين ولا يَظهرُ فيها بين الدعاة شقاق ولا خلاف أمام الناس ، قال تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125].
7-على الدعاة إلى الله عز وجل إذا لاحظوا شيئا من الأخطاء من بعض إخوانهم الدعاة أن يقوموا بمناصحتهم بالأسلوب المناسب في الوقت المناسب ، قال صلى الله عليه وسلم :" الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ".
8-على الدعاة أن يتسموا بينهم بالشفقة والرحمة وستر الهفوات والزلات عملا بهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128].
9-على المسلم أن يعلم أن أحدا لا يسلم من الأخطاء والكمال لمن له الكمال وحده وهو الله جل وعلا والعصمة لنبيه صلى الله عليه وسلم ( وخير الخطائين التوابون).
10-على المسلم وخاصة طلبة العلم أن يسعوا إلى استصلاح الناس وأن ينشروا العقيدة السمحة والشريعة الميسرة وأن يدركوا كمال هذه الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان قال تعالى: ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام: 38].
هذا ما أحببت بيانه لإخواني في بلاد الجزائر ، ونحن ندعو لهم بالتوفيق والتسديد والتعاون مع ولاة الأمر فيما يصلح الأمة ويجمع الكلمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وأملاه الفقير إلى عفو ربه المنان / صالح بن غانم السدلان
بتاريخ 12/16/ 1422