يُعَد مسجد سعد بن أبي وقاص واحداً من أقدم مساجد مدينة الولي الصّالح سيدي عيسى المعروف ببوقبرين، شُيِّد في العام 1391م، أي ثلاث سنوات قبل تأسيس هذا الأخير بعد أن لم يبخل سكان المدينة وقراها عن تخصيص جزء من قوتها، رغم الفقر والقهر المسلّط عليهم من قبل الاستعمار آنذاك، للإسهام في بناء المسجد الّذي تمّ الانتهاء من تشييده في العام 6391م، وكان لشرف تدشينه من قبل العالم سي المصطفى الهاملي رحمه الله، وبذلك يكون ثاني مسجد يؤسّس في المدينة بعد المسجد العتيق. تروى عن مسجد ابن أبي وقاص حكايَا وأساطير عن هذا الحصن المنيع، الّذي تحوّل في ظرف قصير إلى ملاذ للخائفين ومركز ديني وعقائدي تحصّنَت فيه الشّخصية الوطنية. وقد كان إلى جانب دوره حينها في وضع جدار الصدّ ضدّ كلّ المحاولات لإذابة ومسخ الشّخصية الوطنية، عاملاً مهماً في نشر العقيدة الصحيحة والوعي الوطني والتشبّث بحبل الله المتين وتحفيظ كتاب الله للنّاشئة والرّاغبين.
وتكمن أهمية مسجد ابن أبي وقاص في كونه كان إلى عقود خلَت مقراً للكثير من العلماء المشهود لهم بالعلم والجهاد، منهم: العالم الجليل والمجاهد الشهيد عبدلي محمد بن شنيون، ثمّ الإمام مالك الحسين، والإمام لونيس محمد السعيد، والشيخ مداني القريشي...
وعرف المسجد شهرة كبيرة في عهد العالم الجليل والمجاهد الطاهر عبدلي، أحد أعضاء جمعية العلماء، والّذي كان مرجعاً دينياً قوياً في الإفتاء. ذاع صيته في ربوع الوطن ككلّ، وقد كان الشيخ عبد الرحمن الجيلالي، رحمه الله، يحيل أهل المنطقة إلى هذا المرجع، لمَا له من قدرة في هذا المجال.
المسجد اليوم يشهد إعادة تجديد كاملة بعد ما خبا عنه وهج السنين، وبدت احتمالات سقوطه في أيّة لحظة واردة. ولم يشأ روّاده اليوم، وبالتّحديد لجنته الدينية، أن يضمر هذا الصرح، وهو ما تمّ من خلال استفادته من مشروع لتجديده وإعادة بعثه للحياة مرّة أخرى.